رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تكون زيارة ماكرون إلى واشنطن بداية انتهاء الحرب فى أوكرانيا؟

ماكرون وبايدن
ماكرون وبايدن

تمثل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للولايات المتحدة لعقد قمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، فرصة للتوصل إلى تسوية في أوكرانيا، مع ظهور تيار في الإدارة الأمريكية يؤيد وجهة النظر الفرنسية بدلًا من سياسة الهجوم الدائم على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومحاولة حصره في الزاوية، حسبما يرى محللون وخبراء تحدثوا لـ"الدستور".

وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، مهم جدًا ويعني تحركًا فرنسيًا للمساعي الدبلوماسية بشأن الحرب في أوكرانيا، والاعتراض على بعض السياسات الأمريكية تجاه روسيا في هذا التوقيت. 

ووصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة تستغرق يومين، كما يلتقي، اليوم الأربعاء، بالرئيس الأمريكي جو بايدن في بداية زيارة دولة تسلط الضوء على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وكذلك مخاوف من اندلاع حرب تجارية عبر المحيط الأطلسي.

غضب الفرنسيين

وأضاف فهمي في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن الزيارة مهمة وتؤكد أن فرنسا موجودة في كل التفاصيل، من الحرب في أوكرانيا إلى العلاقات الأمريكية الصينية المتوترة. بعد نحو 4 سنوات من الزيارة الأولى للرئيس الفرنسي إلى واشنطن عام 2018.

وأوضح أنه كانت هناك خلافات كبيرة بين باريس وواشنطن، بعدما أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا عن تحالف دفاعي باسم "أوكاش" أغضب الفرنسيين، لأنه نسف عقدهم الضخم الذي كان من المفترض أن تزود فيه فرنسا أستراليا بغواصات، مؤكدًا أن من مصلحة الأمريكيين أن يحافظوا على صلات طيبة مع الجانب الفرنسي. 

وأشار فهمي، إلى أنه رغم الحديث عن اصطفاف كامل ودعم كامل وتوافقات كاملة فيما يخص الملف الأوكراني، فإن هناك خلافات بشأن الأزمة، والفرنسيون سوف يبدأون هذا عبر اتباع استراتيجية التوافق أو التوازن من خلال دعوة فرنسا لتنظيم مؤتمر في باريس في ديسمبر المقبل لدعم كييف.

ومضى قائلًا: واشنطن تقترب من الموقف الفرنسي؛ خصوصًا مع وجود تيار في الإدارة الأمريكية يقوده الجنرال مارك هيميلي، يدعو إلى فرصة للتفاوض بين الروس والأوكران، وهنا يبرز الدور الفرنسي الذي يتبنى وجهة النظر ذاتها من المسألة.

وتابع أستاذ العلوم السياسية: الرغبة في مواجهة الخلافات الكبيرة بين البلدين هي عنوان هذه القمة، وسيكون هناك الكثير من النقاشات الطويلة في هذا الإطار، سواء بالنسبة للإجراءات التي اتخذت، كما أن الرئيس الفرنسي يريد الحصول على استثناءات لبعض القطاعات الأوروبية الحيوية، لكن في النهاية هو يتكلم باسم فرنسا.

واستطرد: أعتقد أن قانون "خفض التضخم" سوف يشغل حيزًا كبيرًا من المباحثات بين الرئيسين، لأن هناك مخاوف أوروبية من هذا الملف، خصوصًا ما يتعلق بالمنافسة مع الشركات الأوروبية في قطاعات مهمة مثل صناعة السيارات والبطاريات والطاقة النظيفة وغيرها. 

واختتم تصريحاته بالقول: اللقاء مهم ويعكس دلالات مهمة، أولاها حرص أوروبا من خلال فرنسا على التوصل لتسوية للأزمة الأوكرانية بصورة أو بأخرى. والرئيس ماكرون رشح الأمريكان بعدم وضع الرئيس الروسي في مساحة معينة، والقمة ستنجح لأن هناك مصالح استراتيجية تعاملية مع الأمريكان.

