رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جهاد "الخطف والابتزاز" سلاح جديد لـ "فتوات" الجماعات الإرهابية

تعبيرية
تعبيرية

شهدت العديد من المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة الجماعات الإرهابية في الأراضي السورية الكثير من حالات الاختطاف والسطو المسلح، سواء على المدنيين أو على مناطق نفوذ هذه الجماعات، الأمر الذي حول هذه الأحداث إلى ظاهرة عامة، باعتراف قيادات هذه الجماعات نفسها، وما يصدرونه من بيانات وبيانات مضادة.. السطور التالية تلقي الضوء على أبرز هذه العمليات، وردود الفعل الرسمية من هذه الجماعات.

داعش.. ومختطفات السويداء

 

بدأت القصة بهجوم شامل شنه عناصر تنظيم داعش الإرهابي على منطقة السويداء، في 25 يوليو الماضي ونفذ التنظيم عددا من التفجيرات التي أدت إلى سقوط أكثر من 200 قتيل، ولم يكتف التنظيم بهذه التفجيرات ورفع من عملياته الانتقامية ضد الأهالي الذين رفضوا التعاون معه أو مع أي فصيل آخر، فاختطف عناصر التنظيم 27 رهينة من النساء والأطفال، وبدأت سلسلة من المساوامات مع أهالي المخطوفين.

 

وفي الرابع من أكتوبر الماضي طالب التنظيم بمليون دولار مقابل الإفراج عن المختطفات، بعد يومين من تنفيذ الإعدام بحق السيدة "ثروت فاضل عمار" والبالغة من العمر 25 عاما، بعد نحو 70 يومًا من الاختطاف، وهدد التنظيم بـ"إعدام" مختطفة كل 72 ساعة، في حال عدم تنفيذ مطالبه، التي تضمنت إيقاف هجوم الجيش السوري على منطقة الصفا بالسويداء.

 

وتتابعت بعدها سلسلة من المفاوضات مع العديد من الأطراف منها النظام السوري وأهالي المختطفين، وفي اليوم التالي، توصل النظام السوري إلى اتفاق مع التنظيم يقضي بخروج 6 من المُختطَفات مقابل إطلاق سراح 17 مُعتقَلا من مقاتلي التنظيم في سجون قوات النظام، وبوَقْفٍ كاملٍ لإطلاق النار في منطقة "تلول الصفا" في ريف السويداء الشرقي، لحين تنفيذ عملية تبادُل المعتقلين.

 

وفي الثامن من نوفمبر الحالي، تم تحرير جميع الرهائن من براثن التنظيم في عملية عسكرية شنها قوات النظام السوري في منطقة حميمة شمال شرقي تدمر، واشتبك مع مجموعة من مسلحي داعش، وبعد "معركة طاحنة" استطاع تحرير المختطَفات الـ 19 وقتل الخاطفين.

 


تحرير الشام.. والطفلة ياسمين

 

أثارت قضية الطفلة ياسمين مهدي جند الله، والدتها البلجيكية هاجر الشاوي، المختطفة لدى هيئة تحرير الشام منذ عام ونصف العام، حالة كبيرة من الجدل خلال الفترة الماضية، خاصة بعد ظهور رائحة الفساد حول قصتها التي بدأت بعد مقتل والدها خلال عملية شارك فيها ضمن  كتيبة تابعة للهيئة تضم مقاتلين أجانب (فرنسيين وأفارقة) اسمها “فرقة الغرباء”، بقيادة الفرنسي “عمر أميسان” قبل أن تعلن الكتيبة انفصالها عن تحرير الشام، وانضمامها لتنظيم “حراس الدين”، في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي وريف إدلب الغربي.

 

وزعم أميسان أن والد الطفلة كتب وصية بأن تظل الطفلة معه قبل مقتله، لكن تطور الأمور كشف أشياء اخرى أظهرت عملية ابتزاز وراء القضية من أجل مساومة والدتها للحصول علي مبلغ 4950 دولارا.

 

وكان أميسان أعلن رفضه تسليم الطفلة لأمها باعتبار أنها تشيعت وصارت كافرة، وأفتى له شرعيو الهيئة، وحراس الدين بأنه لا يجوز تسليمها لها لعدم جواز ولايتها عليها لأنها كافرة.

