رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلال الجلسة العلمية الثالثة بالمؤتمر العالمي للإفتاء:

مفتى سنغافورة: العصر الذى نعيش فيه شديد التعقيد والتغير

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

قال الشيخ محمد عمر كوني، وزير الأوقاف والشئون الدينية بمالي، خلال ترؤسه الجلسة العلمية الثالثة التي انطلقت تحت عنوان "الفتوى ودعم الاقتصاد الوطني" بالمؤتمر العالمي السابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الفتوى تعد عاملًا أساسيًّا لدعم اقتصاد الشعوب، ويجب أن نكون في فتوانا بنَّائين لا مخرِّبين؛ ذلك لأن استخدام الإنسان لكلمة واحدة إما تجعل منها جنة ونعيمًا وإما جحيمًا وثبورًا.

وأضاف أن حسن استخدام العبارات له أهمية قصوى، والاقتصاد لا يمكن له الازدهار إلا في ظل استقرار الأوضاع بالكلمة الحسنة التي تبني وتعمر، موضحًا أنه إذا تسببت الفتوى في بلبلة المجتمع تسببت في دمار وخراب، وأنَّ الفتوى الصحيحة تأتي داعمة للمواطن في النهوض بكل ما يخص أمور دينه ودنياه وتسهم في تحقيق التنمية اللازمة لنهوض المجتمعات.

وعرض الدكتور ناظر الدين محمد - مفتي سنغافورة - تجربة لجنة الإفتاء بسنغافورة في معالجة القضايا المستجدة الملحَّة وبيان الحكم الشرعي في مجال الأطعمة والأوقاف في كلمة ألقاها نيابة عنه الشيخ محمد رزخان بن ليمان عضو لجنة الإفتاء في سنغافورة، مشيرًا إلى أنَّ من أهم المعتبرات التي ارتأت فيها لجنة الإفتاء بسنغافورة قبل إصدار الفتوى تصور الواقع تصورًا صحيحًا بكل تفاصيله خاصة وضعَنا بسنغافورة. ومرحلة تصور واقع سنغافورة مرحلة عويصة حيث إن العصر الذي نعيش فيه شديد التعقيد وشديد التغير يتطلب من أهل العلم أن يدركوا هذه التغيرات والواقع المعقَّد، وفي نفس الوقت نراعي النصوص وقواعدها المرعية ومآلات الأمور.

وأضاف أن واقع سنغافورة تأثَّر بالأحداث التي حدثت في العالم كله في كل مجالات الحياة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا لتدل على أنَّ تصور الواقع لا يقتصر على إدراك واقعه فحسب، بل يتعدى إلى إدراك واقع العالم بأكمله وقد مثَّلنا ذلك بجائحة كورونا حيث أثَّرتْ تأثيرًا بالغًا في وضعنا الحالي اقتصاديًّا وذلك بتعطل سلسلة الإمدادات الغذائية وبتوقف السياحة نظرًا لشيوع الوباء، كل هذه العوامل والأحوال تضطرنا إلى البحث عن التنمية المستدامة والحلول الملائمة للواقع الذي نعيش فيه، وذلك عن طريق بناء المناهج المعتبرة في الإفتاء كالاستنجاد بالعلوم الحديثة المتطورة كعلم النفس وعلم الاجتماع، والاستعانة بأهل الاختصاص في كافة المجالات.

واختتم مفتي سنغافورة كلمته بعرض نموذجين؛ الأول: في مجال الوقف كالفتوى التي أصدرتها لجنة الإفتاء، وهي وقف الاستبدال، والنموذج الثاني في مجال الأطعمة الذي بحثتها اللجنة كاللحوم المصنعة في المعمل وبروتين البديل، وقد أتينا بهما لبيان كيف أن هذه الفتوى والمسائل دعمت بناء الاقتصاد الوطني وتحقيق الأهداف الاقتصادية للتنمية المستدامة مستدلين ببعض الإحصائيات في سنغافورة لتقرير هذا المعنى.

وقال أ.د. محمد بن يحيى النينوي عميد كلية المدينة للدراسات الإسلامية والبحوث في الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية جنوب أفريقيا في كلمة له بعنوان "الفتوى ومواجهة التحديات العالمية": إن التحديات المعاصرة هائلة ويمكن للفتوى أن تحفف من وطأة هذه التحديات عبر إزالة الجهل بالعلم المؤصل، وتصحيح مسار الفرد والمجتمع بالفتوى الصحيحة السليمة، والتركيز على الأثر الأخلاقي القِيمي التربوي على المستفتي والمجتمع، والتعامل مع واقع عالمية أثر الفتوى في هذه العصور بخلاف العصور الماضية، والتنبه على ضرورة استبطان المقاصد، وتحقيق المناطات، والارتكاز على القواعد الفقهية الكلية؛ إلحاقًا وتخريجًا للفروع والنوازل بحيث يتحقق التجديد الفقهي المنشود، وضبطًا لعملية الفتوى بحيث تكون مضطردة مع منهجية استنباط الأحكام، واستحداث ورش عمل لتنمية الدربة والملكة العلمية للمكلفين بالفتوى، حتى نوَفَّقَ لكشف وبيان مراد الله تعالى على أفضل الصور وأجملها.

فيما توجه الدكتور مرزوق أولاد عبد الله، عضو المجلس العلمي المغربي لأوروبا، الشكر لدار الإفتاء المصرية على طرح فكرة هامة مثل فكرة المؤتمر على الساحة العربية والإفتائية، مشيرًا إلى أننا علينا التركيز نحو المستقبل وعلى المستحدثات والمستجدات التي يأتي بها الزمن في عالمنا هذا.

وأضاف: لا يمكن أن نفصل بين الدين والعبادة والاقتصاد، فعندما أهمل المسلمون الاقتصاد أصبحوا في مؤخرة الأمم، موضحًا أن الله ربط العبادة بالاقتصاد وبالتالي لا بدَّ أن يسيرا إلى جانب بعضهما البعض، وعلينا ترسيخ هذه المفاهيم في المؤسسات العلمية والاجتماعية والدينية، وكذلك وضع قواعد من خلال مؤتمرات دار الإفتاء المصرية، مطالبًا بنشر هذا الفكر من خلال وسائل الإعلام المختلفة، حتى نستطيع أن نعمل على ضمان الحياة الكريمة لكلِّ فرد وأسرة وللدولة أيضًا.

وأوضح الدكتور مرزوق أن الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما هاجر إلى المدينة أقام نظامًا اقتصاديًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، مؤكدًا أن الأمن النفسي والاقتصادي هام جدًا للمجتمعات العربية والإسلامية وللمسلمين في المجتمعات الغربية أيضًا.

ولفت دكتور مرزوق النظر إلى أنَّ هناك أيضًا بعض الفتاوى التي تعمل على عرقلة الاستثمار والتنمية، مشيرًا إلى أنها تصدر عن غير المتخصصين، متطلعًا إلى أن يتم التواصل مع المسلمين بالغرب لإفادتهم بالفتاوى الهادفة في هذا الشأن متمنيًا التوفيق لمؤتمر دار الإفتاء المصرية.