رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسى عراقى يكشف لـ«أمان» أسباب العفو عن مرتزقة «بلاك ووتر» رغم قتلهم 14 مدنيًا (تحليل)

جريدة الدستور

- رمزي ساري: ترامب يعطي دليلا تلو الآخر على غروره وتقليله من العراق خاصة والعرب كافة
- إصدار العفو في هذا التوقيت يعكس نظرة استعلائية على الشعوب العربية ودماء ضحاياها
- رحمة ترامب بالمرتزقة قوبلت بإدانة شديدة في الولايات المتحدة والشرق الأوسط



نشرت اللجنة التابعة للأمم المتحدة وفريق العمل المعني باستخدام المرتزقة تقريرا، تدين فيه إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا بالعفو عن عناصر سابقين في شركة بلاك ووتر كانوا قد تمت إدانتهم بارتكاب مجازر عام 2007 في بغداد، مؤكدين أن قرار الرئيس الأمريكي بالعفو عنهم ينتهك القانون الدولي.

وأشارت لجنة الأمم المتحدة إلى أن قرار ترامب إهانة للعدالة وللإنسانية ولحقوق الضحايا والقتلى الذين سقطوا بيد المرتزقة الذين أفرج عنهم، نظرا لأن أفراد بلاك ووتر كانوا قد ارتكبوا مجزرة إنسانية في عام 2007 أطلق عليها مذبحة ساحة النسور قتل فيها نساء وأطفال وعائلات بأكملها في بغداد.

وأكدت اللجنة أنه بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني وحقوق الإنسان على مستوى العالم، يجب رفض هذا القرار الذي ينتهك التزامات الولايات المتحدة بموجب القانون الدولي على حد قولهم.
وكان ترامب قد أصدر بتاريخ 23 ديسمبر الماضي عفوًا كاملًا عن عناصر سابقين في شركة بلاك ووتر العسكرية الخاصة، والذين كانوا قد أدينوا بارتكاب مجزرة خلفت عشرات القتلى بين المدنيين في بغداد عام 2007، وأدرجت أسماء كل من نيكولاس سلاتن، وبول سلاو، وإيفان ليبرتي، وداستن هيرد، على قائمة الإعفاءات التي نشرها البيت الأبيض، وتضمن العفو 15 مدانا بعفو كامل من كافة العقوبات التي وجهت إليهم، وتم اتهامهم بها وسجنوا على إثرها، بالإضافة إلى تخفيف عقوبة خمسة آخرين.

وحول قرار العفو الرئاسي من ترامب لأفراد "بلاك ووتر"، قال رمزي ساري، المحلل السياسي العراقي لموقع " أمان"، إن هذه الجريمة النكراء التي حدثت من قبل مرتزقة أمريكيين في عام 2007، وارتكبوها بدم بارد تجاه مواطنين عراقيين أبرياء، لم ينجو منها سيدة ولا طفل، مشددا على أن ترامب يعطي دليلا تلو الآخر على غروره وتقليله من العراق خاصة والعرب كافة، وإصدار هذا العفو في هذا التوقيت يعكس نظرة استعلائية على شعوب المنطقة العربية ودماء ضحاياها الأبرياء.

واستكمل المحلل السياسي العراقي قائلا، بالنسبة لرئيس مارس بشكل متكرر سلطته في العفو عن شركاء وداعمين سياسيين له رغم جرائمهم- قوبلت رحمة ترامب بالمرتزقة بإدانة شديدة في كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

وأكد "ساري" في تصريحاته لـ" أمان" أنه تَارِيخِيًّا تم تخصيص العفو الرئاسي للجرائم غير العنيفة وليس القتل العمد، والعملية التقليدية التي تقودها وزارة العدل تقدر قبول المسئولية والندم من المدانين بارتكاب جرائم، ومقاولو بلاك ووتر لا يستوفون أَيًّا من هذه المعايير، لقد أدينوا بقتل نساء وأطفال عراقيين غير مسلحين وكانوا منذ فترة طويلة متحدين في تأكيداتهم على البراءة، مستنكرا ردود المرتزقة الذين تم العفو عنهم في بعض الوسائل الأمريكية ففي مقابلة أجرتها وكالة أسوشيتد بريس مع "ليبرتي" أحد أفراد بلاك ووتر المفرج عنهم قال إنه لا يشعر بالندم وإن ما فعله واجب وطني، وإن سلوكه في عام 2007 يشعر تجاهه وكأنه تصرف بشكل صحيح، قائلا:"أنا آسف لأي خسارة في الأرواح، لكنني واثق من الطريقة التي تصرفت بها، ويمكنني أن أشعر بالسلام حيال ذلك ولا ندم لدي حول ما حدث من قبلنا تجاه من قتلوا من العراقيين".

