رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صراحة الرئيس السيسى

مطلب الرئيس السيسى باستعادة دعايات الإخوان ضد المشروعات القومية مطلب أكثر من عادل وأكثر من ذكى وأكثر من منطقى.. إنه يريد أن يتذكر الناس كيف كان يتم تضليلهم وتشكيكهم فى كل شىء وأى شىء.. كان الإخوان كجماعة مهزومة وغير شريفة يمارسون نوعًا يسمى بـ«الدعاية السوداء».. هذه الدعاية تقوم على الهدم والتشويه وتلطيخ كل شىء باللون الأسود.. تمامًا كما يكون لديك لوحة رائعة فيأتى شخص مغرض ويلقى عليها دلوًا من الطلاء الأسود.. إنه لا يستطيع أن يرسم مثل لوحتك.. لكنه يستطيع أن يشوهها.. إنه عاجز عن البناء، لكن لديه خبرة فى الهدم.. الهدم دائمًا أسهل من البناء.. لأنه يستغل طاقة الغضب لدى الناس.. كل إنسان لديه طاقة غضب من أوضاع ما.. فى الشرق والغرب وفى الهند واليابان والبرازيل.. كلنا غاضبون من الحياة.. الإخوان وحلفاؤهم متخصصون فى «صناعة السخط العام» وهى صناعة سهلة بالمناسبة.. قرأت منذ أيام مقالًا فى الواشنطن تايمز يتنبأ بانهيار وشيك للولايات المتحدة.. كاتبه غاضب وساخط جدًا.. لكن هذا لا ينفى أن الولايات المتحدة هى القوة الأولى فى العالم وتنتج ربع الإنتاج على وجه الكرة الأرضية! الشاعر العربى يقول «ولكل شىء إذا ما تم نقصان».. لا شىء كامل سوى وجه الله.. والإخوان يتربصون لاستخدام هذا «النقصان» البشرى والطبيعى والموجود فى كل مكان فى العالم، من أمثلة دعايات الإخوان السوداء أن داعية مبتذلًا مثل وجدى غنيم قال إن قناة السويس الجديدة صغيرة مثل «طشت أمه» لكن اتضح أن التوسع مشروع له فوائد اقتصادية كبيرة.. أمس الأول كنت فى العاصمة الإدارية الجديدة وخدعنى محرك البحث جوجل لكننى استسلمت لخداعه.. ظللت ساعة كاملة داخل العاصمة الإدارية تائهًا ومندهشًا من كل هذا العمران.. أخرج من مشروع لأدخل على مشروع.. مررت بمنطقة الأبراج ومررت على ما يقرب من عشرين حيًا سكنيًا بطرز سكنية مختلفة ومررت بقرية أوليمبية عملاقة لها عدة أبواب وأبهرنى معمار كاتدرائية الأقباط الجديدة، وكذلك مسجد الفتاح العليم.. ولا أظن أن هناك مبالغة فى بناء هذه المبانى ذات المعنى الرمزى وإلا لاتهمنا من بنى مسجدًا رائعًا مثل السلطان حسن أو الرفاعى أو غيرهما من روائع العمارة بالمبالغة ونفس الأمر ينطبق على القلعة أو الأهرامات أو الكنيسة المعلقة مثلًا.. ولكن كلها شواهد حضارية نفخر بها وتحمل دلالة رمزية على مكانة مصر وما استطاع أن ينجزه أبناؤها.. كان انطباعى، العاصمة ليست مجرد «كومبوند» كما قالت دعاية الإخوان السوداء.. وليست إلقاء أموال فى الصحراء، كما تقول لجانهم.. هى أولًا استثمار عقارى ناجح ورابح لكل من شاركوا فيه من المطورين العقاريين وعلى رأسهم الدولة المصرية.. وقد سمعت أن شركة العاصمة حققت أرباحًا بالمليارات وأنه ما زال لها مستحقات أخرى تتمثل فى أقساط لم تسدد قيمة الأراضى التى حصل عليها المطورون العقاريون.. إن الاستثمار العقارى هو من أنجح الاستثمارات فى مصر إلى