رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤشّرهم لحرية الصحافة

ما يوصف بـ«مؤشر حرية الصحافة» أضاف، هذا العام، ١٢ دولة إلى خانة الدول «شديدة الخطورة» على الصحفيين، ليصل العدد الإجمالى، فى تلك الخانة، إلى ٢٨ دولة، مقابل ٨ دول فقط، يتمتع فيها الصحفيون بوضع «جيد»، تصدّرتها النرويج والدنمارك والسويد وإستونيا. وأشارت منظمة «مراسلون بلا حدود»، صاحبة المؤشر، إلى أن التضليل وفوضى المعلومات يغذيان الخلافات الدولية والانقسامات داخل المجتمعات.

مؤشر المنظمة، التى تصف نفسها بأنها مستقلة وغير هادفة للربح، صدر الثلاثاء الماضى، بمناسبة «اليوم العالمى لحرية الصحافة»، وشغلنا الاحتفال بالعيد عن تناوله، وعن تهنئة «ليشتنشتاين» بحصولها على المركز العاشر، وتقدمها، للمرة الرابعة أو الخامسة، على بريطانيا وفرنسا وألمانيا و... و... والولايات المتحدة، فى ذلك التنصيف، الذى قالت المنظمة إنه يستند إلى خمسة عوامل أساسية: الوضع السياسى، الإطار القانونى أو التشريعى، الحالة الاقتصادية، الأوضاع الاجتماعية والثقافية، والأمان المتاح للصحفيين خلال تأدية عملهم.

إمارة ليشتنشتاين، أو ليختنشتاين، Liechtenstein، مساحتها ١٦٠ كيلومترًا مربعًا، يسكنها حوالى ٣٥ ألف نسمة، ٣٤٪ منهم من الأجانب، ويضم برلمانها، الذى يرأسه الأمير، ٢٥ نائبًا، ويتشكل مجلس وزرائها من امرأة وخمسة رجال يرأسهم الأمير أيضًا، وتقع فى وسط أوروبا، تحديدًا بين شرق سويسرا وغرب النمسا، وليس لديها جيش، وتعدّ الملاذ الأفضل للأموال التى تحوم حولها الشبهات.

لدى تلك الإمارة جريدتان يوميتان، هما «ليختنشتاينر فاترلاند»، و«ليختنشتاينر فولكسبلات»، يملكهما الحزبان الرئيسيان الممسكان بزمام السلطة: الاتحاد الوطنى والحزب المدنى التقدمى. ولا يوجد فى الإمارة غير محطة إذاعية واحدة، تابعة للهيئة العامة للبث، ولم يكن بها قناة تليفزيونية، حتى أطلقت شركة نمساوية، قناة «١ إف إل تى فى»، سنة ٢٠٠٨. والاثنتان، المحطة الإذاعية والقناة التليفزيونية، خاضعتان أيضًا لسيطرة حزبى الائتلاف الحكومى. وخلال احتجاجات المواطنين ضد الإجراءات، التى اتخذتها البلاد لمواجهة وباء «كورونا المستجد»، تعرض الصحفيون، خلال العامين الماضيين، لاعتداءات غير مسبوقة!

عربيًا، جاءت «جزر القمر» فى المركز الأول، بحصولها على المركز ٨٦ فى القائمة الدولية، أما مصر، فوضعتها المنظمة، أو من يحركونها، فى المركز ١٦٨، بعد الصومال صاحبة المركز «١٤٠»، وليبيا «المركز ١٤٣». وعزاؤنا أن الصين جاءت فى المركز ١٧٥، بزعم أنها «تستخدم ترسانتها التشريعية لعزل سكانها عن بقية العالم». لكن ما قد يجعلك تضرب كفًا بكف هو حصول الولايات المتحدة على المركز ٤٢، مع أن كريستوف دولوار، أمين عام المنظمة، تحدث فى مؤتمر صحفى عقده بمناسبة إطلاق التقرير، باستفاضة عن «مدى انتشار دوائر المعلومات المضللة» فيها، وعدّها نموذجًا للمجتمعات المنقسمة بسبب صعود وسائل إعلام تمثل خطرًا قاتلًا على أسس المجتمع المتناغم والنقاش العام المتسامح.

مولدافيا، التى قامت فيها «ثورة العنب» سنة ٢٠٠٩، سبقت الولايات المتحدة، أيضًا، وجاءت فى المركز ٤٠، بسبب «الآمال التى جلبتها التغييرات الحكومية» فيها. وبقانون جديد يعرّض الصحفيين ومصادرهم للخطر، وبسبب تراجع التنوع الإعلامى، وتعرّض ٨٠ صحفيًا لأعمال عنف خلال المظاهرات، حصلت ألمانيا على المركز السادس عشر، بتراجع ثلاثة مراكز عن ترتيبها العام الماضى!

التراجع الأكبر فى الترتيب كان من نصيب هونج كونج، التى كانت فى المركز ٨٠ العام الماضى ونزلت إلى المركز ١٤٨، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن سيدريك ألفيانى، رئيس فرع المنظمة لشرق آسيا، أنها تستحق هذا التراجع بسبب قانون الأمن القومى، الذى صدر فى يونيو ٢٠٢٠ بعد موجة من الاحتجاجات المطالبة بالحريات، وجرى استخدامه على نطاق واسع ضد الصحفيين وضد حرية الصحافة. ونقلت الوكالة عن كريس شينج، الذى كان صحفيًا فى هونج كونج، أنه يرى نفسه محظوظًا لمواصلته العمل من بريطانيا، بينما اضطر عدد من زملائه إلى العمل فى المطاعم أو سائقى سيارات أجرة.

.. وتبقى الإشارة إلى مَن يحركون تلك المنظمة، «منظمة مراسلون بلا حدود»، وضعونا- وضعوا مصر- فى المركز ١٠١ سنة ٢٠٠٢، والـ١٢٧ سنة ٢٠١٠، والـ١٦٦ سنة ٢٠١٢ والـ١٥٨ سنة ٢٠١٣، والـ١٥٩ سنة ٢٠١٤، و.... و... والـ١٦٣ سنة ٢٠١٩ والـ١٦٦ فى ٢٠٢٠ و٢٠٢١، وبالتالى، لم يكن مفاجئًا أن يضعونا، هذا العام، فى المركز ١٦٨، من بين ١٨٠ دولة، شملها مؤشرهم أو تصنيفهم!