رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة رمضان

جريدة الدستور

يهل علينا شهر رمضان المبارك، الذي جعله الله ممحاة للذنوب، ومحطة يتزود منها المؤمن بما يعينه على الطاعات في بقية العام.. يأتي رمضان وقد بعث للمسلمين رسالة يقول فيها: يا مسلمون، فتحت أبواب الجنان من أجلي، وغلقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين، الكون كله استعد لي فهل أنتم مستعدون؟!
يا مسلمون، أنا شهر القرآن، فهلا تلوتموه وتدبرتم معانيه.
يا مسلمون، أنا شهر الذكر والدعاء، ولست شهر اللهو والعبث والفوازير والمسلسلات، فهي تضيع أوقاتكم، وتنتقص من أجوركم.
 
يا مسلمون، أنا شهر العمل والجهاد، ولست شهر الكسل. أريد أن أراكم في أعمالكم نشيطين، ولها متقنين، وللمساجد معمرين، وبين يدي الله قائمين، ولوحدتكم موثقين، وبحبل ربكم مستمسكين.
 
يا مسلمون، أنا شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، وينظر إلى تنافسكم في الخير، ويباهي بكم الملائكة، فأروا الله في من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم في رحمة الله-عزوجل-.

يا مسلمون، فضلني الله على سائر الشهور، فأنا بين الشهور كنبي الله يوسف بين إخوته، فكما كان يوسف أحب الأبناء إلى أبيه يعقوب، فإني أحب الشهور إلى الله علام الغيوب، وكما كان في يوسف من الرحمة والحلم ما غمر قلوب إخوته، فإن في من الرحمة والغفران والعتق من النيران ما يغلب سائر الشهور، ولقد جاء إخوة يوسف معتمدين عليه في سد الخلل، وإزاحة العلل، بعدما كانوا أصحاب خطايا وزلل، فإحسن لهم الإنزال، وأصلح لهم الأحوال، وأطعمهم بعد جوع، وأذن لهم في الرجوع، وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم، فسد يوسف خلل أحد عشر من إخوته،وكذلك رمضان تستطيعون فيه ان تتلافوا تقصيركم في سائر الشهور، وتصلحوا ما فسد من الأمور.

 ولقد كان ليعقوب-عليه السلام- أحد عشر ولدا ذكورا، بين يديه حاضرين، ينظر إليهم ويراهم، ويطلع على أحوالهم، وما يبدو من أفعالهم، ولم يرتد بصره بشيء من ثيابهم، وارتد بقميص يوسف، وأصبح بصيرا بعد العمى، قويا بعد الضعف، فكذلك المسلم العاصي إذا شم روائح رمضان، وجلس فيه مع الذاكرين، وقرأ القرآن، وترك الغيبة وقول البهتان، عاد مغفورا له بعدما كان عاصيا،وقريبا بعدما كان قاصيا، ينظر بقلبه بعد العمى، ويقابل بالرحمة بعد السخط.... شهر رمضان.