رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حنان مطاوع.. التجلى المبهر

 لا أتحدث عن الفنانة الرائعة حنان مطاوع بمناسبة نجاحها المدوي في مسلسل وجوه المعروض في رمضان الحالي؛ فلا يحتاج الفنان الرائع إلى مناسبة تذكر به، إنما أتحدث عنها حديث محبة وإكبار نتجا عن مراقبة طويلة لأداء سلس محكم فريد، لا حديث واجب نتج عن متابعة لعمل درامي يخصها دخل سباقًا موسميًا..
سيقول كثيرون، ليست نباهتهم حاضرة، إن ابنة كرم مطاوع وسهير المرشدي لا بد أن تشبه أبويها القديرين، لكنهم سيندهشون حين يوقنون أنها خلقت الأبوين خلقًا جديدًا إذ برزت لا تشبه إلا نفسها في مرايا الإبداع، والمعنى أنها، باستقلالها عنهما، منحتهما استقلالًا خاصًا في الفن وفي التربية معًا؛ ففي الفن ظل اسماهما لامعين بغير حاجة إلى امتداد يؤكد تفوقهما، وفي التربية بقيا أبوين آثرا حرية ابنتهما على صبغها بصبغتهما الغالبة، وذلك مما يكبره المثقفون الواعون للمربين..
ولدت حنان كرم مصطفى محمود مطاوع، المعروفة بحنان مطاوع، بمدينة القاهرة في 23 فبراير من عام 1979.. تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية، وبدأت رحلتها الفنية بمسلسل حديث الصباح والمساء (تأليف نجيب محفوظ وإخراج أحمد صقر وبطولة نخبة عظيمة من الممثلين).. وإذا كانت بدأت بدور "مطرية" البسيط في ذلك العمل الكبير الفارق، إلا أنها استطاعت أن تجعل دورها علامة وسط عمالقة مشهود لهم بالرسوخ في المجال، وهي العلامة التي انتهت إليها في وجوه (تأليف محمد علي إبراهيم وإخراج معتز حسام وبمشاركة عدد من النجوم)، في دور فريدة البطولي الذي استولى على المشاهدين، وبين العملين البعيدين زمنيا (2001- 2022) تعددت أدوراها وتنوعت، بين السينما والتلفزيون، لكنها أفلحت في أن تجعل كل دور على حدته علامة بالمثل، والمدهش حقًا أنها لم تتكرر بطول ما واجهت الكاميرات، كانت أذكى من أن تقع في نمطية تصيب جمهورها بالملل، ولو حصل تقارب في الكتابة بين دورين لها، كانت كمن تختلف باختلاف أجواء كل عمل عن الآخر، كأن مجموع الأدوار، لا دورها وحده، بالإضافة إلى المواقع والأزمنة وإشاعات المحيطين، كل ذلك مجتمعا كانت تستمد طاقته الذاتية التي تغاير طاقة سواه، وهو حساب دقيق معقد ندر ما عارفوه!
لأن حنان ذات ملامح شكلية بالغة الجمال والرقة يصفونها بالعذوبة، ومن الجميل طبعًا أن تجتمع عذوبة شكلها مع عمقها شديد الجدية.. وكم حدثني ثقات عن خصالها الإنسانية النبيلة الراقية..
المهم، نحن بحيال ممثلة جليلة الشأن، ولو أحسن صناع الدراما ببلادنا توظيفها لكانت صورة من صور خلود الممثل التي اضمحلت في السنوات الأخيرة، وسبقتها الأدوات التي غلبت العنصر البشري، أو كادت، أعني العوامل المساعدة فقد كثر الحديث عنها وقل عن الممثل النابغ نفسه!
حنان في العلياء، ومن أراد شعورها الحميم وصدقها الآسر فسيجدها لا محالة!