رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيزنس الساحرة المستديرة.. «الدستور» يحقق فى بيع تذاكر كأس العالم بالسوق السوداء (تحقيق)

كاس العالم
كاس العالم

تتجه أنظار العالم في الوقت الحالي إلى قطر التي تستضيف كأس العالم 2022، ويشارك فيه 4 منتخبات عربية خرج 3 منها بعد انتهاء مرحلة المجموعات.

ولم تشتعل المنافسة داخل أرض الساحرة المستديرة فقط، ولكن كذلك على مواقع حجز تذاكر حضور مباريات كأس العالم، حيث ارتفعت أسعار التذاكر بسبب الإقبال عليها وحدث بها عجز، ما دفع البعض إلى البحث عن طرق أخرى لشراء التذاكر.

كان من بين تلك الطرق هو شراء التذاكر من السوق السوداء التي تبيع تلك التذاكر لحجز ومشاهدة مباريات كأس العالم بأسعار أعلى من أسعارها في المنافذ الرسمية استغلالًا لرغبة عاشقي الساحرة المستديرة في المشاهدة.

ويكشف «الدستور» في هذا التحقيق عن وجود سماسرة في مصر والوطن العربي يشترون تذاكر المونديال من الموقع الرسمي لـ«فيفا» بكميات ضخمة ومن ثم يبيعونها بعيدًا عن تلك المنافذ.

سمسار: «نوصلك تذكرتك لحد باب بيتك ولكن محتاج تدفع مبلغ إضافى»

كانت البداية مع أحد السماسرة يُدعى «أ.ش»، إذ قمنا بطلب شراء عدد من التذاكر الخاصة لحضور مباريات كأس العالم 2022 بعد رؤية منشور له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بإمكانية توفير عدد من التذاكر الخاصة بحضور سلسلة من مباريات كأس العالم بقطر لعام 2022.

إذ يقول «أ.ش» في بداية حديثه إن الذهاب لحضور المباريات على أرض الدولة الشقيقة قطر فرصة ذهبية لا تُعوض، وما يتعلق بإمكانية الحصول على تذكرة لحضور المباريات أصبح أمرًا سهلًا ومكلفًا في ذات الوقت، معلقًا: «نوصلك تذكرتك لحد باب بيتك، ولكن محتاج تدفع مبلغ إضافي».

وتابع أن سعر التذكرة الواحدة لحضور مباراة قد يختلف من فئة لأخرى، مؤكدًا أنه سيتمكن من توفير أي فئة يريدها بسعر أعلى من المعتاد، مبررًا ذلك بصعوبة الحصول على تذاكر خاصة في تلك الآونة، إذ يتسابق الكثيرون للحصول على المقاعد.

«تذكرة المباراة للفئة الرابعة تبدأ من 800 ريال قطري، وسعر الفئة الأولى تخطى 2500 ريال قطري، وإن الوثائق المطلوبة لإمكانية استكمال الحجز تتمثل في وجود صورة جواز السفر، صورة شخصية، صورة الاقامة إن وجدت، والدفع سيكون إلكترونيًا»، بحسب ما قاله السمسار لـ«الدستور».

 

قيمة التذكرة الواحدة 1800 ريال قطرى 

كما تواصل «الدستور» مع سمسار آخر، إذ عرض علينا شراء تذكرة للفئة الثالثة لحضور المبارة القادمة، قائلًا إنها متوافرة لديه وعلى وشك الانتهاء، وتكلفة التذكرة الخاصة بالفئة الثالثة 1800 ريال قطري، وهذه التكلفة أثارت اندهاشنا، كيف تفاقم سعر التذكرة من 200 ريال إلى 1800 ريال وأحيانًا قد يتخطى هذا المبلغ.

وتابع: «أنا هظبطلك الدنيا وهوفرلك تذكرة بس إحنا محتاجين ندفع زيادة شوية عن الطبيعي، الدنيا ولعت فعلا، والأسعار بقيت في العالي والناس كلها عايزة تحضر هناك»، مضيفًا أنه للحصول على بطاقة وتأشيرة للسفر إلى قطر قد يتكلف دفع مبلغ مالي قدره 5000 جنيه إلى جانب تكلفة تذاكر الطيران التي تتخطى تكلفتها 10000 جنيه.

لقد نشطت السوق السوداء لبيع التذاكرة الخاصة بحضور مباريات كأس العالم على أرض قطر الشقيقة منذ بدء فعالياته، إذ أوضح السمسار أن قيمة التذكرة فى بدء الأمر كانت في متناول الجميع، لكن في الوقت الحالي أصبح الأمر أكثر تعقيدًا ومكلفًا للغاية.

قطر تحاول منع السوق السوداء 

ويمنع القانون القطري والتدابير التي اتخذتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ستحول دون إيجاد أي فرصة للتجارة في بيع التذاكر، معلنة عبر اللجنة العليا للمشاريع والإرث عن أن موقع فيفا هو المصدر الوحيد لشراء تذاكر مباريات مونديال قطر، وليس أي منصة أخرى.

وأكدت وزارة العدل أنه تم اتخاذ كافة التدابير القانونية لاستضافة كأس العالم فيفا قطر 2022 وفقًا لأحدث النظم والتجارب الناجحة، ومن ضمنها وضع آليات مناسبة لمنع وجود سوق سوداء للتذاكر، كما أتيحت إمكانية استرجاع ثمن التذكرة في حال رغب صاحبها في ذلك.

