رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقيقة الخلاف بين الرئاسة والأزهر

جريدة الدستور

مسألة أن هناك معركة بين الرئاسة وشيخ الأزهر هى فى الحقيقة معركة متوهمة من قبل بعض الموتورين الذين لا يتركون أى ثغرة يمكن النفاذ منها لترويج هذه المعركة إلا واغتنموها مستخدمين فى ذلك كل الاضيشهم وحرافيشهم على وسائل التواصل الإجتماعى وقنواتهم التليفزيونية قالوا: إن الرئاسة تتعمد مضايقة شيخ الأزهر ومن ثم لم تجدد للشيخ عباس شومان وكيل الشيخ المقرب، متناسين أن الشيخ الدكتور عباس شومان الذى لم يترك مناسبة يمكن أن يؤييد فيها الرئيس المخلوع محمد مرسى إلا وفعل قد عين وكيلًا للأزهر بعد خلع مرسى من قبل المستشار عدلى منصور وليس من قبل محمد مرسى ولا من قبلهم، ثم جدد له الرئيس السيسى مدة أخرى، وفى المرة الثانية يرفض التجديد قيل من قبل الرئاسة وقيل أن شيخ الأزهر لم يرشحه فقالوا فى ذلك الوقت بطريقة لا تخلو من الشماته والتحريض فى آن واحد:

الرئيس يضطهد شيخ الأزهر ويتعمد كسر إرادته، وأضافوا أن رفض التجديد لشومان لأنه واجه الدولة فى مؤتمر القدس بكلمات خرج فيها على النص، فجاء الرد ما ترون لا ما تسمعون فعين الدكتور عباس شومان أمينا لهيئة كبار العلماء.

ثم جاءت كلمات شيخ الأزهر عن "السنة" فى الإحتفال بالمولد النبوى فجعلوا شيخ الأزهر بطًلًا واجه السيسى الذى يحارب السنة، فاحتفوا بكلمات شيخ الأزهر على قنواتهم وحيوه فى كل مكان وجعلوه بطلًا كاد أن يكون رسولا، ونسجوا قصة من واقع خيالهم المريض فلا السيسى يحارب السنة ولا شيخ الأزهر كان يوجه كلامه له، بل يوجه كلامه فى الأساس لمن ينكر السنة ويقاضى الأزهر بسبب ذلك، تخيل هؤلاء أن ألاعيب الصغار هذه يمكن أن تنطلى على الشيخ، وينسى كيف كانت معاملتهم غير الأخلاقية وغير الشريفة له أثناء توليه منصب رئاسة جامعة الأزهرالشريف، وكيف أنهم رفضوا وساطته بعد خلع مرسى متبجحين بأن ذلك اعتراضًا على شخصه لا على مبدأ الوساطة فى إهانة متعمدة لشخصه الكريم.

وأخيرًا جاء موقف إنهاء مدة انتداب مستشارشيخ الأزهر الأستاذ "محمد عبد السلام" ليزعموا أن هناك قانونًا فصل تفصيلًا مخصوصًا لإقالة المستشار "محمد عبد السلام" من منصبه كمستشار للشيخ هذالرجل اللغز والذى يشاع أنه فى الحقيقة ليس على درجة مستشار وإنما هو مندوب أو نائب بمجلس الدولة على أقصى تقدير، والمعروف أنه تم تعيينه من قبل جماعة الإخوان وبترشيحهم بالمخالفة للقانون حين فترة حكمهم ولكنه مع الوقت صار لغزا مستعصيا على الفهم إذ بدا الرجل لا يختص بالمسائل القانونيية وفقط بل صار بوابة شيخ الأزهر والعقل المدبر والرجل الأقوى داخل المشيخة الذى يصدر ويمنح ويمنع لدرجة أننى لا أنسى مشهدين فى غاية الدلالة المشهد الأول: يوم أن قال لى أحد أساتذة جامعة الأزهر بفخر شديد الحمد لله أنا رجل لا أتزلف ولا أتقرب للمستشار "محمد عبد السلام" لدرجة لفتت انتباهه فصار يسألنى عن ذلك بطريقة خفية قائلا لى لماذا لم تطلب منى أى شيئ. فقلت له ولما يسألك أليس هذا هو طبيعى؟ فقال: بحسرة وألم لا ليس هذا هو الطبيعى فمن رضى عنه "محمد عبد السلام" رضى عنه الأزهر كله والعكس بالعكس لمن غضب عليه ثم قال لى بمرارة شديدة وهو يقسم على ذلك لقد رأيت قامات يذلهم "محمدعبد السلام"!!

