رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تثبيت الهدوء».. خطة إسرائيل لمواجهة احتمالات التصعيد فى رمضان

اسرائيل
اسرائيل

 

تتخوف المؤسسات الأمنية الإسرائيلية من احتمالات التصعيد الأمنى فى الضفة الغربية والمناطق العربية بالداخل، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، فى ظل تزامن فترة المناسبات والأعياد الإسلامية واليهودية مع الذكرى الأولى لعملية «حارس الأسوار»، التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة العام الماضى. 

وتستعد المؤسسات الإسرائيلية لمواجهة التوتر، الذى لا يزال متواجدًا فى القدس والأماكن المقدسة، بخطة موسعة، تتضمن عدة إجراءات سياسية وأمنية، خشية الاندلاع المفاجئ للمواجهات، واحتمالات اتساع نطاقها حال انضمام الحركات الفلسطينية فى القطاع إليها.

 

مخاوف من الانفلات مع تزامن المناسبات الدينية الإسلامية واليهودية

فى أعقاب عملية الطعن التى وقعت فى مدينة بئر سبع، الأسبوع الماضى، رفعت الشرطة الإسرائيلية جاهزيتها فى عدد من مناطق الضفة الغربية، والقدس والمناطق العربية فى إسرائيل، تحسبًا للتصعيد الأمنى المحتمل قبل شهر رمضان، فى ظل اقتراب ذكرى مرور عام على الاشتباكات التى أدت لمواجهات واسعة فى القدس، وإطلاق عملية «حارس الأسوار» الإسرائيلية على قطاع غزة.

وتترقب المؤسسات الأمنية بحذر الفترة المقبلة، مع اقتراب حلول شهر رمضان، الذى تنظر إليه إسرائيل باعتباره فترة ترتفع فيها احتمالات التصعيد بشكل عام.

وتتزايد المخاوف هذا العام عن الأعوام الماضية، فى ظل توالى عدة مناسبات دينية وسياسية، من بينها يوم الأرض الفلسطينى، الذى يوافق يوم الـ٣٠ من مارس الجارى، وعيد الفصح اليهودى وزيارات الحاخامات والمتدينين لحائط البراق «المبكى»، وعيد الفطر الإسلامى، وذكرى عملية «حارس الأسوار»، فى الـ١٠ من مايو المقبل، وكذلك ذكرى استشهاد أحد الفلسطينيين من مدينة اللد، بعد إطلاق النار من سكان المدينة اليهود فى أعمال شغب، بالإضافة إلى ذكرى النكبة فى الـ١٥ من مايو.

ولضبط الأوضاع، حددت المؤسسات الأمنية ٣ بؤر رئيسية فى القدس، تتزايد فيها احتمالات التصعيد، وهى مناطق الشيخ جراح وباب العامود والحرم القدسى.

وتبين التقارير الأمنية الإسرائيلية، أن المواجهات فى منطقة الحرم القدسى آخذة فى التراجع، فى ظل عدم انضمام نشاط من خارج المدينة إليها، مع استقرار الأوضاع فى الحرم الإبراهيمى، كما تتراجع المواجهات فى حى الشيخ جراح، بعد أن اعتاد سكانه على تواجد المكتب المتنقل لعضو الكنيست إيتمار بن غبير، الذى أثار الاضطراب فى الأسابيع الماضية، كما أن الأوضاع فى الحرم الإبراهيمى مستقرة.

ومن بين البؤر المرشحة للاضطراب، تظهر منطقة باب العامود فى القدس كأكثر المناطق استعدادًا للانفجار، لذا تخطط الشرطة الإسرائيلية لاتباع سياسات أكثر هدوءًا فى التعامل مع الأوضاع بها، خاصة أن الاستخدام المفرط للقوة فى مواجهة المظاهرات فى عيد الفطر الماضى، كانت السبب الرئيسى فى تفاقم الأوضاع.

أما خارج القدس، فتبين التقارير الأمنية أن مناطق متعددة فى النقب يمكنها التحول إلى مناطق مواجهات، على رأسها القرى البدوية فى منطقة تل السبع، خاصة فى ذكرى يوم الأرض، نهاية مارس الجارى، واستمرار مشروع تشجير النقب، الذى ينظر إليه سكان المنطقة باعتباره محاولة للاستيلاء على أراضيهم، ما قاد مؤخرًا إلى التصعيد.

البؤرة الثانية المرشحة للمواجهات خارج القدس، هى مدينة اللد مختلطة السكان، خاصة أن التقارير الأمنية توضح أنها لا تزال ساحة مواجهة ساخنة، منذ عملية «حارس الأسوار» العام الماضى، ما ينذر بمواجهات محتملة مع اقتراب ذكراها، وتزايد قوة حركة «الحراك الشبابى»، التى تنسق جهود «عرب ٤٨» فى المدينة، وتنظر لاضطرابات العام الماضى باعتبارها نجاحًا. 