ووضع الاتحاد الدولي لكرة القدم تدابير حاسمة لمنع السوق السوداء في تذاكر المونديال، حيث سيمنع بيع أو تخصيص التذاكر إلا عن طريق موقعه الإلكتروني.

شباب ابتاعوا التذاكر من السوق السوداء: «الغلاء دفعنا لذلك»

أحمد.خ، أحد الشباب عاشقي الكرة والذي يتابع عن كثب جميع المباريات المحلية والعربية والعالمية، لذلك اهتم بشدة بمتابعة مونديال قطر 2022، وكان لديه رغبة عارمة في حضور المباريات وحال دون ذلك أسباب عدة.

يقول: «أسعار التذاكر هذا العام مرتفعة بشدة ومحدش هيقدر من الجمهور العادي شراءها، لكن فيه إقبال من فئات معينة عشان كده إحنا بندور على السوق السوداء لتذاكر المونديال عشان يكون فيه فرصة لمشاهدة نجوم الكرة اللي بنحبهم».

وبيّن: «السوق السوداء بتكون نشيطة في المباريات اللي فيها نجوم كبيرة مثل مبارايات منتخب الأرجنتين بسبب النجم الأرجنتيني ميسي، عشان كده اضطريت اشتريها بمبلغ أكبر عشان أحقق حلمي بأني أشوف ميسي بيلعب».

وكان «كريم» حالة أخرى للشباب الذين وقعوا فريسة  لتذاكر المونديال في السوق السوداء، بسبب عشقه الشديد لكرة القدم منذ الصغر وهو ما دفعه إلى عزم الأمر بحضور مباريات كأس العالم هذا العام مهما كلفه الأمر.

حاول كريم حجز تذاكر المونديال من موقع فيفا إلا أنه لم يجدها بسبب الإقبال الشديد عليها من قبل جماهير الكرة: «كل الناس عايزة تتفرج على نجوم الساحرة المستديرة اللي بيلعبوا بحرفنة عشان كده فيه إقبال شديد على تذاكر المونديال».

عبر أحد منافذ السوق السوداء قام كريم بشراء تذاكر مباراة الأرجنتين لمشاهدة النجم ميسي بمبلغ 1200 ريال قطري رغم سعرها على موقع فيفا 200 دولار: "دفعت أكتر لكن هحقق حلمي بأني هشوف ميسي بيلعب قدامي".

وقائع ضبط سماسرة لبيع تذاكر المونديال

ويدلل على انتشار السوق السوداء لتذاكر المونديال هو ضبط الأجهزة الأمنية في قطر متهمين قاموا ببيع تذاكر المونديال في السوق السوداء قبل 6 أيام على انطلاق نهائيات كأس العالم، وبدأت في 20 نوفمبر الجاري وتستمر حتى 18 ديسمبر المقبل.

وأكدت صحيفة «العرب» القطرية، أن الجهات الأمنية تمكنت من ضبط 3 أشخاص، من جنسيات مختلفة، لقيامهم بإعادة بيع تذاكر بطولة كأس العالم قطر 2022 خارج المنافذ الرسمية المحددة لذلك والمعتمدة من فيفا والبلد المُضيف، مخالفين بذلك نص المادة رقم (19) من القانون رقم (10) لسنة 2021.

ووصل ثمن أغلى التذاكر المعروضة للنهائي الذي يقام في 18 ديسمبر، على ملعب "لوسيل"، إلى 5850 ريالا قطريا (1607 دولارات أمريكية) بزيادة قدرها 46 بالمائة مقارنة مع 1100 دولار لنهائي نسخة 2018 التي فازت بها فرنسا على حساب كرواتيا.

خبير قانونى يوضح عقوبة تداول تذاكر المونديال فى السوق السوداء 

على الدندراوي، خبير قانوني، يقول إن انطلاق فعاليات كأس العالم كان بمثابة شعلة وقود لتنشيط السوق السوداء، فقد ظهر على الساحة بالآونة الأخيرة عدد من السماسرة عملوا على رفع قيمة التذاكر المخصصة لحضور مباريات كأس العالم 2022 على أرض الدولة العربية قطر، مستغلين بذلك شغف الجمهور لحضور ذلك الحدث الضخم والاستثنائي.

ويتابع الدندراوي: «لقد تفاقمت قيمة التذاكر الخاصة بحجز المقاعد عن سعرها الطبيعي 50 ضعفًا، وهى تجارة غير مشروعة يُعاقب عليها قانون العقوبات المصري، لأنه بذلك تخترق قواعد الكرة، وتسعى كافة السلطات المحلية لرصد تلك المافيا التى تعرف على مصدر تلك التذاكر وطريقة تسويقها بشكل غير شرعي».

ويضيف: «إذا مارست أي شركة أو أي جهة غير مرخص لها بيع التذاكر الخاصة بكأس العالم يعد ذلك منافسة غير مشروعة وتجارة يعاقب عليها القانون، وعقوبة القائم بذلك دفع غرامة مالية قد تصل إلى 100 ألف، والسجن لمدة عام أو يزيد إذا كانت نسب الضرر كبيرة».

ويختتم: «يجب أن تسلط الدولة الضوء على تلك القضية، والعمل على تغليظ العقوبات الخاصة بخرق قواعد الكرة، لأن نسب الضرر الناتجة عن تلك التجارة غير المشروعة كبير»، كما طالب الجميع في نهاية حديثه بضرورة التعامل مع الجهات الرسمية واتباع الإجراءات المنصوص عليها للحصول على تذاكر المونديال حتى لا يقعوا في فخ هؤلاء السماسرة.