رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

درية وعلا ومن بعدهن فاتن أمل حربي.. هكذا واجه الفن «ظلم المرأة»

فاتن أمل حربي
فاتن أمل حربي

تناولت السينما والأعمال الدرامية قضايا اجتماعية متنوعة على مر العقود، منها الأسرى والعاطفي من الحب والانفصال وغيرهم من قضايا نتعرض لها يوميا، ومن أكثر هذه القضايا وأشدهم إيلامًا عندما تتعلق بالطلاق، هذا الشئ الذي لا يعقبه سعادة واقامة احتفالات صاخبة وفي الصباح التالي تبدأ المرأة حياة جديدة ممتلئة بالتفائل والأمل والعمل الجديد الذي سيغيّر حياتها تماما، لكن هناك من هن لا يستطعن تحمل ضغوط إجراءات وتطور الانفصال عن شريكهنّ حتى وإن استحالت الحياة بينهم وترغب في إنهاء تلك العلاقة إلاّ أنها تظل فترة قاسية مما لا شك فيه.

أثار مسلسل فاتن أمل حربي ليس، فقط، أحزان السيدات، إنما أشعل فيهن الامل لاستجابة القانون بالتغيير من أجل الأبناء الذين لا ذنب لهم في غباء وقسوة والدهم من حيث الولاية التعليمية والنفقة والالتزام تجاههم عامة، ليس ذلك فحسب وإنما يتطرق لبعض القيم المبتدعة مؤخرا في المجتمع المصري من عدم السماح للمرأة باستئجار شقة بمفردها بدون ولي أمر من الرجال كالزّوج او الاخ او قيامها بحجز ايام مؤقتة في احد الفنادق على سبيل المثال بالرغم من عدم تواجد هذه التّعنيفات كمواد قانونية، إنما هى الأعراف الاجتماعية المهينة التي تعتبر المرأة أساس للفتنة والإغواء، بخلاف تهديدات قانونية هذه المرة وهي توجيه اتهامات للزوجة بعدم الامانة على الأبناء لعدم توفر منزل مستقل هذا الذي جردها منه.

في كتابة رشيقة بقلم إبراهيم عيسي وإخراج محمد جمال العدل تلعب نيللي كريم إمام شريف سلامة- الذي راهن مخرج العمل علي نجاحه واستحقاقه للدور- مسلسل اجتماعي يثير مشاعر الجمهور تجاه المقهورات ويفتح الجدل لإعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية والقاء الضوء علي مافيه من تقصير تجاه حقوق المرأة والأطفال وكيفية تسويته، تلعب موسيقي خالد الكمار دور أحد أبطال العمل لما لها من وقع يزيد من شجن اللقطات الباكية والمُربكة، إضافة لاختيار موفق للاغاني داخل مشاهد الحلقات لوردة وليلي مراد وسميرة سعيد والتي تليق وتتوافق مع الحدث الآني للحظة.

◘ ليست المعاناة الوحيدة

بدءًا من درية/ فاتن حمامة في فيلم أريد حلاً 1975 أمام رشدي أباظة وإخراج سعيد مرزوق والذي صور فيه واحدة من أبشع مساوئ القانون الذكوري الذي يذبح المرأة كقربان للرجل، لا تملك حريتها ولا ترفض حكم بيت الطاعة المهين أو الدفاع عن نفسها ضد تلفيق التهم والشهادات الزور التي استعان بها الزوج لتدميرها ويفوز في الحرب عليها. 

وهدى/ نجلاء فتحي في فيلم عفوًا أيها القانون 1985 اخراج ايناس الدغيدي تتعرض لخيانة زوجها المصاب بعقدة نفسية تسبب له عجز جنسي وبدلا من العلاج يلجأ لخيانتها مع زوجة أحدهم لتكتشف هدي وتطلق عليهم الرصاص، فالقضية المثارة هنا هي قضية اننا بشر من لحم ودم وأعصاب وإحساس فكيف للزوج الحق في قتل زوجته لاكتشاف خيانتها ولا يُعاقب على فعلته علي عكس الزوجة التي ينتظرها السجن ومن الممكن ان تخضع لحكم الاعدام.

◘ هنا.. كان لا بد من التغيير 

علا عبد الصبور أسعدهنّ وأوفرهنّ حظا، وجدت سبل التغيير بعد قرار البحث عن نفسها ومواجهة والدتها والبدء من جديد، لكن أقول أن ما دفع علا وشد أزرها لمواجهة المجتمع بعد طلاقها بهذه القوة هو زوجها هشام/ هاني عادل الطبيب النفسي الذي خلق لها التغيير والاستقرار الاجتماعي لعشرة سنوات هى مدة زواجهما، على عكس فاتن حربي التي جردها زوجها من مستحقاتها وأطفالها من أدنى حق بما فيهم المنزل والأثاث ودفعها للسكن في ملجأ للناجيات من العنف الأسري والذي ألقى عليه المسلسل الضوء لاكتشاف مثل هذه خدمات تقدم من حكومتنا المتجهة بقوة لدعم المرأة وإعادة النظر في قانون المرأة والطفل لصالحهم وبالفعل حققت حكاية فاتن حربي هذا التغيير بعد ان أصدر المجلس القومي للمرأة بيان توضيحي يشرح ويؤكد ان الولاية التعليمية للأم، مستندًا لقانون الطفل رقم 54 والآخر يتعلق بوزارة التربية والتعليم.

ونحترم ونقدر الأعمال التي تحدث التغيير وبدورها تتمركز في قلب الأحداث وتتخذ دورا في التاريخ كأحد الأعمال الدرامية الناجحة التي غيرت قسوة بعض القوانين.