رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"مراد وهبه" فيلسوف معاصر (4-5)


الديمقراطية عند الدكتور مراد وهبة، ليست فقط صندوق انتخابات ولكن لها أربعة مكونات: العَلمانية والعقد الاجتماعي والتنوير والليبرالية، واستغرق تحقيقها أربعة قرون في أوروبا، ونتج عنها بزوغ الثورة العلمية والتكنولوجية في القرن العشرين.

مفجر العَلمانية- بفتح العين- هو العالم الفلكي البولندي نيقولا كوبرنيكس (١٤٧٣- ١٥٤٣) عندما أعلن أن الأرض تدور حول الشمس، ومن ثم لم تعد مركزاً للكون، وبالتالى لم يعد الإنسان مركزاَ للكون، الأمر الذي ترتب عليه عدم إمكان الإنسان امتلاك الحقيقة المطلقة، ومن هنا جاء تعريف وهبه للعَلمانية بأنها التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق ، فالعَلمانية تعنى العَالَم المتزمن بالزمان، ومن هذه الزاوية تقال العَلمانية على العالم الزمانى والنسبى، ويؤكد وهبة بأن العَلمانية ليست هى فصل الدين عن نظام الحكم، لأن هذا الفصل معلول للعلمانية التى هى العلة فى هذا الفصل، ومعنى ذلك أنه عندما يكون أسلوب تفكيرك علمانيًا يكون فى إمكانك قبول فصل الدين عن نظام الحكم وعكس ذلك ليس بالصحيح، ومن هنا فالعَلمانية عند وهبه هي: أسلوب فى التفكير قبل أن تكون أسلوبًا فى السياسة. وفي القرن السابع عشر تأسست نظرية العقد الاجتماعي عند الفيلسوف الإنجليزى جون لوك (١٦٣٢- ١٧٠٤)، وموجز النظرية أن المجتمع من صنع الإنسان، ومن ثم ينتفي مبدأ الحق الإلهى للملوك، أى أنه ليس من حق الملك الزعم بأن سلطانه مستمد من سلطان الله، إذ هو مستمد من سلطان الشعب، ولابد من تكوين مجتمع بـ«عقد اجتماعى» ينص على «موافقة» البشر على التنازل عن بعض حقوقهم لحاكم يأتى بإرادتهم فى مقابل أن يحقق لهم الأمن والأمان، ويستلزم ذلك أن يكون سلطان الحاكم سلطاناً نسبياً وليس سلطاناً مطلقاً، ويستلزم ذلك أيضاً أن المفاهيم المترتبة على العقد الاجتماعى تكون مفاهيم نسبية بالضرورة، ويأتى فى مقدمة هذه المفاهيم مفهوم التسامح، وقد حرر لوك «رسالة فى التسامح» نشرها فى عام ١٦٨٩، وينتقى منها وهبة أربع عبارات هامة هى: «ليس من حق أحد أن يقتحم، باسم الدين، الحقوق المدنية والأمور الدنيوية»، «فن الحكم ينبغى ألا يحمل فى طياته أية معرفة عن الدين الحق»، «خلاص النفوس من شأن الله وحده»، «الله لم يفوض أحداً فى أن يفرض على أى إنسان ديناً معيناً». ما مغزى هذه العبارات؟ يقول مراد وهبه إن مغزى هذه العبارات عند لوك، أن التسامح يستلزم ألا يكون للدولة دين حتى لو كان هذا الدين، من بين الأديان الأخرى، هو دين الأغلبية لأنه لو حدث عكس ذلك، أى لو كان للدولة دين الأغلبية فتكون هذه الأغلبية طاغية بحكم طبيعة الدين، وعندئذ يمتنع التسامح بحكم أنه نسبى لأنه من إفراز العقد الاجتماعى المؤسس على العَلمانية.

راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا مصر

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.