رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هكذا قادت جريدة «السياسة الأسبوعية» وتبنت الدعوة إلى نهضة الأدب القومى

جريدة السياسة الاسبوعية
جريدة السياسة الاسبوعية

تبنت جريدة السياسة الأسبوعية، والتي رأس تحريرها الأديب الدكتور محمد حسين هيكل، الصادرة في النصف الأول من القرن العشرين، الدعوة إلي الأدب القومي؛ إيمانا منها بأن تلك الدعوة هي سبيل أساسي وهام من السبل التي ستؤدي إلى تجديد الأدب وبعث الحياة الفكرية والثقافية في مصر، مما سيؤدي بالتالي إلى نهضة مصر الشاملة في جميع ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية.

 

وفي رسالته الأكاديمية، يذكر الباحث إياد أحمد ملحم، أن جريدة السياسة الأسبوعية، قد اعتمت وكتابها من تلامذة محمد عبده وأحمد لطفي السيد، بمسألة تجديد الأسلوب الأدبي وتطويره، وكان محمد حسين هيكل رئيس تحرير جريدة السياسة الأسبوعية، في مقدمة الداعين إلى تجديد أسلوب الكتابة، والعاملين علي إعطاء القدوة في الكتابة بأسلوب سهل بسيط، بكلمات عادية مألوفة، وجمل بعيدة عن التعقيد والتكلف، دون اصطناع للجمل السجعية، ولا تعمل للإتيان بضروب البديع وبكلمات المعجم الرنانة.

 

ــ مقالات تحلل ظاهرة ضعف النهضة الأدب

ويوضح “ملحم” أن جريدة السياسة الأسبوعية نشرت أكثر من مقال يعزو فيه كاتبه ضعف النهضة الأدبية في مصر إلى الأسلوب الأدبي الذي يقيد تطور الشعر ويجني علي مضمون النثر ومعانيه، حيث كتب محمود عزت موسى حول ضرورة تجديد الأسلوب الأدبي وإصلاحه كخطوة أولى في سبيل تجديد الأدب وتطويره فقال بإن على الكتاب أن يفهموا، أن الأسلوب هو روح الكاتب، وهو فن لا يمكن أن يتقنه الإنسان من ناحية المواهب فقط، وإنما هو يحتاج إلى دراسة وتنمية وتهذيب وصقل أيضًا، وذلك عن طريق الإلمام بالموضوعات التي سيعالجها الكاتب، وعن طريق التمكن من اللغة، بحيث يكون الكاتب خصبا في تعابيره اللغوية شرط أن لا يحول ذلك إلى حشو ولغو، كما أن عليهم أن ينتبهوا إلى أن الكتابة في موضوع اجتماعي تختلف عن الكتابة في موضوع وجداني، وإلى أن الأسلوب يجب أن يكون صورة صادقة عن نفس الكاتب لا أثر فيها للتقليد أو العبث.

 

وعن مسألة الشكل والمضمون أوضح الكاتب ــ محمود عزت موسي ــ  أن القدماء كانوا يضحون في أساليبهم بالمعاني في سبيل الألفاظ والأناقة اللغوية، فكان واحدهم يحاول أن يخلع علي حديثه كل ما وعاه خياله من أناقة في اللفظ والعبارة لإظهار براعته اللفظية، وقد كان هذا يتم علي حساب المعنى.

 

ــ تشجيع الكتاب الناشئين والتأليف

وعن جهود جريدة السياسة الأسبوعية في تطوير الأدب القومي، أوضح الباحث إياد أحمد ملحم: كان دعاة الأدب القومي قد ثاروا على طغيان الترجمة على الأدب، وطالبوا بالحد من الترجمة، وبضرورة الإقبال على التأليف في الموضوعات المحلية التي تنبع من أقلام مصرية ورؤوس مصرية لتعالج أمورا محلية وموضوعات قومية تتناول حياة الناس في مصر وتهتم بقضاياهم، وتبين مشكلاتهم الاجتماعية، وتعبر عن مشاعرهم وأفكارهم وآمالهم.

 

وأيد الدكتور محمد حسين هيكل رئيس تحرير جريدة السياسة الأسبوعية، تلك الدعوة في مقال كتبه عن الترجمة والتأليف في العدد “110” ، ومما جاء فيه: “الحقيقة أن الترجمة لم تتوقف يومها برغم حماسة بعض دعاة الأدب القومي الشديدة إلى حصرها في دائرة ضيقة قدر المستطاع. ذلك لأن دعاة الأدب القومي أنفسهم أدركوا أنهم إذا كانوا يريدون التقدم والتهوض فمن الطبيعي أن تستمر الترجمة جنبا إلي جنب مع التأليف، لأن الأمم تتقارب وتتفاعل بنقل الأفكار ومناقشتها وتطويرها تبعا للظروف البيئية والحضارية والوراثية لكل منها”.

 

وإذا كان دعاة الأدب القومي قد نجحوا نجاحا محدودا في الحد من الترجمة، فإن صوتهم الذي ارتفع بالدعوة إلى التأليف لاقي آذانا صاغية في ذلك الوقت. وظهرت المؤلفات المحلية، وخاصة في ميدان القصة.  

 

وبرغم إحساس جريدة السياسة الأسبوعية وكتابها مثل محمد عبد الله عنان، بضعف نتاج الشبان الأدبي في ذلك الوقت، فإنها لم تتخل عن خطتها في تشجيع التأليف ونشر بعض ما كان يبعثه إليها أولئك الكتاب الناشئون من أنصار الأدب الحديث من أشعار وأقاصيص ومقطوعات وجدانية، كما كانت أيضا تنشر المقالات التي كانت تعلم أولئك الكتاب أسس النقد وتشرح لهم مذاهب الأدب الغربي، وتقدم لهم الأمثلة الحية والنماذج المختارة من نتاج كتابة الإعلام.