ملفات ثقيلة

من ناحيته، قال المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحمل العديد من الملفات في لقائه بالرئيس الأمريكي جو بايدن، أبرزها 3 ملفات هامة، اقتصادي وسياسي وعسكري.

وأضاف المحلل السياسي المقيم في فرنسا، أن الملف السياسي هو الأكثر تحشيدًا، وهو ارتداد الحرب الأوكرانية على المسار الأمريكي الأوروبي، لأن فرنسا تحمل لواء أوروبا في النهاية. وفي نفس الوقت الجميع يعرف أن ماكرون هو أكثر ديناميكية في هذه الدبلوماسية، وهو الذي حاول مرارًا وتكرارًا أن يضع نهاية لهذه الحرب. 

وأشار الجليدي، إلى أن ماكرون يريد أن يصنع دبلوماسية ذكية، ينزع من خلالها جلباب الدبلوماسية المتغطرسة، وكذلك يحاول أن يجد مكانًا لفرنسا في اللعبة، ولكن قانون الحرب غير كل هذه المعادلة، وجعل من أوروبا أكبر ضحية وأكبر دافع للأموال، وأكبر دافع للأسلحة، وأكبر دافع للسوق الأمريكية، ويذهب إلى واشنطن وهو في أزمة سياسية خانقة في الداخل الفرنسي، وكذلك أزمة تشتت وتفكك أوروبي كبيرة.

وتابع أن المشهد السياسي في أوروبا معقد جدًا، وهناك حرب خلف الكواليس بين الأوروبيين أنفسهم، وصراع خفي أصبح عالميًا مع ألمانيا، ما يجعل الثقل السياسي لهذه الزيارة كبيرًا جدًا، فيما لن يخلو اللقاء من بحث الملف الاقتصادي وتداعيات هذه الحرب الاقتصادية، وكذلك ما يسمى اليوم بحرب توحيد سعر الغاز.

ومضى قائلًا: هناك تحركات اجتماعية كبيرة جدًا في أوروبا ضد الحرب، وتداعياتها، والركود الذي تشهده أوروبا وبداية شتاء شعاره الأول "البرد والنقص الطاقي".

وأوضح أن الملف الأخير هو حرب الغواصات، بعد مشكلة الغواصات التي كانت ستباع إلى أستراليا، وكذلك انحياز ألمانيا لشراء سلاح أمريكي من المقاتلات، بعد أن كان هناك مشروع كبير ضخم لإنجاز مقاتلة موحدة، ثم تشتت هذا الحلم، ما يجعل فرص فرنسا لإيجاد أسواق السلاح راكدة جدًا.

واختتم تصريحاته بالقول: هناك وجه آخر لماكرون في هذه القمة، وهو الضغط على أمريكا في الشرق، ما يجعل الأمريكان دون مخرج شرق المتوسط، خاصة في الصراع الليبي. وفرنسا التي تريد أن تعود بقوة إلى هذا الصراع.

ماكرون في واشنطن

ووصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة تستغرق يومين، كما يلتقي، اليوم الأربعاء، بالرئيس الأمريكي جو بايدن في بداية زيارة دولة تسلط الضوء على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وكذلك مخاوف من اندلاع حرب تجارية عبر المحيط الأطلسي. 

وتعد هذه الزيارة الأولى لماكرون خلال فترة الرئاسة لجو بايدن، وذلك بسبب فيروس كورونا الذي اجتاح العالم خلال الأعوام الماضية. 

وقال مسئولون أمريكيون إن زيارة فرنسا للولايات المتحدة الأمريكية تعكس الروابط التاريخية بينهما، وكذلك الدور الحاسم الذي لعبته باريس، داخل الاتحاد الأوروبي، في التحالف الذي يواجه روسيا بشأن أوكرانيا.