رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس التنفيذي لمؤشرات الاستدامة: ندعو إلى إفساح المجال لمزيد من العصف الذهني والحوار الخلاق

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

أعرب الدكتور رولاند شاتس الرئيس التنفيذي لمعهد مؤشرات الاستدامة بالأمم المتحدة: عن سعادته بالمشاركة في فعاليات المؤتمر العالمي السابع لدار الإفتاء المصرية المنعقد تحت عنوان: الفتوى وأهداف التنمية المستدامة، موجهًا شكره للسادة الحضور لجهودهم للمجيء للقاهرة قبل ثلاثة أسابيع من مؤتمر الأطراف الذي سيعقد في شرم الشيخ تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي وفريقه الملهم.

وأضاف في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي السابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم مضيفًا أنه في حين يبدع القرآن الكريم في وصف خلق الله لأجمل مخلوقاته، الطبيعة والإنسان، هذين العنصرين اللذين تمثل العلاقة بينهما وبين الله مثلثًا تام الأضلاع، حيث يسير الإنسان في الأرض مفكرًا ليهتدي من خلال النظر فيها إلى الله، أو يستعين بالله ويستهديه لاكتشاف قوانين الطبيعة، فيحرز التطور الإنساني على وَفق سنن الله وحكمته؛ فمن المؤسف أننا اليوم أسأنا فهم هذه العلاقة حين أسأنا إلى أمِّنا الأرض بصورة باتت تهدِّد حاضرنا وحضارتنا، بل مستقبلنا ومستقبل أولادنا.

وأكد أنه لم يعد سعينا في الأرض "لمجد الله وحده"، فقد غيبنا هذه الغاية من المعادلة، وأحللنا محلها مصالحنا الضيقة وأنانيتنا العمياء، وصرنا في حاجة ماسة إلى العودة لتحقيق التكامل بين أضلاع المثلث: الله، والإنسان، والعالم.

وشدد على أن للموسيقى قدرة عالية على إعادة النشاط وبث الحيوية في نفسي في الأوقات التي أفقد فيها طاقتي، إنها كالشمس مصدر طاقة متجدد، وقد استطاع يوهان سبستيان باخ -أحد أكبر عباقرة الموسيقى الغربية- أن يمسَّ جوهر الإنسانية ويعزف على أوتارها بينما تعزف أنامله على آلاته الموسيقية التي كتب عنها: "فن الفوجا"، الذي ألَّفه في أخريات حياته حين بدأ يفقد بصره، ووقَّع عليه تلك العبارة الخالدة: Soli Deo Gloria، أي لمجد الله وحده، لا من أجل الغرور والأنانية والمصلحة الذاتية.

وأضاف لقد شرف كثير منا بمقابلة السيد كوفي عنان، الذي لقِّب في مقتبل عمره بسفير الأمل، حينما عمل سفيرًا لغانا في القاهرة. لقد كان السيد عنان قادرًا على لمس جوهر الإنسان الذي عزف عليه باخ أنغامه الخالدة؛ لقد رأى أجمل ما في الإنسان والطبيعة انعكاسًا لعظمة الخالق وفضله عليهما، وفي خطوة تاريخية تشبه خطوة أول إنسان على سطح القمر، تلك التي كانت خطوة كبيرة للبشرية، صاغ كوفي عنان الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة، فجاءت حلًّا مناسبًا في وقته المناسب لمشكلات تعاني بسببها الإنسانية، وتضع الأمم المتحدة في مرمى الاتهام بالتقصير. على أنَّ تلك الأهداف الإنمائية لم تستهدف التنمية المستدامة؛ ففي حين دعا السيد عنان في سنة 2000 إلى الحدِّ من الفقر بحلول سنة 2015، تهدف خطط التنمية المستدامة اليوم إلى القضاء عليه بحلول 2030، وفي حين دعا إلى تحسين فرص التعليم، تهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق مبدأ "التعليم للجميع".

لفت النظر إلى أننا نلتمس العذر للسيد عنان كونه أمين عام منظمة تضم عددًا من الدول أعضاؤها متنفذون، لكنه لا يملك سلطة تنفيذية، بل كان دَوره مقتصرًا على تقديم التوصيات، فجرى صك مصطلحات الأمم المتحدة بصورة تضمن عدم المساءلة على التقصير فيها.

وتابع في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي السابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: لكن، لمَّا تضافرت جهود الدول الأعضاء في سبيل تحديد بوصلة تهدي الإنسانية وتدعمها في مجال السياسة والعلم والأعمال والرياضة والأديان، وتعمل على تصويب العلاقة بين الإنسان والعالم في ضوء الهدي القرآن، غمرني الأمل في أن هذه الأهداف السبعة عشر، وما يندرج تحتها من مائة وتسعة وستين بندًا محددة ستصبح مظلَّة جامعة للنظر فيما هو مشترك بيننا وتجاوز نقاط الاختلاف التي تفرقنا.

وأكد على أن قيادات 193 دولة في الأمانة العامة للأمم المتحدة عبَّرت عن عزمهم العمل الجاد الدءوب لتحقيق هذه الأهداف. وقد ضربوا موعدًا زمنيًّا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، في اليوم الأخير من عام 2030 ستصبح أهداف التنمية المستدامة الـ 17 واقعًا مشاهدًا، من أندورا وكندا حتى مصر وعمان، وصولًا إلى زيمبابوي. وكان إجماع الدول الـ193 سابقة تاريخية لم تحدث من قبل، إنه أمر بدا رائعًا كحلم جميل أخذ يتحقق!

وأوضح أنه لما تولَّى عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، كان يعرف أنه ليس وحيدًا، فمعه أنجيلا ميركل والرئيس أوباما والرئيس بوتين وآخرون، جميعهم كانوا مستعدين لتقديم الدعم المادي، ومتأكدين من وجود المعارف اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ولم تَبْقَ إلا مشكلة تحرير العقول من ضيق الأفق والتشاؤم والسخرية، مشيرًا إلى أننا قد أوشكنا على بلوغ منتصف الطريق إلى الهدف، وإنجاز الحلم الذي بدأناه في 25 سبتمبر 2015، وقد حققنا الكثير بالفعل، لكن ما حققناه ليس بكافٍ. ما زال بإمكاننا رغم ذلك الوصول إلى الهدف، وهذا هو سبب اجتماعنا هنا. وسوف تنعقد بعد ثلاثة أسابيع قمة المناخ تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وما يقوم به هو وفريقه إنجاز يفوق التوقعات.

وأردف: لقد كنا ندرك قبل خمس سنوات، أثناء مناقشة أهداف التنمية المستدامة في دولة الفاتيكان، بناءً على دعوة من البابا فرانسيس، السببَ وراء انصراف الناس عن الاهتمام بأهداف التنمية المستدامة حتى هذه اللحظة: ذلك أن الأديان لم تكن تجد لها مكانًا في جلسات الأمم المتحدة في نيويورك. لقد كان أمرًا غريبًا حقًّا أن تُستبعد هذه الأهداف من طاولة المفاوضات والمناقشات التي يمثل مضمونها جوهر القرآن، والكتاب المقدس، والتوراة وجميع النصوص المقدسة الأخرى. لقد اقتصر التعامل معها على السياسيين والدبلوماسيين بوصفها قضايا دبلوماسية! ولكن، أين دَور رجال قادة الأديان من هذه المناقشات؟ أليس هؤلاء القادة هم من يجتمعون مع الشباب والشيوخ والأطفال والنساء.