رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث يؤكد عدم قدرة إيران على تنفيذ تهديدها بغلق مضيق هرمز

جريدة الدستور

علق فراس إلياس الباحث في الشئون الإيرانية عن التهديدات المستمرة من إيران بغلق مضيق هرمز حيث قال: تستمر الولايات المتحدة في تشديد الخناق على إيران، وهو ما إنعكس في حدة الخطاب الإيراني الذي يهدد بإغلاق مضيق هرمز، واللجوء إلى الخيار العسكري للرد على الأعمال الأمريكية، وفي حين أن القدرات البحرية لإيران ليست مجهزة بشكل جيد لإغلاق المضيق بشكل كامل، فإن هذه التهديدات تعكس تصعيداً أقل حدة، لكنه يمثل خطراً على المضيق.

وأضاف في تصريحات صحفية له: يمثل مضيق هرمز أهمية كبيرة للتجارة العالمية، حيث يمر عبره حوالي 40 في المئة من الإنتاج العالمي من النفط، كما يتم تصدير ما يقرب من 17 مليون برميل من النفط عبر المضيق كل يوم، وبالتالي، فإن التهديدات التي قد يتعرض لها المضيق، سواء كانت واقعية أم لا، قد تؤثر بشكل كبير على حركة الأسواق نظرا لأن جميع مستوردي النفط أو الغاز الطبيعي في العالم ، بما في ذلك الولايات المتحدة ـ يعتمدون على المرور الآمن للشحن عبر المضيق.

وتابع: لابد من القول بأن التحركات البحرية التي تقوم بها إيران اليوم في مضيق هرمز، وخصوصاً من جانب القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، بإعتبارها تضطلع بالمهمة الرئيسية في منطقة الخليج العربي وخليج عمان، كان لها الكثير من التداعيات الأمنية على المصالح الخليجية والدولية، ولعل هذا يأتي إستكمالاً لإستراتيجية الحرس الثوري البرية في ساحات الصراع الأخرى في الشرق الأوسط، كونه الأداة الرئيسة في إستراتيجية إيران الإقليمية وبالترابط مع إستراتيجية الدفاع الغير متماثل التي يعتمدها الحرس الثوري في إطار الحروب البرية، فقد إستطاع أيضاً أن يطبق فرضيات الدفاع الغير متماثل في إطار إستراتيجيته البحرية، فنظراً لمحدودية القدرة الإستراتيجية للبحرية الإيرانية في الخليج العربي وخليج عمان، ذهبت إيران بإتجاه تبني إستراتيجية التعرض البحري الغير مباشر، وذلك من خلال الدفع بأعداد كبيرة من الزوارق البحرية الصغيرة، والمزودة بصوريخ محمولة على الكتف، وطرادات بحرية بريطانية الصنع، وغواصات صغيرة مستوردة من كوريا الشمالية مؤخراً، وصواريخ البالستية مضادة للسفن، فضلاً عن تطوير أنظمة الدفاع الساحلي"كروز"، وزرع الألغام البحرية، ونصب مفارز بحرية عشوائية، إلى جانب تسخير أسراب من الطائرات بدون طيار، والمجهزة بقنابل متفجرة، من أجل شن هجمات إنتحارية على سفن العدو، وكذلك مروحيات بحرية ، وطائرات F-27 الثابتة الجناحين، وعدد صغير من الحوامات البحرية، وتطوير قدرات الهجمات السيبرانية للتجسس والاستطلاع، والتي تأتي جميعها من أجل فرض سيطرة غير مركزية على منطقة مضيق هرمز، والتي هي بصورة أخرى غير موازية للوجود الأمريكي هناك، حيث أن إيران قامت بوقت سابق بنقل أغلب سفنها الحربية الكبيرة إلى مناطق بحر قزوين والمحيط الهندي، كونها تدخل في سياق الحروب التقليدية، وهو مالا يتوائم مع إستراتيجية الحرس الثوري الإيراني، فضلاً عن أن البحرية الخاصة بالحرس الثوري نسجت علاقات قوية في الأونة الأخيرة مع العديد من مجاميع القرصنة البحرية كـحركة الشباب الصومالي في باب المندب، تحت فرضية الجهاد البحري المقدس، من أجل شل حركة النقل البحري وإمدادات الطاقة السعودية والأمريكية والدولية عبر البحر الأحمر.

