رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لهذا يفتخر به الأقباط».. دراسة جديدة عن الصليب لراعي كنيسة شيكاغو

الصليب
الصليب

تحتفل الكنيسة اليوم بثاني أيام عيد الصليب، وقال القمص يوحنا نصيف راعي الكنيسة القبطية في شيكاغو في دراسة له على خلفية الاحتفالات إن سبب اختيار المسيح للصليب تحديدا هو تدبير الله.

أضاف أنه عندما نتأمَّل فيه نكتشف أنّه أفضل وسيلة مُناسبة لإتمام عملية الفِداء، ولعلّ ذلك لأنّ في الصليب قدّم فيه المسيح نفسه ذبيحة بسفك دمائه.. ونحن نعلم أنّه "بدون سفك دم لا تحدث مغفرة". وفي الدم حياة لنا، وصالح فيه الأرضيين بالسمائيين.. لأنه عُلِّق بين السماء والأرض، وعندما ارتفع عن الأرض جذب إليه نفوسنا.

وأعلن فيه حبّه بفتح أحضانه للجميع.. فالصليب هو طريقة الموت الوحيدة التي يموتها الإنسان فاتحًا أحضانه، وايضا ليحمل عنا اللعنة.. لأنّه ملعون كلّ مَن عُلِّق على خشبة، وليحمل عُرينا وعارنا، ويكسونا بثوب برّه.. فالصليب وسيلة موت، يموت فيها الإنسان عريانًا، وليكمل عنّا الطاعة للآب.. هذه الطاعة التي فشلنا فيها.. فالصليب عندما يوضَع على الكتف يكون معناه الإلزام بالطاعة والخضوع للقانون.. والسيد المسيح من أجلنا "أطاع حتى الموت، موت الصليب"

وأيضا لكي يصير ذبيحة حيّة قائمة.. يظلّ دمها المسفوك يشفع فينا إلى الأبد.. ولهذا شاهده القديس يوحنا في سِفر الرؤيا كخروفٍ قائم كأنّه مذبوح.

وعن قوة الصليب قال إنه بالنسبة للسيد المسيح الصليب هو قوّة شجاعة، وتحدِّي للعالم وكلّ المبادئ الشريرة التي فيه، وقوّة نُصرة على الشيطان. فقد ظفر به سيّدنا وصرعه وقيّده. وقوّة حُبّ غلبت كلّ جحود الإنسان وشرّه وكبرياءه، وقوّة حياة اقتحمت الموت وغلبته وأهانته وأبطلت سلطانه.

أمّا بالنسبة إلى الإنسان فالصليب هو قوّة موت عن شرّ العالم. "الذي به قد صُلِبَ العالم لي، وأنا للعالم"، قوّة غلبة على الشيطان وكلّ قوّته. فعلامة الصليب قوّة جبّارة يخشاها الشيطان ويتسلّح بها أولاد الله باستمرار، وقوّة افتخار بحبّ الله وتقييمه للإنسان بدمه الغالي.

وعن منطقية الاحتفال والافتخار بالصليب قال إن الصليب هو وسيلة إعدام مهينة جدًّا، فلماذا يكون موضع افتخار لنا؟ كما يؤكّد القديس بولس الرسول: "أَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ"، والحقيقة أنّنا نفتخر بالصليب، لأنّه أعظم إعلان عن حُبّ الله لنا، ولأنّه كشف عن قيمتنا العُظمى في عينيّ الله، وفي الواقع أنّ الإنسان سيظلّ تائهًا لا يعرف قيمة نفسه، حتى يقترب من الصليب ويلتقي بيسوع المصلوب.. وفي هذا المكان بالذّات سيعرف كم هو محبوب وكم هو ثمين.

إن وجدتَ إنسان يضحِّي من أجلك، فمِن الواضح أنّك إنسان مهمّ ومحبوب، وإذا كانت التضحية تصل إلى درجة الموت لأجلك فبالتأكيد أنت شخص مهمّ جدًا ومحبوب جِدًا جدًا، ولكن إن كان مَن مات من أجلك هو الله نفسه فهذا يعني أنّ قيمتك عنده هائلة، وتساوي قيمة دمه المسفوك على الصليب. فكما أنّنا نَحكُم على قيمة أيّ لوحة فنيَّة بمقدار الثمن الذي دُفِعَ فيها، هكذا الثمن الذي دُفِعَ فينا على الصليب أعطانا قيمة تفوق التفكير والتصوُّر.