رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صحتنا.. وصحة إفريقيا

بعد ٢٥٠ محاضرة، و٢٥ مؤتمرًا علميًا، و٢٠ ورشة عمل، انتهت، أمس الثلاثاء، فعاليات المعرض والمؤتمر الطبى الإفريقى الأول، «صحة إفريقيا»، Africa Health ExCon، الذى نظمته «الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبى وإدارة التكنولوجيا الطبية»، بمشاركة ١٠٢ دولة، و٣٥٠ شركة، وتحت رعاية وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أكد أن كل ما تملكه مصر من موارد وإمكانات مُتاح للدول الإفريقية الشقيقة، سواء فى صورة مشاركة أو تدريب أو تعليم أو علاج أو تبادل ونقل الخبرات.

الهدف من المؤتمر، الذى أقيم تحت شعار «بوابتك للابتكار والتجارة» واستمر ثلاثة أيام، خلق منصة أعمال سنوية مستدامة تربط مسئولى ومقدمى الرعاية الصحية والشركات المصنعة للأدوية والأجهزة الطبية والوكلاء والموزعين فى العالم تحت سقف واحد؛ للمساعدة فى وضع حلول للمشاكل الصحية على مستوى القارة الإفريقية، وإتاحة الفرصة للجميع لكى يتفاعلوا معًا ويحققوا الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة الأممية ٢٠٣٠: ضمان تمتع الجميع بالصحة الجيدة وبأنماط معيشة صحية، عبر توطين صناعة الأدوية وتوفير اللقاحات الأساسية الآمنة والفعالة والعالية الجودة، بأسعار مقبولة أو معقولة.

ضاعف من أهمية المؤتمر أنه جاء بعد يومين من انتهاء أعمال الدورة العادية الأولى لمؤتمر الدول الشركاء فى «وكالة الدواء الإفريقية»، AMA، التى استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، خلال الفترة من ١ إلى ٣ يونيو الجارى، والتى جرى خلالها الاتفاق على الخطوات التالية لتفعيل الاتفاقية المنشئة للوكالة. وكنا قد أوضحنا هنا، فى ٤ أبريل الماضى، أن العمل على تلك الاتفاقية بدأ سنة ٢٠١٩ وتم الانتهاء من صياغتها النهائية، خلال رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى. وأشرنا إلى أن مصر، بمجرد إقرار الاتفاقية، وقبل دخولها حيز التنفيذ، فى نوفمبر ٢٠٢١، عرضت استضافة مقر الوكالة، انطلاقًا من حرصها على النهوض بالصحة العامة فى القارة السمراء، وإيمانًا منها بأهمية هذه الوكالة كإطار تنظيمى للصناعات الدوائية فى دول القارة. 

الإنتاج المصرى من الأدوية يغطى احتياجاتنا المحلية بنسبة تزيد على ٨٠٪، وبفضل الطفرة التى حققتها دولة ٣٠ يونيو خلال السنوات الثمانى الماضية، صارت مصر أكبر منتج للأدوية واللقاحات فى منطقة الشرق الأوسط، وأصبحت مركز، أو عاصمة، صناعة الدواء والرعاية الصحية فى القارة السمراء، واحتلت المركز العاشر فى أبحاث الدواء المنشورة بأكبر الدوريات العلمية. كما تمكنت «هيئة الدواء المصرية»، من الحصول على ٥ اعتمادات دولية، كان أحدثها اجتيازها مستوى النضج الثالث، فى الاعتماد المتقدم لمنظمة الصحة العالمية، الذى لم تسبقها إليه أى دولة فى المنطقة والذى يُعد اعترافًا دوليًا بقوة السلطة الرقابية الدوائية، ويسهم فى فتح آفاق تصديرية للأدوية واللقاحات المصرية فى الأسواق الخارجية المختلفة.

مع ذلك، لا تزال مصر، مثل غالبية الدول الإفريقية، محدودة الموارد والقدرات، غير أن الرئيس السيسى أكد، خلال إحدى جلسات المؤتمر، أن مواردنا المحدودة، لم تمنعنا من تقديم خدمة طبية مميزة، وتنفيذ العديد من المبادرات، مثل مبادرة «١٠٠ مليون صحة»، ومبادرة فيروس «سى»، والقضاء على قوائم الانتظار، التى شملت عمليات جراحية كبرى. كما دعا الرئيس الدول الشقيقة إلى الاستفادة من تجربة «الهيئة المصرية للشراء الموحد»، مشيرًا إلى أنها مكنتنا من توفير شروط أفضل لشراء الأدوية أو الأجهزة والمعدات الطبية، ومؤكدًا أن تكلفة العلاج ستنخفض فى دول القارة بنسبة تتراوح بين ٣٠ و٥٠٪، حال تعميم هذه التجربة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن هيئة الشراء الموحد تم إنشاؤها فى أغسطس ٢٠١٩، مع «هيئة الدواء المصرية»، ومنذ ذلك الوقت صارت الهيئتان مسئولتين عن إدارة وحوكمة منظومة إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية. ولا نعتقد أننا نبالغ لو قلنا إن إنشاءهما أسهم بدور حيوى فى تطوير المنظومة الصحية وتوفير الدواء، ومواجهة الممارسات الاحتكارية، وتنمية الصناعات الطبية. وليس هناك أدنى شك فى أن مصر، كما أكد رئيسها، مرارًا، تسعى وتتطلع إلى العمل مع جميع الأشقاء الأفارقة، ليس فقط فى إنتاج وتوفير الأدوية والأجهزة والمعدات ووضع حلول لمشاكلها الصحية، ولكن أيضًا لمواجهة كل التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية.