رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نيجيريا على شفا فتنة طائفية جديدة

جريدة الدستور

الصراع في نيجيريا محتدم طول الوقت.. بوكو حرام وغيرها من الجماعات المسلحة مثل «أيسواب» التابعة لداعش تتخذ الأراضي النيجيرية مرتعًا لها، بالإضافة لقتال المواطنين بعضهم البعض، وفي إفريقيا الاختلافات عادة ما تتحول إلى ساحة المعركة، ولا يُقبل بالحلول السلمية، وهذا ما حدث اليوم حيث بدا أن سبب الهجوم على الكنيسة كان رعي الأغنام، حيث كان رعاة الفولاني - ومعظمهم من المسلمين-  في صراع مع المزارعين المستقرين لعقود من الزمن بشأن الوصول إلى الأراضي للرعي، ولكن أصبح التنافس مميتًا في السنوات الأخيرة حيث تهاجم العصابات المسلحة المجتمعات الريفية، وتجلت حالة عدم الاستقرار المتزايدة في أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، من خلال الهجمات التي قتلت ما لا يقل عن 32 شخصًا في المناطق الريفية الشمالية الغربية قبل عدة أيام.

واشتبه مسئولون أمنيون نيجيريون في أن متطرفين تابعين لتنظيم داعش في غرب إفريقيا كانوا وراء هجوم على كنيسة كاثوليكية في نهاية الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل العشرات، ويُعتقد الآن أن 40 شخصًا لقوا حتفهم بعد أن اقتحم مسلحون كنيسة القديس فرانسيس الكاثوليكية في أوو بولاية أوندو، يوم الأحد الماضي، ولكن الأنباء لم تظهر إلا صباح اليوم، ولا يزال 61 ناجيًا يتلقون العلاج في المستشفى، وفقًا للسلطات المحلية.

وقال مجلس الأمن القومي النيجيري، إن الهجوم كان من عمل جماعة ولاية غرب إفريقيا التابعة لداعش (إيسواب)، مما عزز على ما يبدو المخاوف من أن المسلحين، الذين اقتصروا على الشمال الشرقي لسنوات عديدة، يتطلعون إلى توسيع نشاطهم، والتأثير والوصول إلى أجزاء أخرى من البلاد، رغم أنه لطالما اعتبرت أوندو الواقعة في الجنوب الغربي واحدة من أكثر المناطق أمانًا في البلاد، ومع ذلك، نصح بعض المحللين بالحذر، مشيرين إلى عدم وجود أي إعلان مسئولية من أيسواب، حسبما ذكرت جريدة الجارديان البريطانية.

قال فينسينت فوشيه، الباحث في المركز الوطني للبحوث العلمية في باريس: "تدعي أيسواب دائمًا الهجمات الكبيرة، ودائمًا تلك التي تحدث في الجنوب، حيث إنهم يحاولون الظهور بمظهر القوة وأنهم قادرون على التوسع، وعلل تحليله هذا بأن طريقة عمل الجماعة في السابق كانت مختلفة، حيث إن "معظم هجمات أيسواب السابقة استخدمت تكتيكات الكر والفر، وليس فريق هجوم كبير كما في هذه الحادثة".

ومن الجناة المحتملين الآخرين الميليشيات المتورطة في النزاعات المحلية، والعنف بين المزارعين والرعاة، وحتى الشبكات الإجرامية، وهذا اسنادا على السابق، حيث كانت هناك هجمات على كنيسة في ولاية أنامبرا في عام 2017، وعندما ألقت الشرطة القبض على الجناة كانوا مبتزين محليين ومُتجِرين.

قال شهود عيان، إن عصابات مسلحة على دراجات نارية هاجمت أربع قرى في منطقة كاجورو بولاية كادونا يوم الأحد الماضي، ونظرا لانعدام الأمن لم يعلن الأمر إلا أمس، وما أدي إلى هذا هو ضعف الاتصالات السلكية واللاسلكية إلى تأخير إبلاغ السكان عن الهجمات، كما هو الحال في كثير من الأحيان في أجزاء من شمال نيجيريا.

وأصبحت مثل هذه الهجمات متكررة في شمال غرب نيجيريا المضطرب، حيث قُتل الآلاف، وفقًا للبيانات التي جمعها مجلس العلاقات الخارجية ومقره الولايات المتحدة، وغالبًا ما يتم اختطاف السكان واحتجازهم لأسابيع، عادةً في محميات الغابات، حتى يتم دفع الفدية.

وقال أحد السكان إن المسلحين الذين شاركوا في أعمال العنف الأخيرة هم من "ميليشيا الفولاني المسلحة"، نظرا لأنه سمع اللغة التي كانوا يتحدثون بها، وهذا أظهر أنهم "ليسوا جددًا على بيئتنا لأن هذه ليست المرة الأولى التي يهاجمون فيها ".

ولم تؤكد الشرطة ولا مسئولو ولاية كادونا وقوع الهجمات، حيث قال محللون لجريدة الجارديان البريطانية، إن الوجود الأمني ​​المحدود في العديد من المجتمعات النائية يجعل من الصعب على القوات الحكومية حماية السكان من الهجمات أو القبض على الجناة بسرعة.

اعتبر السكان المحليين هذا التسيب الأمني خللا في أسلوب إدارة الرئيس، وبالفعل تم اتهام محمد بخاري، الرئيس النيجيري، بعدم القيام بما يكفي لإنهاء المشاكل الأمنية في البلاد، وهو أحد الوعود الرئيسية التي قطعها الجنرال السابق عندما سعى للانتخاب في عام 2015، والذي تنتهي فترة ولايته كرئيس في منتصف العام المُقبل.

لم تتمكن أيسوب من الاستفادة بشكل كامل من انتصارها على منافستها جماعة بوكو حرام المتطرفة العام الماضي، وقال فوشير: «لقد كانت لديهم ثروات مختلطة.. كان الجيش أكثر نشاطًا وجيدًا في الضغط عليهم الآن، بعد أن أصبحوا محور التركيز الرئيسي.. كما أنهم يواجهون مقاومة شديدة بشكل غير متوقع من متطرفين آخرين».