رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة الجزائر

أشاد بالدعم المصري.. أكاديمي جزائري: تنفيذ مخرجات القمة العربية يتطلب لجانا متخصصة

 عصام بن الشيخ
عصام بن الشيخ

قال الدكتور عصام بن الشيخ الأستاذ المحاضر بقسم العلوم السياسية بجامعة قاصدي مرباح بورقلة  أنه بفضل دعم مصر  وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، تمكنت الجزائر من تنسيق الجهود العربية وإنجاح القمة العربية الـ31 في الجزائر.

وأوضح عصام بن الشيخ في حوار مع "الدستور"، أن يجب تعيين لجان متخصصة تكلف بها عددا من الدول العربية لضمان نجاح الجامعة العربية في تنفيذ مخرجات قمة الجزائر، وإلى نص الحوار:

 - كيف ترى أهمية القمة العربية في هذا التوقيت الذي تمر به المنطقة والتطورات الدولية الحالية؟

تحت عنوان "لم الشمل" سبقت هذه القمة وثيقة الجزائر للم شمل الفصائل الفلسطينية الـ 14 التي وقعت على الالتزام بتحضير انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، وسعت الأنظمة العربية في قمة الجزائر الـ 31 لإعادة الاعتبار لمبدأ دورية الاجتماعات العادية، هذه القمة التي تستخدم لأول مرة الرقمنة للتخلص من المستندات والوثائق لتخفيف الأعباء الإدارية، متأخرة لثلاث سنوات منذ 2019 قامت خلالها تونس بتمثيل المجموعة العربية في المنظمات الدولية، لكننا شاهدنا فيها زيادة الانقسام العربي، وتراجع القضية الفلسطينية، واستمرار الازمة في سوريا وليبيا واليمن. 

أهمية القمة العربية في هذا التوقيت تكمن في تعبير كتلة الدول العربية عن نفسها كأمة موحدة بعد تجربتي الإغلاق الدولي لفيروس كورونا "كوفيد-19" والحرب الروسية ضد اوكرانيا، فلقد تقهقرت المجموعة العربية ولم تتمكن من عقد اجتماع دوري في مواجهة التحدي الصحي ثم الغذائي على التوالي، إذ أدى إغلاق الحدود ونقص الكمامات والأكسجين ولقاح كورونا، إلى اختبار هشاشة المنظومة الصحية العربية فرديا وجماعيا، وأدت الحرب في أوكرانيا إلى اختبار منظومة السيادة الغذائية العربية خصوصا في مجال الحبوب (القمح والذرة والأسمدة الفلاحية).

وبالعودة الى القضية المركزية قضية فلسطين، ستقوم الجزائر بدراسة فرص عرض عقد جلسة استثنائية في الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على منح الدولة الفلسطينية العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، حسب ما أكده رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون، فحين نربط تصريح الرئيس الفلسطيني حول لجنة الرباعية الدولية للسلام، نجد أن الفرصة مواتية لإعادة تقوية منظمة التحرير الفلسطينية ومنع تصفيتها.

- كيف ترى أهمية استضافة الجزائر لهذه القمة والحشد لها؟

نجاح الجزائر في حشد الحضور العربي يعود لقدرة الدولة الجزائرية على جمع محددات قوتها على الصعيدين الداخلي والخارجي، فبعد انتخاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في (12/12/2019) تم تنفيذ جميع التزاماته الانتخابية بعقد الانتخابات التشريعية وإنشاء العديد من المؤسسات والهيئات الدستورية المحلية حتى تكون داعما للدبلوماسية الجزائرية وجاهزية الجيش الجزائري في الدفاع عن مختلف القضايا الوطنية. 

وساهم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في رسم خطة تفعيل قوي للدبلوماسية الجزائرية التي غابت عن المسرح الإقليمي والدولي لبضع سنوات، إن أهم ما يمكن ملاحظته في التزامات الرئيس الجزائري هو حواراته الشهرية مع الإعلام لتقديم كشف عن إنجازاته المتتالية رغم فترة الانقطاع بسبب فترة علاجه في ألمانيا. 

بعد ذلك، تمكن رئيس الجمهورية من زيارة الرياض والقاهرة، وتحضير القمة العربية التي شهدها بلدنا خلال اليومين الماضيين. 

