رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناصر والسيسى فى بلجراد

وهو يعرب عن اعتزازه بمنحه الدكتوراه الفخرية من جامعة بلجراد، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى إن هذا التكريم ليس موجهًا لشخصه، بل للشعب المصرى بأكمله، ما أعادنا إلى ما قاله الرئيس جمال عبدالناصر فى مثل هذا اليوم منذ ٦١ سنة: الشعب هو الخالد المتجدد.. الشعب هو الباقى.. وهو صانع التاريخ كله.

فى مثل هذا اليوم، ٢٢ يوليو، سنة ١٩٦١، قال الرئيس الراحل، أيضًا، إن سياستنا تنبع من ضميرنا، سواء غضبت الدول الكبرى أو لم تغضب. وتحدث، من ميدان الجمهورية، بمناسبة العيد التاسع للثورة عن اعتزام قادة دول حركة عدم الانحياز الاجتماع فى بلجراد، لافتًا إلى وصول عدد الدول التى تتبع هذه السياسة «سياسة عدم الانحياز، أو الحياد الإيجابى»، إلى ٣٠ دولة، بعد أن كانت، سنة ١٩٥٥، تعد على أصابع اليد الواحدة. وأعرب عن أمله فى أن يستطيع المؤتمر تخفيف حدة التوتر الدولى بين الكتلتين المتصارعتين: الولايات المتحدة وحلفاؤها فى حلف شمال الأطلسى، والاتحاد السوفيتى وحلفاؤه فى حلف وارسو.

كانت القاهرة قد استضافت الاجتماع التحضيرى للمؤتمر، بين ٥ و١٢ يونيو من تلك السنة، برئاسة الدكتور محمود فوزى، وزير الخارجية وقتها، وجرت خلاله مناقشة معايير العضوية فى الحركة والدول التى يمكن دعوتها للمشاركة فى مؤتمر بلجراد، الذى أقيم فى سبتمبر التالى، وحضره قادة ٢٥ دولة، أبرزهم رموز الحركة وآباؤها المؤسسون: جمال عبدالناصر، الرئيس اليوغوسلافى جوزيف تيتو، جواهر لال نهرو، رئيس وزراء الهند، الرئيس الغانى كوامى نكروما، والرئيس الإندونيسى أحمد سوكارنو.

تحل غدًا الذكرى السبعون لقيام ثورة ودولة ٢٣ يوليو، التى عملت على توحيد جهود الدول المستضعفة وحشد طاقاتها، ولم تدخر جهدًا فى مساعدة حركات التحرر. بالضبط، كما أجهضت ثورة ودولة ٣٠ يونيو مخططات دولية شيطانية، لإشعال العديد من الدول، باستغلال قوى تخريبية، على نحو منسق وسريع جدًا، وباستعمال تيارات أو تنظيمات طامعة فى الحكم، بزعم التحول الديمقراطى. وعليه، استوقفنا أن يضم متحف الشمع بمدينة «ياجودينا» الصربية، تمثالين للرئيسين جمال عبدالناصر وعبدالفتاح السيسى. كما استوقفنا، أيضَا، أن يعرب الرئيس الصربى ألكسندر فوتشيتش، فى المؤتمر الصحفى المشترك، أمس الأول الأربعاء، عن فخره باستقبال المبنى نفسه، الذى يعقد به المؤتمر، للرئيس عبدالناصر فى ستينيات القرن الماضى.

المهم، هو أن الرئيس السيسى حصل، نيابة عنا جميعًا، على وسام الجمهورية الصربية أرفع أوسمة البلاد. ونال درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بلجراد، أقدم وأهم جامعة فى صربيا، وثانى أكبر جامعة فى منطقة البلقان بعد جامعة أرسطو فى تسالونيكى، تقديرًا لجهوده التنموية داخل مصر، ولنشره فكر وثقافة السلام والتعاون والبناء، إقليميًا ودوليًا، بحسب وزير التعليم والعلوم الصربى، ورئيس الجامعة وأعضاء مجلسها، الذين أشادوا بالإصلاحات الهيكلية العميقة التى أطلقها الرئيس السيسى على المستوى الوطنى وبالمشروعات القومية الكبرى، إضافة إلى إسهاماته الفاعلة فى تعزيز السلام والتعاون على المستويين الإقليمى والدولى، وجهوده الرائدة فى مكافحة ظاهرتى الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وجهوده الحثيثة على صعيد مكافحة تغير المناخ، والتى تكللت باستضافة مصر قمة المناخ فى نوفمبر المقبل بشرم الشيخ.

مسئولو الجامعة أشادوا، أيضًا، بجهود الرئيس فى تطوير التعليم المصرى، خاصةً عن طريق تعظيم الإنفاق على التعليم الأساسى، ورفع مستوى التعليم العالى، من خلال سلسلة مشاريع الإصلاح الجوهرية، وتأسيس عدد من الجامعات التكنولوجية والفنية. كما أثنوا على دور الرئيس المؤثر والملموس فى تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وصربيا وتعظيم قيمتها، خاصة على المستوى الأكاديمى والثقافى، مشيرين إلى أن ذلك يأتى امتدادًا للعلاقات التاريخية بين البلدين فى إطار حركة عدم الانحياز. 

.. وأخيرًا، نرى أن ناصر والسيسى، اللذين جمعهما ماضى العلاقات المصرية الصربية وحاضرها، جمعتهما، أيضًا رؤية واحدة لمصر الكبرى، التى «تحمى ولا تهدد، تصون ولا تبدد، تقوّى ولا تُضعف، توحّد ولا تفرّق.. تشد أزر الشقيق وترد كيد العدو، لا تتحزب ولا تتعصب، لا تنحرف ولا تنحاز.. تؤكد العدل، وتعزز السلام، وتوفر الرخاء لها ولمن حولها من البشر جميعًا بقدر ما تتحمل وتطيق».