رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عيد السوريين مثلًا!

الأشقاء فى ليبيا يعانون أزمة غذاء وقفزات فى أسعار السلع، وباتت الكلمة العليا هناك للميليشيات، التى تحاصر، الآن، مداخل طرابلس بسبب «أزمة الحكومتين». وبسبب سيطرة الميليشيات أيضًا، اشتعلت الأوضاع فى العراق ووصلت تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية فى لبنان للدرجة التى تعذر معها إصدار جوازات سفر للمواطنين «لأن مخزون الجوازات شارف على النفاد ولا يتوافر التمويل اللازم لشراء كميات جديدة منها»!.

أوضاع الليبيين والعراقيين واللبنانيين تهون لو قورنت بأوضاع السوريين، الذين لم يجدوا ما يردون به، غير السخرية، على مزاعم عمرو سالم، وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، الذى كتب فى حسابه على «فيسبوك»، بعد جولة قام بها فى أسواق دمشق، يوم الجمعة، أنه يرى «الفرحة فى عيون الناس وهم يشترون لوازم العيد»، وأن «الباعة زيّنوا سكاكرهم وموادّهم بلوحاتٍ يعجز عنها أعظم الرسّامين»، وأن «الكلّ طيّب، والكلّ يأخذ ما يستطيع والفرحة فى أعينهم. وسلامهم دافئ محبٌّ كلّه أملٌ فى غدٍ أجمل يستحقّونه».

ما قد يثير الدهشة، التعجب، أو يستوجب مزيدًا من السخرية، هو أن جولة الوزير السورى، جاءت بعد ساعات من الاجتماع المغلق للمبعوثين الغربيين والعرب الخاص بسوريا، الذى استضافته العاصمة الفرنسية باريس، الخميس الماضى، الذى بدا فيه أن بعض الدول الغربية يبحث عن وسائل جديدة لمعاقبة أو «لمحاسبة دمشق»، بينما حاولت دول عربية البحث عن صيغة للتحايل على العقوبات وتمويل إعادة الإعمار، وسعت أخرى لكى «لا يؤدى الاستقطاب الغربى الروسى فى أوكرانيا إلى زيادة معاناة السوريين».

الهدف الأساسى من الاجتماع، الذى دعت إليه المبعوثة الفرنسية بريجيب كورمى، كان ضبط الإيقاع بين الدول العربية والغربية المنخرطة بدرجات متفاوتة و«أسلحة مختلفة» فى الأزمة السورية. وعشية الاجتماع، عقد المشاركون فيه مشاورات ثنائية وثلاثية، قبل أن يعقدوا جلستين موسعتين منفصلتين، حضر إحداهما المبعوث الأممى جير بيدرسن. ولم ينتج عن ذلك كله غير مناقشات عقيمة وأفكار تكررت فى اجتماعات ومؤتمرات سابقة طوال ١١ سنة، هى عمر الأزمة السورية، باستثناء ما طرحه المبعوث الأمريكى إيثان جولدريش، بشأن تذكير أو تحذير «المتحمسين للتطبيع» مع دمشق بأهمية عدم «التطبيع العربى مع النظام السورى»، إضافة إلى الصيغة الجديدة، أو المعادلة المختلفة، التى اقترحها المبعوث الأممى جير بيدرسن.

الصيغة، المعادلة أو المقاربة عنوانها «خطوة- خطوة»، وتركز على المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار وتخفيف العقوبات ودعم التعافى المبكر وعودة اللاجئين والنازحين، وجرى نقاش تفصيلى حول هذا المقترح الذى ترفض دمشق مناقشته، أو مناقشة غيره «فى ظل وجود الاحتلالين الأمريكى والتركى». والأرجح هو أن تكون هذه الصيغة المحور الرئيسى فى اجتماعات الجولة المقبلة التى دعا إليها بيدرسن، والتى من المفترض عقدها بين ٢٨ مايو الجارى و٥ يونيو المقبل. إذ كان المبعوث الأممى قد وجه الدعوة، فى ٢٦ أبريل، للحكومة السورية ومن وصفهم بممثلى المعارضة، لحضور «الدورة الثامنة للجنة الدستورية بقيادة وملكية سورية، استنادًا إلى الآلية المطبقة فى الدورتين السادسة والسابعة»، وأشار إلى أن «المبادئ الإضافية سيتم تقديمها قبل مغادرة الوفود إلى جنيف».

من المقرر، أيضًا، أن تستضيف العاصمة البلجيكية بروكسيل، فى ١٠ مايو الجارى، مؤتمر المانحين الدوليين، الذى تضاعفت أهميته بعد الأزمة الأوكرانية التى قد تؤدى إلى عدم تمديد الآلية الدولية للمساعدات الإنسانية عبر الحدود، التى من المقرر أن يتم تمديدها فى يوليو المقبل، مع ملاحظة أن الحوار الأمريكى الروسى بشأن سوريا، تم تجميده تمامًا بعد الأزمة الأوكرانية، ولم يبق من التعاون بين البلدين سوى اتفاق «منع الصدام» بين جيشيهما بين شرق الفرات وغربه. وكان ذلك الحوار قد انطلق بعد قمة الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن فى جنيف، منتصف يونيو الماضى، وجرى فى إطاره عقد ثلاث جلسات للملف الإنسانى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن متوسط حجم الحوالات الخارجية إلى سوريا خلال شهر رمضان يقدر بعشرين مليون دولار يوميًا، الأمر الذى ينعش الأسواق إلى حد ما، فى ظل تسجيل الأسعار زيادات منهكة.