رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليست المرة الأولى.. أبومازن ينكر "الهولوكوست" ثم يعتذر.. حقائق وأسباب

أبو مازن
أبو مازن

لا تزال العاصفة التي سببتها تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية "أبومازن" مشتعلة بسبب حديثه في مؤتمر صحفي ببرلين أنكر فيه "الهولوكوست"، ثم تراجع عن تصريحاته لاحقًا، بين التصريحات والإنكار حقائق وأسباب.

بداية العاصفة

أثناء المؤتمر الصحفي المشترك في برلين، بين المستشار الألماني شولتس ومحمود عباس في ديوان المستشار الألماني، سُئل عباس خلاله عمّا إذا كان الفلسطينيون ينوون الاعتذار عن هجوم ميونيخ سنة 1972، وردًّا على ذلك، قال رئيس السلطة الفلسطينية إن إسرائيل ارتكبت 50 مجزرة و50 هولوكوست في فلسطين منذ سنة 1947.

كتب المستشار الألماني شولتس في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر" قال فيها: "أشعر بالاشمئزاز من التصريحات الفاضحة للرئيس الفلسطيني محمود عباس. بالنسبة إلى الألمان خصوصًا، كل تشويه لخصوصية المحرقة هو أمر لا يطاق ولا يقبله العقل. أدين كل محاولة لإنكار جرائم المحرقة".

وذكر بيان صادر من مكتب المستشار الألماني أعرب فيه عن أسفه لأنه لم يتمكن من التدخل خلال المؤتمر الصحفي المشترك أول أمس والرد على تصريح عباس بصورة مباشرة. وأعلن المتحدث بلسان الحكومة الألمانية شتيفن هيبيستريت في بيان صادر عنه، أن ديوان المستشار الألماني استدعى رئيس بعثة السلطة الفلسطينية في برلين ودان أمامه تصريحات عباس، فيما تداولت أنباء عن فتح الشرطة الألمانية تحقيقًا مع "عباس" حول التصريحات.

فيما أعلن ديوان رئاسة السلطة الفلسطينية في بيان أن رئيس السلطة محمود عباس لم يكن لديه أي نية لإنكار الهولوكوست، وجاء في البيان: "إن الهولوكوست من أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث، ونحن ندينه بأشد العبارات. والمقصود بالجرائم التي تحدّث عنها الرئيس محمود عباس، هو المجازر التي ارتُكبت بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة على أيدي القوات الإسرائيلية، وهي جرائم لم تتوقف حتى يومنا هذا".

 البيان التوضيحي جاء بعد محادثة هاتفية أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد مع حسين الشيخ، المقرب من رئيس السلطة الفلسطينية، والتي طالبه فيها بالاعتذار عن هذه التصريحات، حسب ما نشرته صحيفة معاريف.

أبومازن والهولوكوست 

آراء "أبومازن" حول الهولوكوست ليست جديدة، في الكتاب الذي ألفه، استنادًا على أطروحة الدكتوراه الخاصة به، كتب: "عدد الضحايا اليهود (في الهولوكوست) يمكن أن يكون ستة ملايين، ويمكن أن يكون أقل بكثير- حتى أقل من مليون". 

في مايو 2018، قال عباس في كلمة خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني، إن الهولوكوست لم تحدث لأسباب دينية بل بسبب الدور الذي لعبه يهود أوروبا على الصعيد الاقتصادي، ثم اعتذر عن تصريحاته في بيان جاء فيه: "إذا شعر الناس بالإهانة من خطابي أمام المجلس الوطني الفلسطيني، وخاصة من أتباع الديانة اليهودية، فأنا أعتذر لهم. وأود أن أؤكد للجميع أنه لم يكن في نيتي القيام بذلك، وأنني أؤكد مجددًا على احترامي الكامل للدين اليهودي، وكذلك غيره من الأديان السماوية".

وأضاف: "أود أيضًا أن أكرر إدانتنا للمحرقة النازية (الهولوكوست)، كونها أشنع جريمة في التاريخ، وأن أعرب عن تعاطفنا مع ضحاياها". وتابع بالقول: "كذلك فإننا ندين معاداة السامية بجميع أشكالها، ونؤكد التزامنا بحل الدولتين، والعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن".

لماذا استخدم "أبومازن" الهولوكوست؟

الرئيس الفلسطيني "عباس" الذي كما يبدو يشعر أنه اقترب من نهاية حياته السياسية، فيما تضاعف لديه الشعور بأنه خلال السنوات الأخيرة لم يحرز أي تقدم يذكر في المسيرة السلمية، بل على العكس يواجه العديد من الانتقادات من قبل معارضيه داخل الضفة الفلسطينية في القطاع بسبب التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، والتعاون كذلك بين قوات الأمن الوقائي الفلسطيني والاستخبارات الإسرائيلية.

هذا بالإضافة إلى التجاهل الذي شعر به أثناء حكم بنيامين نتنياهو، واستمر أيضًا مع حكومة "بينيت – لابيد"، والمطالب التي وجهها إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن في الزيارة الأخيرة والتي كما يبدو لم تحقق المرجو منها بالنسبة للفلسطينيين.

"أبومازن" يريد أن يعيد "القضية الفلسطينية" إلى جدول الأعمال العالمي، محاولًا أن يلقي الضوء على العمليات التي تنفذها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، ولكن المقاربة قد انتهت بشكل عكسي، حيث أعلن اعتذاره وتراجعه عن التصريحات، فضلًا عن الموقف الألماني والأوروبي الرافض لإنكار الهولوكوست، وعلى العكس بدلًا من كسب تعاطف العالم، أحتاج إلى توضيح واعتذار.