وأكد المحلل السياسي العراقي أن حادث بلاك ووتر أحد أحلك فصول حرب العراق، وهو ما أدى إلى تلطيخ سمعة الحكومة الأمريكية وأثار احتجاجًا دَوْلِيًّا على دور المتعاقدين في المناطق العسكرية، مشيرا إلى أنه لطالما أكد الحراس الذين كانوا مسئولين عن توفير الأمن الدبلوماسي، بصفتهم متعاقدين مع وزارة الخارجية، أنهم استهدفوا بنيران المتمردين في دائرة المرور حيث وقع إطلاق النار، وجادل المدعون بعدم وجود دليل يدعم هذا الادعاء، مشيرين إلى أن العديد من الضحايا تعرضوا لإطلاق النار أثناء وجودهم في سياراتهم أو أثناء الاحتماء أو محاولة الفرار، وكانت الحكومة الأمريكية آنذاك تحاول باستماتة أن تخفي وجود مرتزقة قناصة ضمن أفراد قواتها المحتلة للعراق آنذاك.

وأشار المحلل العراقي إلى أنه بعد محاكمة استمرت شهرا في 2014، أدانت هيئة محلفين الرجال في مقتل 14 مدنيا وإصابة عدد أكبر، ووصف أحد القضاة إطلاق النار بأنه شيء جامح بشكل عام لا يمكن التغاضي عنه، مؤكدا أن هؤلاء هم من قام ترامب بإطلاق سراحهم منذ عدة أيام ضاربا بحقوق الإنسانية عرض الحائط.


- ما  شركة بلاك ووتر الأمريكية؟

بلاك ووتر هي شركة أمريكية تقدم خدمات أمنية وعسكرية للحكومات والأفراد عبر العالم، تعرضت لانتقادات حادة على ضوء اتهامها بانتهاك حقوق المدنيين العراقيين إبان الاحتلال الأمريكي للعراق.
وكانت قد تأسست بلاك ووتر وفقا للقوانين الأمريكية بالاعتماد على مرتزقة من المتقاعدين والقوات الخاصة من مختلف أنحاء العالم، وتوقع الشركة عقودا مع حكومات في دول عديدة من أجل تقديم خدماتها لها بعد موافقة حكومة الولايات المتحدة، ويتقاضى المنتمون إليها تعويضات مالية مغرية مقابل الخدمات التي يقدمونها.

- مشارك في المجزرة: لا أعرف سبب العفو

إيفان ليبرتي، الذي تم تخفيف حكمه بالسجن لمدة 30 عامًا بمقدار النصف تقريبًا العام الماضي، ليس متأكدًا من كيفية العفو عنه وقال إنه لم يتحدث مع ترامب، لكن الشركة لديها مؤيدون، بعضهم لهم صلات بالبيت الأبيض، وأن "بلاك ووتر"، التي تغير اسمها منذ ذلك الحين، أسسها رئيس سلاح البحرية السابق إريك برينيس وهو حليف ترامب وشقيقته بيتسي ديفوس، وزيرة التعليم، وقد دافع عن قضيتهما أيضًا بيت هيجسيث، وهو من قدامى المحاربين.

وكانت وسائل أمريكية قد قالت إن تأثر نهج ترامب في إصدار العفو بشدة بالنداءات الشخصية من الحلفاء، طوال فترة رئاسته، بما في ذلك في أحدث جولة عفو له، ألغى العقوبات المفروضة على مؤيديه السياسيين، بمن في ذلك رئيس الحملة الانتخابية السابق بول مانافورت واثنان من أعضاء الكونجرس الجمهوريين اللذان كانا من أوائل المؤيدين لحملته الانتخابية لعام 2016، كما أبدى استعداده للتدخل نيابة عن العسكريين المتهمين بارتكاب جرائم حرب.

وفي إعلانه عن عفو "بلاك ووتر"، استشهد البيت الأبيض بالخدمة العسكرية للرجال، والدعم الذي تلقوه والتاريخ المتشابك لقضية متعرجة لسنوات في محكمة واشنطن الفيدرالية، مما أدى إلى تفسيرات مختلفة جَذْرِيًّا لإطلاق النار.

وسرعان ما انتشر الغضب العراقي إبان العفو عن أفراد "بلاك ووتر" حيث وصف مواطنون عراقيون تحدثوا إلى الصحفيين أن في ذلك إعادة فتح لجروح قديمة، لتنتشر بعد فترة وجيزة من الإعلان صورة ضحية تبلغ من العمر 9 سنوات على نطاق واسع على الإنترنت، وقال والد الصبي لبي بي سي إن ترامب حطم حياتي من جديد، وهو ما دفع محامي الضحايا بول ديكنسون الذي مثل الضحايا العراقيين في دعوى قضائية في أمريكا والأمم المتحدة لنشر منشور عبر صفحته على "تويتر" يقول فيه: "إنهم لم ينفوا فعل ما فعلوه، لم يعتذروا عما فعلوه، ولم يعترفوا بأي خطأ فيما فعلوه".