رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى ميلاده.. لمحات من حياة الفنان أحمد زكى

 أحمد زكي
أحمد زكي

يعد الفنان أحمد زكي، والذي يحل اليوم ذكرى ميلاده، حيث ولد في مثل هذا اليوم الموافق 18 نوفمبر ولكن من عام 1946، بمدينة الزقازيق، واحدا من أبرع "المشخصاتية" الذين عرفتهم شاشة السينما المصرية منذ سبعينيات القرن الماضي.

 

ففي كل شخصية قدمها أحمد زكي، ترك بصمته الشخصية عليها، وتركت بدورها بصمتها علي روحه، فمن المعروف عنه إنه كان يظل أسير الشخصية السينمائية أو الفنية التي يقدمها حتي بعد أن يفرغ منها، تظل عالقة به كما ذكر الكثيرون من أصدقائه وزملائه في الوسط الفني.

أحمد زكي الذي لا يمكنك أن تتخيل ممثلا آخر يقوم بأدواره التي قدمها، فحتي يومنا هذا ومع تكرار عرض أفلامه، لا تستطيع أن تتخيل "أحمد سبع الليل"، والذي قدمه في فيلم البريء، إلا بشخصية أحمد زكي.

ومثله منتصر، الفتي "منتصر" الطائر المحلق على الطريق في الليلة الموعودة، الباحث عن براح السماء، وبراءة العمر الأخضر.

وفي كتابه "أحمد زكي .. قراءة في إبداعاته السينمائية"، يذهب مؤلفه الناقد السينمائي، دكتور وليد سيف، إلى أن أحمد زكي يدرك الفروق الدقيقة بين الشخصيات التي يؤديها، ومسألة الاختيار بالنسبة له تبتعد تمامًا عن النظرة السطحية للشخصية أو مهنتها، فهو يدرك جيدًا أن ضابط الشرطة الحاد العنيف في "زوجة رجل مهم"، يختلف تمامًا عن زميله الباحث عن المجرمين الحقيقيين باستماتة في الباشا. والذي يختلف أيضًا عن الضابط الذي تقمص شخصية اللص وذابت هويته وانطلق في رحلة البحث عن الذات في قمة أفلامه ودرة السينما المصرية "أرض الخوف".

وأن الشاب الذي يمارس الملاكمة كهواية إلي جانب عمله الأساسي في الغربة في "النمر الأسود"، يختلف تماما عن العابث اللاهي الذي يبحث عن مكسبه من خلال عضلاته والذي تصبح ممارسته الملاكمة بالنسبة له وسيلة للاسترزاق، وإن كان يحلم بسذاجة في الوصول إلي الأولمبياد.

ــ أحمد زكي وتألقه في الأداء الكوميدي

يلفت وليد سيف إلى أن تعبيرات أحمد زكي تتألق ولمساته وتفصيلاته الكوميدية التي يؤديها بمنتهي الجدية في "البيه البواب"، أو في دور الصحفي الصاعد إلى قمة الشهرة والنجاح على حساب مبادئه في "امرأة واحدة لا تكفي".

ولا يتردد أحمد زكي ــ بعد كل ما ناله من خبرة وما حققه من نجاحات ــ عن أن يقوم بدور جمال عبدالناصر الذي لا يزال ملء العين والقلب رغم أنه ليس هناك وجه شبه في الملامح بينهما، ولا تعد محاولات الماكيير ــ وستنجح جداــ هي السبب في تصديقنا للممثل، وإنما نصدقه لأنه اعتمد أساسًا علي معايشة الشخصية والموقف بأقصي قدر ممكن من المصداقية والقدرة علي تقمص روح الشخصية وأحاسيسها. 

وتتصاعد مغامرة الجرىء الواثق عندما يؤدي السادات ــ رغم توافر الشبه فمن نجح في أن نصدقه عبدالناصر، يصعب أن صدقه باعتباره السادات وهو لا يؤدي السادات في فترة محدودة كما فعل في "ناصر 56" ولكنه يعيش السادات شابا فيخفق قلبه حبا، يهفو للمغامرة الثورية علي غراره. 

ويتابع سيف: في مرحلة أخرى يمارس العمل السياسي كرجل ناضج وهو يخفي مرارة الشعور بأنه لم يحصل علي ما يستحقه مثلا زملائه من أعضاء تنظيم الضباط الأحرار وعندما يصبح رئيسا للجمهورية يحمل علي كاهله هموم وطن في أدق وأصعب الراحل. 

ــ أحمد زكي خامة نادرة من الأحجار الكريمة

عن فلسفة أحمد زكي في الفن والتمثيل، قال الدكتور وليد سيف: أحمد زكي حين درس التمثيل في معهد الفنون المسرحية لم يكن يشغل ذهنه بفكرة "النجم"؛ بل إنه بحكم مكوناته البيئية والنفسية والمعرفية، كان أبعد ما يكون عن الحلم بأن يكون نجما من نجوم السينما وفتيانها الأوائل من أمثال: رشدي أباظة، شكري سرحان، كمال الشناوي، عماد حمدي، صلاح ذو الفقار، أحمد مظهر، أحمد رمزي، وغيرهم من نجوم الشباك. ولربما كان في أعماقه الدفينة حلم يتألق سينمائيًا علي نحو من الأنحاء يعلو فوق النجومية الاصطناعية القائمة علي الدعاية والبريق والإبهار.

 

ــ أحمد زكي في بيت صلاح جاهين

ويضيف سيف: “لقد قدر لي أن أتعرف علي أحمد زكي وهو لا يزال يطلب العلم في معهد الفنون المسرحية، عرفته في بيت صديقي الشاعر الراحل صلاح جاهين، ذلك الذي كان كيانا إنسانيا فذا يحتوي روح أب وقلب أم، يحنو علي كل موهبة يلتقيها أو تلتقيه في طريق الحياة، كان يحتضن كوكبة من الشبان الواعدين، أذكر منهم أحمد زكي وشريف منير وصبري عبدالمنعم، ثم أصبح أحمد زكي طقسا يوميا في حياتي أنا والمرحوم سامي السلاموني، لا بد أن نلتقي كل يوم في أي مكان من الأمكنة الحميمية لنا جميعًا، وأزعم أنني أفهم شخصية أحمد زكي فهما دقيقا، وأزهو علي الجميع بأنني أول من تنبأ له بهذا التألق في وقت مبكر جدا، قبل "هاللو شلبي، و مدرسة المشاغبين، والعيال كبرت"، وعبرت عن ثقتي بموهبته في كتابات لا حصر لها ولهذا أبيح لنفسي أن أصف بعض ما كان في أعماقه من طموحات وأحلام وأفكار في فترة التكوين".