رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مسجد.. ضريح «أبو الحسن الشاذلى» أقدم مساجد البحر الأحمر

مسجد أبو الحسن الشاذلي
مسجد أبو الحسن الشاذلي

أول وأقدم مساجد البحر الأحمر على بعد 150 كيلومترا من مدينة مرسى علم، في وادي حميثرة، يرتحل إليه عشرات الآلاف في أول أيام شهر ذو الحجة، ويطلق الصوفية والمحبون على ذلك اليوم الحج الأصغر، مسجد ومقام "أبو الحسن الشاذلي".

سمي المسجد باسمه، فهو واحد من أهم أقطاب الصوفية على مر التاريخ، وهو الإمام تقي الدين أبو الحسن على بن عبدالله، حفيد الحسن بن على بن أبى طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي ولد عام 571 هجرية/ 1196 ميلادية، وقد ولد وعاش سنوات عمره الأولى في المغرب.

تتلمذ الشاذلي على يد عدد من فقهاء الصوفية، منهم الإمام عبدالسلام بن مشيش، بعدها رحل إلى تونس وظل سنوات بها وارتقي في علوم الفكر الصوفي، وانشغل بعلوم الشريعة حتى أتقنها وانتقل منها إلى منهج التصوف، ثم بعد ذلك جاء الشاذلي إلى مصر وعاش فيها وأقام بالإسكندرية، وتزوج وأنجب أولاده شهاب الدين أحمد، وأبو الحسن على، وأبو عبدالله محمد، وابنته زينب، وخلال فترة وجوده في الإسكندرية كثر تلاميذه ومريدوه، وكانت فترة وجوده في مصر بالتزامن مع عهد الدولة الأيوبية، وكان يقيم دروس العلم في "مسجد العطارين"، ثم انتقل إلى القاهرة، وكان يلقي دروسه بـ"مسجد المقياس" في الروضة أو "المدرسة الكاملية"، والتي أنشأها السلطان الكامل بن شقيق السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي.

وقد ارتبطت رواية وفاته ببناء ضريحه ومسجده، ففي عام 656 هجرية/ 1258 ميلادية، كان يتحضر الإمام أبو الحسن الشاذلي لأداء فريضة الحج، فوضع بين أغراضه عدة الدفن والكفن، واستغرب أصحابه وسألوه، فكان الرد الأشهر والمرتبط بالشاذلي: "في حميثرة سوف ترى"، وحينما وصل الشاذلي وادي حميثرة بصحراء عيذاب بالبحر الأحمر، توفاه الله عن عمر يناهز 63 عامًا، وكانت تلك إحدى كراماته، فقد دعا أبو الحسن الشاذلي ربه أن يقبض روحه ويدفن بمكان لم يدنس بمعصية.

بعض الأقاويل أن ضريح ومسجد الإمام أبو الحسن الشاذلي قد بني في نهاية عهد الدولة الأيوبية، إلا أن تاريخ وفاته يأتي بعد وفاة آخر ملوك الدولة الأيوبية الصالح نجم الدين أيوب، وأنه توفى في عهد دولة المماليك البحرية، وأن من بنى ضريحه ومسجده هم مريدوه من أبناء الطريقة الشاذلية، التي أسسها الإمام أبو الحسن الشاذلي، وظل الضريح بحالته حتى تم تجديده، في مدة اقتربت من 8 سنوات، ليعاد افتتاحه في عام 2015، بعدما تكلف تطوير المسجد ومحيطه 218 مليون جنيه.

وتبلغ مساحة المسجد والضريح 4 آلاف متر، ويتكون من مبنى مثمن الشكل بكل ضلع من أضلاعه السبعة نافذة واحدة مستطيلة، والثانية على شكل قماري، أما الضلع الثامن ويحتوي على مدخل الضريح، ويتوسط الضريح ثمانية أعمدة تقوم فوقها رقبة مرتفعة تعلوها قبة مدببة، وغطى الجزء المحصور بين القبة والمثمن سقف مسطح يحتوي على زخارف أعلى الجدران، ويشهد مولده في مطلع ذي الحجة من كل عام توافد أبناء الطريقة الشاذلية، واحدة من أهم الطرق الصوفية في مصر، ومريدي أبو الحسن الشاذلي سواء من الطرق الصوفية أو غيرها، كل عام لزيارة ضريحه الواقع بين جبال وادي حميثرة، والذي يقال إن أنوار مكة تظهر للواقفين على جباله.