رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«القاهرة الإخبارية».. صوت مصر فى كل مكان

(1)

إذا كنت تعرفني؛ فقد يدفعك العنوان لقراءة أول فقرة بشكل سريع، تسأل نفسك، ما الذي سيكتبه صحفي لا علاقة له بالتليفزيون ولم يعمل في أي قناة تليفزيونية، سواءً في الإعداد أو التقديم، عن قناة إخبارية لم تبدأ بثها بعد؟

لكني هنا أكتب بصفتي مواطنًا مصريًا، عايشت كما الكثيرون ثورتي يناير و30 يونيو، وخلال الوقت الذي كنت أذهب فيه للمنزل لآخذ راحة من التغطية، كنت أنشغل بالبحث عن التغطيات الأجنبية لما يحدث في الشوارع، واندهشت بل ذهلت من مشاهد أراها في التلفاز، ولا أثر لها على الأرض.

كانت هذه هى المرة الأولى التي تحتل فيها الفكرة رأسي، لماذا لا توجد قناة مصرية تنقل لغير المصريين ما يجري، بدلًا من أصحاب الأجندات الخارجية؟ كانت التغطيات الكاذبة تدفعني للجنون، لم تكن مجرد قنوات إخبارية، بل كانت يدًا يمنى للفوضى، وأداة للإرهاب. 

(2)

بحكم عملي، مررت بمراحل تطور الإعلام المصري مرتين، مرة كمواطن، يشاهد ويقيّم بعينه الواسعة تجاربنا، مقارنة بالتجارب المحيطة، ومرة كصحفي، وظل يحاصرني نفس السؤال منذ يناير 2011 وحتى يونيو 2022، لماذا لا تمتلك مصر قناة إخبارية إقليمية تليق بحضارتها وتاريخها وجيشها الصحفي والإعلامي؟

حاولت، على خجل، أن أضع نموذج عمل لصحيفة باللغة الإنجليزية، كان يدفعني للغضب مواقع أجنبية تكتب عن مصر بلغة لا يعرفها المصريون فيتصدون لها، وفي نفس الوقت ينقلها الغرب كأنها حقيقة فتسيء لنا، لكني فشلت لأسباب لا مجال لذكرها، ظل الأمر كذلك حتى سمعت الرئيس يقول: “هاتوا حاجة كده وحاجة كده.. علشان ننقل ونقدر نغير الثقافة للمواطنين”، وهو ما تبعه الإعلان عن قطاع الأخبار.

تابعت حديث الرئيس، وضعت تصوراتي كعادتي، وانتظرت، وأملت، وتحقق أملي بإعلان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن "قطاع أخبار المتحدة"، شعرت بالحنين والأمل والثقة فور سماع الاسم.

(3)

"قطاع أخبار المتحدة" اسم ذكرني بسنوات الطفولة، كانت لمصر فيها ريادة إعلامية مركزها ماسبيرو، كنا نسمع يوميًا أخبار العرب عبر قنواتنا المحلية، فور قراءتي الإعلان عن  “قطاع أخبار المتحدة”، متضمنًا “قناة القاهرة الإخبارية”، لمست صوتًا قديمًا في أذني يقول: “خميس أبوالعافية.. قطاع الأخبار”.

حمل الإعلان عن أحمد الطاهري رئيسًا، وعن تدشين القناة بالتعاون مع بيوت الخبرة العالمية، عدة إشارات، فـ"الطاهري" له باع طويل في العمل الصحفي الخاص والعام.

لكن ما يميزه أيضًا تجربته مع المراكز البحثية في الولايات المتحدة، وعلاقته بالمجتمع المدني من خلال النادي الدولي للسياسات الخارجية، ما يؤهله تمامًا لتقييم دراسات تلك البيوت، بما يؤسس لنجاح التجربة الجديدة.

(4)

بعد الإعلان توالت المفاجآت، فكما يُعرف الكتاب من عنوانه، عرفت إطلالة القناة من فيديوهاتها الترويجية، التي حملت إشارات واضحة لكونها ليست مجرد قناة محلية تحمل في طياتها برامج للحديث عن العالم عبر فقرات جامدة معدة مسبقًا.

فعلى جانب شمول التغطية، أكدت "البروموهات" أن "القاهرة الإخبارية" موجودة على الأرض، في واشنطن، في السودان، في برلين، في موسكو، في لندن، في اليونان، وعلى الجانب التقني، حملت الفيديوهات الترويجية لمحات رائعة من جودة القناة الوليدة، إضافة لكونها تأتي باللغتين العربية والإنجليزية.

وكما ينقشع الضباب شيئًا فشيئًا، تكشف لنا إدارة القناة رؤيتها التي لا تجد نفسك إلا متفقًا معها، فمع استعادة روح مدرسة مصر الأصيلة في الأخبار “ماسبيرو”، والاستعانة بشباب إكسترا الذي صقلته الخبرة على مدار عام، أعلن الطاهري عن الاستعانة بـ10% من المذيعين العرب ضمن فريق عمل القناة، وهى خطوة ذكية لجلب المستمعين العرب.

(5)

المهمة ليست سهلة وليست مستحيلة أيضًا، فقناتنا الجديدة تواجه ثلاثة تحديات: 

  • تخمة في القنوات والبرامج، وهو ما يمكن التغلب عليه، إذ إن المشكلة تأتي من تكرار المعالجات لنفس القصص، وهو ما لا أتصور أن "القاهرة الإخبارية" تفعله.
  • قوة المنافسة، فـ"القاهرة الإخبارية" تأتي وسط منافسة شرسة من قنوات عملاقة، فبريطانيا لديها “بي بي سي” و"سكاي نيوز"، والسعودية لديها “العربية”، وألمانيا لديها “DW”، وباريس لديها “فرنسا 24”، وغيرها الكثير.
  • مستجدات الصحافة الشعبية.. فـ"الجيل z" بات كل فرد فيه يحمل قناة متنقلة، ويميل إلى مشاهدة ما يقدمه منافسوه، وهنا ضرورة أن تضع القناة في استراتيجيتها آلية للوصول لهذا الجيل.

وأخيرًا ننتظر من “القاهرة الإخبارية” الكثير، فهى لم تولد لتكن قناة محلية، فلدينا من القنوات المحلية الكثير وقد أثبتت جدارتها وحازت ثقة المشاهد، لكنها ولدت لتصدح من كل مكان.. “هنا القاهرة عاصمة الخبر”.