واستطرد في تصريحاته قائلا: يمكن القول بأن إيران لا تمتلك فرصاً كبيرة في إغلاق المضيق لفترة طويلة جداً، بل أن أقصى مايمكنها القيام به هو عرقلة السفن المارة عبر المضيق لفترة قصيرة، هذا إلى جانب أن إيران لا تمتلك السلطة القانونية الدولية المطلقة على مياه مضيق هرمز، كون جزء كبير منها يتداخل مع المياه الإقليمية لسلطنة عمان، كما أن مايدلل على هامشية التحركات الإيرانية، ماصدر من تصريحات مشككة بقدرة إيران على إغلاق المضيق، ومنها ما أشار إليه مسؤول لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني حشمت الله فلاحت بشه، والذي قال بأن إيران لايمكن لها أن تغلق مضيق هرمز، وأن تصريحات روحاني الأخيرة هي للإستهلاك الإعلامي لا أكثر.

وواصل حديثه قائلا: في هذا الإطار، نجد بأن البحرية الإيرانية في الخليج العربي تعتمد على شن عمليات أشبه بعمليات القرصنة البحرية، عند القيام بعمليات تفتيش السفن المارة بالخليج العربي، كما حدث في عام 2016، عندما إحتجزت البحرية الإيرانية مجموعة من البحارة الأمريكان دخلوا المياه الإقلمية الإيرانية، أو عندما قامت بإطلاق النار على سفينة تحمل علم سنغافورة في عام 2015، قالت إنها ألحقت الضرر بمنصة بحرية إيرانية، أو ما قمت به أثناء الحرب العراقية الإيرانية فيما عرف انذآك بـ"حرب الناقلات"، إذ عادةً ماتربط عمليات إطلاق سراح الرهائن الذين يتم إلقاء القبض عليهم، مقابل مبالغ مالية أو شروط سياسية، إذ تقوم بمهام التفتيش سفن صغيرة تظهر وتختفي فجأة، بمعنى أننا لسنا أمام قوة بحرية لها من التقاليد الحربية المتعارف عليها.

وأضاف: لكن تبقى تكتيكات الكر والفر التي يتبعها الحرس الثوري الإيراني في إطار إستراتيجيته البحرية، يجعله قادراً على مهاجمة سفن الشحن أو الإغارة على المنشآت النفطية بسرعة كبيرة ومن دون سابق إنذار، حيث أن العقوبات العسكرية التي فرضت على إيران منذ بداية العام 2017، أجبرت الحرس الثوري الإيراني على السعي نحو تطوير عقيدة بحرية هجينة كما أن إيران تتمتع بعلاقات جيدة مع العديدة من الجماعات المتشددة في المنطقة، وبالتالي لا يمكن إقتصار الفعل الإيراني في منطقة الخليج العربي على الحوثيين فقط، فهناك حركة الشباب الصومالي التي وطدت علاقاتها بشكل كبير مع الحرس الثوري، ثم أن إيران لديها منصة بحرية في ميناء عصب الارتيري ويمكن أن تستخدمه في التضييق على التحركات الأمريكية حيالها.

وأكد فراس إلياس أن إيران تدرك جيداً بأن المواجهة العسكرية في مضيق هرمز ستكلفها الكثير من التداعيات البيئية والأمنية والإقتصادية، وبالتالي فهي تعمل جاهدةً على تجنب هذه المواجهة، كما إنها
تفهم بأن المستفيد الأكبر من غلق المضيق هم أعدائها، وبالتالي ستفكر ملياً قبل الذهاب بهذه الخطوة، ويبقى غلق المضيق احد اكثر الخيارات المستبعدة من جانب قدرات ايران من جهة ، ومن جهة أخرى فان اغلاق المضيق او عرقلة المرور من خلاله سيؤثر في الاقتصاديات العالمية بشكل كبير، بما يدخل ايران بعزلة دولية كبيرة بل قد يتصاعد ليشهد حراك يضع حد لنشاطاتها في المنطقة وعلى نحو غير مسبوق.