رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«دفنونى بالحيا».. حكاية حسين القهوجى العائد من الموت

حسين القهوجي
حسين القهوجي

حكاية تبدو كما لو كانت من أحد أفلام الرعب، أو مشهد في رواية خيالية راح مؤلفها يُداعب أفكارًا هُلامية لا تمت للواقع بصلة، لكن صاحبها أقسم بأن واقعًا عاشه في غياهب القبر بين ظلام دامس وعظام موتى ورائحة كادت تخنقه.. كان حُسين حيًّا بين موتى يُقاسمهم المكان.

قبل عشرين عامًا، كانت الحكاية التي بدأت من منطقة الجمالية بحي الحسين في القاهرة، هُنا حيث يقطن حسين، الشاب الثلاثيني، صحبة خالته، تغيّر الشاب في الآونة الأخيرة ولم يعد كما كان.. تغيّر كل شىء منذ رحيل أبيه عن الدنيا قبل وقت قريب.. لم يعرف الشاب أن زيارته ستكون قريبة في داخل القبر.

في أحد الأيام، عاد حسين بعد ساعات طويلة قضاها في عمله كقهوجي.. تناول وجبة العشاء وألقى بجسده ليستريح بعد طول عناء، لكن مشاهد مرعبة كانت في انتظاره.. لم يستيقظ حسين هذه المرة، وجاء موعد عمله في اليوم التالي دون أن يتحرك من مكانه.

حاولت خالة حسين إيقاظه دون جدوى.. لا يتنفس.. والقلب لا ينبض «مات حسين» هكذا أخبرهم الأطباء، نقلوه لمستشفى أحمد ماهر التعليمي، بداخلهم أمل في أن يكون ما زال حيًا، لكن الأجهزة الطبية لا تلتقط إشارات تبعث الأمل، فالإجابة لم تتغير.. «مات حسين».. بكوا عليه وكفّنوه وتحركت الجنازة إلى مثواه الأخير، ودفنوه في مقابر الغفير بجوار أبيه.

تركوه ملفوفًا في الكفن، لكن الجسد عاد للحياة مُجددًا، واستيقظ الشاب على ظلام يحيطه من كل ناحية، لا يعرف أين هو!.. ما الذي يجري هُنا!! «أين أنا؟!!!!».. يسأل نفسه دون أن تصله إجابة.. أياديه تُلامس هياكل عظمية من حوله، يشعر بالكفن ينزلق من فوق جسده، وقطع القطن تغلق أنفه وأذنيه، ورائحة كريهة من حوله، وبدأ يعرف أنه داخل القبر.. دفنوه حيًا.

أُصيب حسين بالرعب.. وبدأ في الصراخ، لا شىء من حوله.. ولا أحد يُنقذه، لكنه يسمع أصوات أقدام تفر هاربة من حوله؛ خائفين من الصوت القادم من داخل المقبرة، ووصل الأمر للتُربي بأن شبحًا داخل المقبرة، أو أحدهم عاد للحياة؛ فأبلغ الشرطة بالواقعة، وذهب بصحبة الأمن والنيابة لفتح المقبرة، وبمجرد إخراجه حسين؛ سقط التُربي مفارقًا الحياة.. كان الشاب مرعوبًا من المشهد، وجسده أشبه بهيكل عظمي.. كثيرون فروا هاربين من الخوف، وبعضهم نقل للمستشفى وسط رعب الأطباء والممرضين من «حسين» العائد من الموت.. هكذا روى حكايته في لقاءات تليفزيونية قبل سنوات.

عاد حسين للحياة.. لكنه لم يعد كما كان، فيقول إن شيئًا ضربه في قدمه وهو في القبر.