ويوم زيارة ولى العهد السعودى للأزهر مشيخة وجامعة يقف محمد عبد السلام بجانب الشيخ فى مشهد لا يخلو من دلالة فيسلم ولى العهد على الجميع وعند محمد عبد السلام يظهر صوت شيخ الأزهر وهو يؤكد على أهمية ومكانة "محمدعبد السلام" ليتكرر المشهد بصورة أشد توثيقًا يوم زيارة الأمير للجامع الأزهر فلم يقف به الشيخ عند أحد من المستقبلين سوى عند "محمدعبدالسلام".

أسطورة الرجل لم تتوقف عند هذا الحد بل أمتدت ليطلق عليه الشيخ الكبير مقابل الشيخ الطيب ولك أن تفهم المغزى! إذ فى ذات مرة من المرات كنت أسأل أحد من أعرفه فى المشيخة عن أمكانية مقابلة الشيخ فقال: أى شيخ تقصد. فقلت وهل حينما أقول الشيخ يمكن أن يكون أحد سوى شيخ الأزهر فقال لى بزفرة المزاح المكسوة بالأسى: هل تريد مقابلة الشيخ الكبير أم الصغير ففهمت أنه يقصد الشيخ الطيب والمستشار "محمد عبد السلام"، ورغم اندهاشى من أعطائهم لقب الشيخ الذى لا يلقب به سوى شيح الأزهر إلا أننى قلت: بل الكبير، فكانت المفاجأة الأكبر بالنسبة لى أن قال لى صديقى: أنا سلطاتى تمكنى من أمكانية رؤية الشيخ الطيب فقط ليستغرق جميع الأزهريين من حولى فى الضحك!

سلطات وإشاعات ومطالبات لشيخ الأزهر بإقالة الرجل ومع ذلك لم يستجب شيخ الأزهر ولم يسمع لأحد حتى أتى اليوم الموعد ليظهر إدعاء أن النظام بجلالة قدرة يفصل قانونًا مخصوصا لتتضخم أسطورة الرجل من درجة الشيخ الكبير لدرجة النظام الذى يواجه المحمد عبد السلام بقانون مخصوص معتمدين على جهل الجاهلين وغفلة المغفلين بأن الدستور المصرى الذى وضع عام 2014م ووافق عليه الشعب المصرى به مادتين تتحدثان عن موضوع ندب القضاة في الجهات والهيئات الحكومية، حيث جاءت المادة "186" تحظر ندبهم والمادة "239" لتلزم مجلس النواب بإصدار القانون خلال 5 سنوات من تاريخ العمل بالدستور لهذا الأمر وكى نتصور الأمر تصورًا جيدًا علينا أن نستعرض نص المادتين كالآتى:

المادة "186" تنص على: أن القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وإعاراتهم، وتقاعدهم، وينظم مساءلتهم تأديبيًا، ولا يجوز ندبهم كليا أو جزئيا إلا للجهات وفى الأعمال التى يحددها القانون، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم، ويحول دون تعارض المصالح. ويبين القانون الحقوق والواجبات والضمانات المقرره لهم».

أما المادة" 239 " من الدستور فتنص على أن «يصدر مجلس النواب قانونًا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أواللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور».

الآن حينما يصدر القانون وتنتهى المهلة التى حددها الدستور لإلغاء الندب وهى يناير 2019م فهل يكون النظام بجلالة قدره قد فصل قانونًا مخصوصًا من أجل "محمد عبد السلام" الذى يشاع أنه قد هرب؟!

خلاصة القول هؤلاء لن يكفوا أبدًا عن الكذب ولا اختلاق المعارك والخصومة غير الشريفة لأنهم وزغ مهمتم النفخ فى الرماد واشعال النيران.