وبفضل دعم الجمهورية المصرية وأمين عام الجامعة العربية، تمكنت الجزائر من تنسيق الجهود العربية وتوصيل دعوات القمة إلى جميع قيادات الدول العربية في 22 دولة عربية شقيقة. وإن أحد أهم دوافع نجاح هذه القمة، رغبة الشعب الجزائري في مشاهدة قادة الدول العربية على أرض الشهداء لمد أواصر الأخوة والتضامن.

وكنا نتأمل حضور الدولة السورية لإعلان عودة سوريا للجامعة العربية لولا طلب دمشق نفسها عدم إدراج عودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية.

- برأيك كيف يمكن تنفيذ مخرجات قمة الجزائر من اجل دعم القضايا العربية؟

أدى اجتماع مندوبي الجامعة العربية ثم اجتماع وزراء الخارجية إلى تحديد جدول أعمال القمة، لكنني أرى ان قمة الجزائر اعتمدت فعليا على نظرية الكوميتولوجي Comitology (لجان اللجان) بتعيين لجان متخصصة تكلف بها عددا من الدول العربية لضمان نجاح الجامعة العربية في تنفيذ الرؤى، مثل رئاسة مصر للجنة التزام الدول بتنفيذ مضامين الاتفاقيات، ورئاسة الجزائر للجنة متخصصة في مشاركة هيئات المجتمع المدني في الوطن العربي، إضافة إلى رئاسة الجزائر لجهود المجموعة العربية في الأمم المتحدة، للدفاع عن القضية الفلسطينية، خاصة بعد نجاح الجزائر في الحصول على عضوية مجلس الامن عام 2023. 

وآن الاعتماد على  "الكوميتولوجي" أو لجان الحل هو وسيلة فعالة لمتابعة الملفات، لكن آلية ظرفية تتبع انعقاد القمم العربية، ولا تزال المؤسسات التنظيمية في الجامعة العربية تواجه تحديات كثيرة لمأسسة الجهود العربية بشكل تدريجي لبلوغ هدف الوحدة العربية، فأحد أهم شروط الوحدة العربية للعمل العربي المشترك محققة، فكل تجمع يقل عن نصف مليار نسمة لا يمكنه مواجهة التحديات الدولية دون إطار جماعي، لذلك تحقق الدول وهي مجتمعة ما تعجز عن تحقيقه وهي منفردة، والعرب يمتلكون كل محددان القوة من التاريخ الموحد واللغة الموحدة والأرض الواحدة، وهو أهم محددات نجاح سياسة الجوار والقرب العربي لمحو الحدود وتجاوز العقبات. 

- ما أهم التحديات التي قد تواجه تنفيذ نتائج القمة العربية بالجزائر؟

أهم التحديات التي تواجه تنفيذ قرارات القمة العربية في الجزائر هي غياب الأطر المؤسسية، لا يملك العرب بنكا موحدا ولا عملة موحدة، وتجربتهم في منطقة التجارة الحرة لم تكن موفقة بسبب عجزهم عن توحيد سياساتهم الجمركية، ولا يمتلك العرب محكمة موحدة رغم نجاحهم في تأسيس برلمان عربي موحد.

 ولا يزال حلم العرب بمشاهدة جيش عربي موحد للتدخل في مناطق النزاع عربيا دون تدخل أية اطراف أجنبية، هذه التحديات تدل أن ما صدر عن قمة الجزائر بشكل توافقي بعيدا عن التصويت رغم حسم قضية الأغلبية وعدم اشتراط الاجماع، دليل على أن العرب لم يدخلوا إلى حد الساعة في صلب نقاش جميع المنظمات الدولية، التي تؤسس كتلة موحدة في مواجهة مختلف المنظمات المنافسة.

 ما انبثق عن قمة الجزائر كان بحضور الأمناء العامين لعدة منظمات دولية مثل هيئة الأمم المتحدة، منظمة المؤتمر الإسلامي، منظمة الاتحاد الإفريقي، منظمة دول عدم الانحياز، وبدعم من الرئيسين الصيني والروسي اللذين باركا قيادة الجزائر للجامعة وباركا مخرجات قمة الجزائر. 