وبالتزامن مع ذلك، تستعد المجموعات اليهودية المتطرفة فى «اللد» لاستضافة أعداد من خارج المدينة، للاحتفالات بالأعياد اليهودية، الأمر الذى يمكن أن يؤدى إلى مواجهات عنيفة.

وتنظر المؤسسات الأمنية فى إسرائيل إلى الشيخ رائد صلاح، رئيس الجناح الشمالى للحركة الإسلامية، باعتباره قائد عرب إسرائيل، وأهم المسئولين عن تسخين الأجواء فى النقب. 

وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن ميله لتسخين الأجواء يأتى على خلفية تزايد القوة السياسية لعضو الكنيست منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحدة، المشاركة فى الائتلاف الحاكم فى إسرائيل، الذى تعتبره تل أبيب خصمًا أيديولوجيًا لـ«صلاح»، ويعانى بسبب عدم وفاء الحكومة الإسرائيلية الحالية لوعودها للعرب، ما يقلص من قدرته على ضبط الأوضاع، حال اندلاع مواجهات.

التهدئة بزيادة تصاريح العمل والموافقة على زيارات الأسرى

فى مواجهة تزايد احتمالات التصعيد، سمحت السلطات الأمنية الإسرائيلية لأول مرة، منذ نحو عامين، للفلسطينيين بزيارة الحرم الإبراهيمى فى شهر رمضان، كما وافقت على زيارات عائلية لأسرى حركة «فتح» الفلسطينية فى عدد من السجون الإسرائيلية، حسبما أفادت هيئة البث الرسمية «كان».

ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية فى الفترة الأخيرة عن سلسلة من الزيارات المتبادلة بين مسئولين إسرائيليين وفلسطينيين، أسفرت عن مجموعة من التسهيلات للفلسطينيين، بهدف تعزيز التعاون وضبط الأوضاع الأمنية، من بينها زيادة تصاريح العمل والتجارة للفلسطينيين من قطاع غزة.

كما وافقت المحكمة العليا الإسرائيلية، فى مارس الجارى، على مواصلة العائلات الفلسطينية من سكان حى الشيخ جراح بالقدس، الذين كان سيجرى إخلاؤهم وهدم منازلهم أو نقل ملكيتها، العيش فى بيوتهم مقابل إيجارات مخفضة، إلى حين استكمال إجراءات تسوية الأوضاع.

وبالإضافة إلى كل ذلك، قررت الشرطة عدم وضع حواجز أمنية فى منطقة باب العامود بالقدس خلال شهر رمضان، حسبما نشرت صحيفة «هآرتس»، حتى لا تندلع المواجهات بسببها كما حدث فى رمضان الماضى.

وبموازاة ذلك، تجرى محادثات مكثفة مع الأجهزة الأمنية فى السلطة الفلسطينية من أجل تحسين مستوى التنسيق الأمنى بين الطرفين، وتقليص الاحتكاك، ودراسة تقديم مزيد من التسهيلات للفلسطينيين خلال شهر رمضان المقبل.

وفى حال تطبيق هذه الخطة، تقدر المؤسسات الأمنية فى إسرائيل أن المواجهات إن اندلعت فستظل محدودة، ولن تؤدى إلى تصعيد أمنى أوسع، مع وضع خطط خاصة للتعامل مع المواجهات خشية تكرار ما حدث خلال العام الماضى، بعدما أدت المواجهات فى الضفة إلى انضمام حركة «حماس» الفلسطينية فى قطاع غزة للمشهد، وأسفرت عن عملية عسكرية واسعة ضد القطاع.

وتشير التقديرات فى المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، رغم ازدياد العمليات فى القدس خلال الأيام القليلة الماضية، إلى أنه من السابق لأوانه التأكيد أنها تعد مؤشرًا على موجة تصعيد فى الفترة المقبلة، خاصة أنها عمليات فردية لا تتعلق بالأوضاع السائدة فى سائر أنحاء الضفة الغربية.

ورغم ذلك، يحذر المراقبون من توافر ما يسمونه بـ«خلطة الانفجار»، التى تتمثل فى الأوضاع الصعبة التى تواجهها السلطة الفلسطينية، والصعوبات الاقتصادية التى يعانيها الفلسطينيون، والحملات التى تقوم بها المنظمات الفلسطينية، خاصة فى قطاع غزة، الذى تتزايد فيه احتمالات التصعيد.

هدوء فى «الحرم القدسى»