رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ديمقراطية وسائل التواصل الاجتماعى

عندما كنت أتحسس طريقي بمواقع التواصل الاجتماعي، كانت المشاركة في الوسوم (الهاشتاجات) بمثابة نقطة رئيسية للظهور والتعبير عن رأيك، وكانت قائمة المتداول (تريندينج) بمثابة مؤشر رئيس لتوجهات الرأي العام.

بمرور الوقت، بات الأمر متعلقًا بقدرتك على التمويل، فكل من دب يستطيع عمل "هاشتاج"، يصبح في مدة لا تتخطى "عشر دقائق" بقائمة الـ"تريند"، باستخدام برامج يعلمها المتخصص، بجانب تخصيص لجنة إلكترونية للعمل على تلك الحملة، فيما أسميه أنا ديمقراطية زائفة، ديمقراطية وسائل التواصل الاجتماعي. 

عندما تجد أن تغريدة (تويتة) فارغة لا تحمل مضمونًا، أو تغريدة ليست ذات علاقة، معاد نشرها أكثر من مرة، فقط لأنها تحتوي على "هاشتاج" ما دشنه بعضهم، فاعلم أن تلك ديمقراطية زائفة لا تحمل سوى جعجعة فارغة.

مشكلة تلك الحملات تتمثل في شقين:

الأول كثرة "اللجان الإلكترونية" التي لا تمييز لديها حول ما إذا كانوا يعيدون تغريدُهُ أو يكتبونه يخدم الفكرة أم لا. 

الثاني أنه لا توجد إدارة منظمة لتلك الحملات، لا هدف فعليًا وراءها، لا دراسة فعلية للمشاكل التي تتحدث عنها، لا توجد سبل للضغط لتحقيق أي مطالب، سوى آلاف التغريدات المكررة والمنسوخة.

وتأكيدًا لما كتبت حول اللجان الإلكترونية يأتي ما صرحت به "تويتر" نفسها حول حذف الشركة لأكثر من مليون حساب وهمي يوميًا بمثابة دليل قاطع على وجود تلك اللجان، التي تعتمد على برمجيات تنشئ حسابات وهمية لدعم حملات مدفوعة.

مثال على حديثي حملة "إنترنت غير محدود في مصر"، آلاف التغريدات، انتصارات وهمية على غرار "تريند لليوم الـ19"، وادعاءات من نوعية "مدشن الحملة اختفى وأغلق سبل الاتصال به". الحقيقة أن تلك الادعاءات والانتصارات وهمية، إلا أنها ضرورية أيضًا لمنحك المخرج الذي تريد. فإذا مللت الحملة؟ لنقل رن مدشنها اختفى ونختفي مثله. أما إذا وددت الاستمرار، فنحن بقائمة "التريند" لمدة 19 يومًا، فلنستمر إذًا. 

مع تصفحي لـ"الهاشتاج" وجدتني أمام أسئلة متنوعة: هل يمكن تحقيق هدف الحملة؟ هل تواصل منظمو الحملة مع جهاز تنظيم الاتصالات؟ هل تم تقديم شكاوى جماعية بمركز الشكاوى التابع لمجلس الوزراء؟ هل حاولوا التواصل مع لجنة الاتصالات بمجلس النواب؟ وأضعف الإيمان.. هل نظموا مساحة "Space" (إحدى أدوات تويتر) للحديث عن الحملة بمشاركة خبراء؟ الإجابة قطعًا "لا".

في المقابل من ذلك، نجد أن حملة "أنقذوا رقية"، التي نظمها الزميل حسين الجوهري وجدت طريقها بل ونجحت نجاحًا غير مسبوق. هل تتساءل عن السبب؟ الإجابة تمكن في تنظيم الحملة وتحديد أهدافها وربطها بإطار زمني يمكن القياس عليه لتأكيد نتيجة ما.

الديمقراطية أمر جيد، لكن تنظيم الديمقراطية أجود وأفضل، لا يمكن أن تنتظر من الحكومة أن تستمع - ولا أستطيع توجيه اللوم لها إن لم تفعل- لمجموعة من الطلبات العشوائية، التي لم يقدمها أي متخصص من ذوي الصفة، ولم يتم الحديث عنها في إطار قانوني، ولم تقدم حلولًا فعلية أو أمثلة عملية لمطالبك.

لذا أدعوكم لديمقراطية أكثر تنظيمًا بوسائل التواصل الاجتماعي. 

  • مدير التحرير بموقع جريدة "الدستور"