ومع ذلك، يجب أن تطرح الأمة العربية قضاياها وانشغالاتها مع بقية الأمم، ولعل "قمة العرب- الصين" الرياض المقبلة التي ستعقد في (9/12/2022) ستكون أول قيادة جزائرية للجامعة العربية ليبحث العرب عن شركاء حقيقيين لتدعيم سيادتهم، وحسم انتظاراتهم وحاجاتهم القومية في مختلف المجالات الدفاعية والأمنية والدبلوماسية والصحية والغذائية. 

- ما الذي يميز قمة الجزائر عن القمم السابقة خاصة وأنها القمة الأولى منذ وباء كورونا؟

قمة الجزائر تتميز بحضور مصري قوي للرئيس عبد الفتاح السيسي ولن تكون القمة العربية ناجحة في غياب مصر، قمة الجزائر شهدت مشاركة مميزة لولي العهد الأردني المسؤول مستقبلا عن القدس والمسجد الأقصى، ومشاركة ولي العهد الكويتي حيث أن الكويت ضمير عربي أصيل يجاهر بنصرة فلسطين، كما كانت مشاركة الرئيس العراقي مميزة، خاصة بعد نجاح البرلمان العراقي في استصدار قرار لتجريم التطبيع.

كما تعتبر قمة الجزائر مهمة جدا لأنها تساند قطر وتدعم الدوحة في تنظيمها لكأس العالم 2022 باسم الامة العربية، ورفض تصريحات الوزيرة الألمانية ضد قطر، كما دعمت قمة الجزائر جهود الدولة المصرية لتنظيم قمة المناخ وجهود المملكة العربية السعودية لتنظيم معرض إكسبو. 

وهذه المساندة العربية للدول بعضها البعض، رسالة للكيان الصهيوني الذي عقد انتخاباته التشريعية في نفس توقيت انعقاد القمة العربية، لإفشال جهود الجزائر في لم الشمل الفلسطيني، ولم الشمل العربي.

- كيف يمكن للجامعة العربية دعم مبادرات جديدة لتعزيز العمل المشترك ومواجهة التحديات الدولية؟

يمكن للجامعة العربية دعم مبادرات جديدة خلال رئاسة الجزائر للقمة العربية عام 2023 عبر دعم مبادرة الجزائر لتقديم طلب الاعتراف بعضوية فلسطين الكاملة في هيئة الامم المتحدة، فلا ننسى أن الجزائر كانت سدا منيعا للحؤول دون حصول الكيان الصهيوني على عضوية مراقب في الاتحاد الافريقي. 

ويمكن للعرب استغلال رئاسة الجزائر للجامعة العربية لعقد قمة عربية إفريقية ناجحة، فالاتحاد الافريقي شيد مؤسسات هامة لم تتحقق في المنظمة العربية، مثل المفوضة السامية للاتحاد الإفريقي، ومجلس السلم والأمن،  كما أن الجزائر لها دور فعال في تأسيس ما يسمى مجموعات الاتصال لدول الجوار، وهي آلية هامة لمنع تدخل القوى الأجنبية في مناطق النزاع، واستغلال آلية سياسة الجوار والقرب، ويمكن للعرب استخدام نفس المقاربة لحل النزاعات الإقليمية داخل الخيمة العربية.

ويمكن للجزائر تنسيق جهودها مع القاهرة والرياض لعقد علاقات قوية مع الصين، خصوصا وان الجزائر ومصر والمملكة العربية السعودية دول تخطط للانضمام لمجموعة بريكس،  ويمكن للدول العربية الأخرى التي لم تدرج انشغالاتها أن تطرح قضاياها بكل شفافية، خاصة وان الشعوب العربية لديها انتظارات تتعلق بما يسمى بـ 15 انشغالا عالميا يخص الطاقة الصحة التعليم الأنترنت المياه الكهرباء الغذاء وغيرها.

وعلى الدول العربية استغلال كل الأطر والفرص التي يمكن من خلالها طرح انشغالاتها، بكل شفافية وصراحة، فلبنان يعاني من ازمة غذاء ومشكلة طاقة حادة حسمها في ترسيم حدوده حول حقل كاريش، ونتمنى لجميع الدول العربية المختلة أراضيها ان تستعيد حقوقها كاملة غير منقوصة، وبالقانون.