الدرجة التى دفعت كل رجال الأعمال فى عصر مبارك إلى ترك تخصصاتهم الأساسية فى الصناعة والدخول لهذا المجال الملىء بالأرباح مع فارق بسيط أنهم وقتها كانوا يحصلون على الأرض مجانًا ويطردون الدولة من الاستثمار فى هذا المجال، أما الآن فالوضع مختلف.. والأرض فى أيد أمينة.. إننا نزيد اثنين مليون وربع كل عام.. وبعد خمس سنوات سنكون للأسف قد زدنا اثنى عشر مليونًا!! فأين سيذهب هؤلاء إذا لم يذهبوا للعاصمة الإدارية ولغيرها من المدن الـ١٤التى بنتها مصر منذ ٢٠١٤ وحتى الآن.. هذا وإلا.. أما ثانيًا، فالعاصمة الإدارية هى جزء من مخطط تعمير مصر.. تتوسط الطريق للعين السخنة.. الذى يتحول الآن لواحد من أهم موانئ العالم دون مبالغة.. وبالتالى هى جزء من خطة «الاتجاه للبحر» التى تنفذها مصر منذ تولى الرئيس السيسى والتى تأخرنا فى تنفيذها نصف قرن كامل على الأقل.. كما صارحنا الرئيس الذى يملك صدق المصلحين، لا كذب السياسيين.. لقد قال الرئيس إن الذين أضاعوا كل هذا الوقت لم يكونوا يعرفون معنى كلمة «دولة» أو أنهم كانوا يعرفون ولا يملكون القدرة للقيام بأعباء هذه المعرفة.. وهى صراحة نشكر الرئيس عليها وهو يقول للناس من خلالها إن دور الدولة ليس «السير فى المحل» أو «تسيير الأمور» أو «ترك كل شىء على حاله» لأن هذا فى النهاية وفى حالة مثل مصر سيؤدى إلى تدهور كل شىء تحت ضغط الزيادة السكانية وتدهور حالة الأصول وزيادة التحديات العالمية.. وهو ما أدركه رجل دولة مثل الرئيس السيسى قضى عمره المهنى فى أجهزة المعلومات وكان على قرب من الواقع بحكم عمله ومن تاريخ مصر الحديث بحكم دراسته ولم يفعل شيئًا سوى أن أفرج عن المشروعات التى ظلت حبيسة الأدراج طوال نصف قرن بفعل نقص همة بعض المسئولين ورغبتهم فى «تكبير الدماغ» أو عدم فهم كامل لدور الدولة فى مصر ولمعنى التنمية.. دخل الرئيس فى سباق لتنفيذ مشروعات طالب بها الخبراء والكتاب والمفكرون وجف ريقهم.. من تطوير قناة السويس وتأسيس منطقة صناعية وتجارية حولها لتعمير الساحل الشمالى بشكل متكامل، كما طالب أحمد بهاء الدين عام ١٩٧١ بالتوجه شرقًا وملء الفراغ من القاهرة لميناء السخنة بامتدادات عمرانية تصبح جزءًا من القاهرة مع الوقت.. فتكتشف بعد مدة لا تزيد على ثلاثين عامًا أن القاهرة بامتداداتها أصبحت تطل على البحر الأحمر.. ولم يكن هذا ليتم دون مشاريع نقل عملاقة مثل القطار الكهربائى والمونوريل وغيرهما.. والحقيقة أن الإخوان يدركون أهمية هذه المشروعات أكثر من غيرهم لذلك يبالغون فى تشويهها وإهالة التراب عليها لأنها تذكرهم بفشلهم ولأنهم يدركون أن نجاح هذه المشاريع يعنى خروجهم من تاريخ مصر إلى الأبد.. لذلك فإن فرصتهم الوحيدة هى الرهان على الفشل والاستفادة منه.. وقد كانت هذه تجارتهم الوحيدة منذ تأسيس الجماعة وحتى اليوم.. الهدم والتخريب والتفجير والإرهاب ولعب أدوار لصالح قوى أجنبية مختلفة تتغير بتغير الظروف والأحوال.. شكرًا للرئيس السيسى على صراحته وعلى تمسكه بالعمل بشرف فى زمن عز فيه الشرف.