رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هدى شعراوى.. «بنت ملك الصعيد» الذى مات كمدا بسبب خيانة الإنجليز

هدي شعراوي
هدي شعراوي

يأتي كتاب “وكشفت وجهها.. حياة هدى شعراوي" الصادر حديثاً عن المركز القومي للترجمة، ليلقي  الضوء على وقائع مهمة في مسيرة أول ناشطة نسائية بارزة في مصر والعالم العربي، ثارت على نظام «الحريم» وتمردت على غطاء الوجه، وقادت مظاهرات النساء في أثناء ثورة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزي.

الكتاب من تأليف حفيدتها سنية شعراوي، كتبته بالإنجليزية وصدر حديثاً عن المركز القومي للترجمة في القاهرة.

وكانت شعراوي في أواخر أيامها قد أمْلت مذكراتها على سكرتيرها الخاص عبد الحميد فهمي، وبعد وفاتها في 1947 ظلت المذكرات حبيسة الأدراج أكثر من ثلاثة عقود إلى أن نشرتها «دار الهلال» بتقديم الكاتبة الصحافية أمينة السعيد في سبتمبر (أيلول) 1981.

ميلاد هدي شعراوي 

ولدت هدى شعراوي في الثالث والعشرين من يونيو 1879، وقد سميت عند مولدها نور الهدى سلطان، كان والدها محمد سلطان باشا، الذي كان في الـ55 عند قدوم  ابنته إلى الدنيا، رجلا ذا نفوذ كبير في المجتمع المصري والحياة السياسية، وهو مصري من المنيا، بصعيد مصر، حيث أملاكه الشاسعة، كان شديد الثراء، فقد اختصه المصريون بلقب "ملك" الصعيد، وقد ذكر ويلفريد بلانت، الإنجليزي المقيم في البلاد والذي يعرف مصر جيدا ويتعاطف مع القضية الوطنية المصرية، أن سلطان "باشا" كان رجلا معتدا بنفسه وصاحب ثروة هائلة وشأن عظيم، وكان له المقام الأول حيثما حل، إما إقبال والدة هدى، فقد كانت في المقابل شركسية الأصل ابنة لعائلة من قبيلة الشاسغ بداغستان، وقد كانت أصولها العائلية ملتبسة وتحيطها الرومانسية وكانت على مشارف العشرين عند مولد هدى ، أما عمر شقيق هدى فقد بعدها بعامين من ذلك 1881.

 قصة انحياز محمد سلطان باشا إلى الخديوي ضد عرابي 

يلفت الكتاب إلى واقعة انحيازه إلى الخديوي ضد عرابي، وقد جيء بسلطان باشا إلى المجلس بدون اتباع القواعد الإجرائية السائدة للاستدعاء، وفي وقت غير ملائم من العام، وقد كان للجيش نفوذ هائل في الحكومة خلق له أعداء.

والأرجح أنه كانت هناك غيرة، لكنى لا أظن أنه كان هناك ما عدا ذلك. ويبدو أن كولفين وماليت قد شجعا المسالة برمتها وتحمس الشركسيون لفكرة حدوث تدخل تركي . وقد استدعوا السفن إلى الإسكندرية وسوف يؤدي ذلك، إن لم أكن مخطئا، إلى توحيد الجميع مجددا ضد الأوروبين.

وأكد الكتاب على أنه "في غضون ذلك، وعد سير دوارد ماليت سلطان باشا وآخرين أنه، وأن كان البريطانيون لن يسمحوا بأي حال لعرابي ورفاقة أن يحكموا مصر بدلا من الخديوي ، إلا أنهم سوف يسحبون قواتهم فورا  في أعقاب الأزمة، غير أن ماليت لم يقد لسلطان باشا في أي لحظة مذكرة كتابية تحدد موقف الحكومة البريطانية على نحو ما قد طلب سلطان باشا، وأيا كان الحال فقد اعتمد سلطان باشا، على الطريقة الشرقية، على كلمة شرف القنصل البريطاني ونزاهته، ولم يشك في إمكانية أن يكونوا قد تلاعبوا به، وكان اعتقاده الأكيد ان القوات البريطانية لن تبقى في البلاد  بعد كسب المعركة، وقد كانت خيبة أمله بالطبع فادحة. 

ولم يعد سلطان باشا بعد الأزمة الرجل ذاته مرة أخرى، وقد شاع في العائلة ودوائر أخرى أن قد أخذ يلوم نفسه لوما مريرا حين أدرك وعود ماليت بالانسحاي الفوري بعد الانتصار على عرابي كانت كاذبة، وأن البريطانيين الذين زعموا التدخل في مصر مساندة لحكم الخديوي سوف يواصلون احتلالهم للبلاد بلا نهاية.

وحين اكتشف الرجل المسن كيف تم التلاعب به أصيب بصدمة عنيفة وهو يتمنى أن يغفر له عرابي وألا يقدم اسمه إلى الاجيال القادمة على أنه خائن للبلاد.