رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مراقبون: داعش صفع ترامب بهجوم منبج السورية

جريدة الدستور

خلال الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء، فجّر انتحاري نفسه داخل مطعم في وسط مدينة منبج، الواقعة في شمال سوريا والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وهي ائتلاف مقاتلين عرب وأكراد مدعوم من واشنطن، في أعنف هجوم ضد القوات الأمريكية منذ انتشارها في سوريا في 2015.


وذلك بعد أربعة أسابيع فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هزيمة تنظيم داعش، فقتل 16 شخصا على الأقل بينهم مدنيّون وأمريكيون في هجوم تبنّاه التنظيم الإرهابي، والذي شكل صفعة لترامب وسلّط الضوء على واقع ميداني مختلف تماما.
وفي هذا الجانب، يرى مراقبون أن الهجوم الانتحاري في منبج وتبني "داعش" له يشكل صفعة قوية للرئيس ترامب. فالرئيس الأمريكي برر نيته سحب قواته من سوريا بالقول، قبل أسابيع، إن تنظيم "داعش" قد هزم وبالتالي لا مبرر لبقاء الجنود الأمريكيين هناك.

وقال تشارلز ليستر، المحلل في معهد الشرق الأوسط، إن الهجوم يبيّن أن تنظيم داعش يبقى قادرا على شن هجمات من هذا النوع، بعد ان تراجعت قوته العسكرية وتقلصت سيطرته على الارض بشكل كبير.

وتابع ليستر: "بهذه الطريقة تحديدا تمكّن هذا التنظيم الجهادي من التأقلم والعودة للهجوم في السنوات الماضية"، وأضاف المحلل أن "قرار ترامب كان متهوّرا ومدفوعا بهواجس السياسة الداخلية الأمركية أكثر منه بالوقائع الميدانية".

ومن أجل محاولة إثبات ما أعلنه بشأن هزيمة "داعش"، شدد ترامب على مساحات الأراضي التي خسرها التنظيم الإرهابي منذ إعلانه "الخلافة" في مناطق شاسعة، كان سيطر عليها في 2014، في كل من العراق وسوريا.. لكن الجهاديين لا يزالون يسيطرون على جيوب صغيرة في وادي نهر الفرات، وتفيد تقارير بأن الآلاف من مقاتليه لا يزالون في سوريا.

ولم يصدر الرئيس الأمريكي على الفور أي رد فعل على مقتل الجنود الأمريكيين، لكن نائب الرئيس، مايك بنس، أكد ما كان أعلنه ترامب بأن الولايات المتحدة ستسحب كامل جنودها المنتشرين في سوريا، والبالغ عددهم نحو ألفي جندي، وقال بنس إن "الخلافة قد انهارت وتنظيم الدولة الإسلامية قد هزم"، من دون أي إشارة للهجوم في شمال سوريا.. فيما أحال البيت الأبيض الاسئلة المتعلّقة بالهجوم إلى وزارة الدفاع.


بدوره، قال السيناتور الجمهوري مارك روبيو إن تبنّي "داعش" الهجوم يشكّل "تذكيرا مأساويا بأن تنظيم داعش لم يهزم وقد تحوّل إلى تمرّد خطير"، وقال روبيو على "تويتر": "الوقت الآن ليس للانسحاب من المعركة ضد تنظيم داعش.. هذا الأمر لن يؤدي إلا إلى زيادة عزيمتهم وتقويتهم".

وفي الأسابيع التي تلت اتّخاذه قراره بالانسحاب وبدأ البنتاجون تطبيقه، أدلى ترامب وأعضاء في إدارته بتصريحات متناقضة حول الجدول الزمني لسحب القوات الأمريكية من سوريا.. والأسبوع الماضي أعلن مستشار الأمن القومي للرئيس الأمركي، جون بولتون، أنه يجب توافر شروط من بينها ضمان سلامة الحلفاء الأكراد، قبل انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

وجاء إعلان البنتاجون أن الولايات المتحدة قد بدأت "عملية انسحابنا المنظّم" من سوريا، وتأكيده أن العملية تقتصر على سحب عتاد عسكري "غير ضروري" وليس جنودا، ليزيد من الالتباس المحيط بالانسحاب الأمريكي من سوريا.

في نفس الوقت، تستعد تركيا لتأخذ مكان الولايات المتحدة في شمال سوريا، وذلك ليس لمحاربة تنظيم "داعش" بالدرجة الأولى، وإنما لضرب القوات الكردية التي ساهمت بشكل اساسي في دحر الإرهابيين في معاقلهم في الرقة ودير الزور وغيرها من مناطق القتال.. فيما يعتقد المراقبون للمشهد السوري أن اهتمام تركيا بضرب المقاتلين الأكراد يشكل منفسا وعونا كبيرا للتنظيم المتشدد للالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم صفوفه بعد الخسائر الجسيمة التي لحقت به في العراق وسوريا.