 

وبإلحاح والدة الطفلة ظهرت الكثير من الحقائق منها تسجيل صوتي، لعمر أميسان مع والدة الطفلة يقر فيه بأنها مسلمة وليست كافرة، ويطالبها فيه بدفع المال، وعلى خلفية هذه الفضيحة شكلت  تحرير الشام وحراس الدين مايسمى بـ”لجنة الاعتصام” برئاسة “الشيخ أبو عبد الله المصري” وممثل عن “هيئة تحرير الشام” “أبو مالك الشامي” وممثل عن “حراس الدين” “أبو محمد السوداني”، وأصدرت حكماً “بنزع حضانة” الطفلة من “عمر أميسان” وإبقائها لدى شيخ يلقب “أبو عبد الكريم المصري” حتى تسليمها إلى الأم “كون الأصل في الأم الإسلام ولم يثبت خلاف ذلك”، ونفت اللجنة أن يكون ما حدث اختطافا للطفلة!! الأمر الذي أثار موجة من الغضب عليها.

 

وعقب أبو الزبير العنزي الشرعي بأحد الفصائل السورية على الحكم الذي توصلت إليه لجنة الاعتصام قائلا:

" اطلعت على تعقيب لجنة الاعتصام للحكم، ولي مع هذا عدة وقفات:

 إن كان مسوغ احتجاز البنت هو كفر الأم، فما هو وجه طلب المال لإرجاعها؟، فإن كان المحتجز ينوي تسليم البنت للأم وهي كافرة، فهذا لا يجوز بمال ولا بغير مال.

وإن كان ينوي مخادعة الأم لأخذ مالها مساومة ببنتها، فهذا ليس من أعمال الجهاد، بل ضرب من أضرب الفساد في الأرض.

وأضاف أن الحكم الصادر من اللجنة هو:

(نزع حضانة الطفلة من يد عمر الفرنسي، وإرجاعها إلى أمها)،  فيلزم من نزع يد عمر عن حضانة البنت، بأن حضانته لها سابقاً كانت تعد منه على حق غيره -الأم-، فلماذا يترك دون محاسبة، مع ثبوت التعدي.

 

وأوضح : لا أعلم هل اللجنة تعمدت ترك توصيف المبلغ الذي استلمه عمر من والدة البنت 4950 دولار؟؟ إن كانت متعمدة ترك التوصيف، فهذا كتمان وتلاعب بالأحكام القضائية.

 

وإن كانت أهملت هذه الواقعة خطئاً، فالواجب نقض الحكم، وإعادة النظر فيه، لأن هذه الواقعة مؤثرة في سير الدعوى.

 

يذكر أن "هيئة "تحرير الشام" سلمت الطفلة ياسمين لوالدتها البلجيكية الاثنين الماضي، عبر معبر باب الهوى بالتعاون مع الجانب التركي.


الاحتطاب والسطو

 

والاحتطاب هو استباحة أموال الكافرين باعتبارها غنائم، للجماعات الإرهابية.

 

بعد انتشار عمليات السطو والاختطاف والاحتطاب، بشكل لافت بين أغلب الفصائل المسلحة في سوريا بهدف الابتزاز وجمع الأموال، ظهرت العديد من الدعوات التي تحاول تبييض وجه هذه الجماعات، ومنها التعميم الذي اصدرته ما تسمى وزارة العدل بحكومة الإنقاذ السورية التابعة لتحرير الشام أمس الخميس 29 نوفمبر 2018م، وقالت فيها:

 

"نظرا لانتشار جرائم الخطف والسطو في الآونة الأخيرة، وازدياد جرائم الاختطاف بغية أخذ المال لفداء المخطوف، وكذلك جرائم السطو المسلح علي الأموال أم ما يسمى زورا بـ (الاحتطاب).. ولما تشكله هذه الجرائم الأخيرة من اعتداء على أموال المسلمين في نفوسهم وأعراضهم وأموالهم وما تسببه هذه الأفعال من تهديد لأمن الناس ومعاشهم، وهتك لمقاصد الشريعة وضرورياتها وانطلاقا من واجبنا الشرعي في المحافظة على أمن المسلمين تجاه ضعاف النفوس، وحيث إن جرائم الخطف والسطو تعد من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادا، المستحقة للعقاب الذي ذكره الله تعالى في آية الحرابة... وعليه فإن كل من يثبت عليه الاشتراك أو الإعانة أو الرصد مع عصابة تقوم على الخطف أو السطو المسلح فستطبق بحقه عقوبة القتل ايا كان مدنيا أو عسكريا.. وندعو من تورط بمثل هذه الأعمال إلى المبادرة بتسليم نفسه قبل القدرة عليه- أي القبض عليه- عملا بقوله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ  فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

 



ضعف التمويل

وحول هذه العمليات الإجرامية أكد عدد من الخبراء في شئون الجماعات الإرهابية أن مثل هذه الحوادث دليل على ضعف التمويل لهذه الجماعات، نتيجة تضييق الخناق عليها بشكل كبير خلال الفترة الماضية، كما يكشف ذلك ايضا حالة التناقض الداخلية لديهم لأنهم يدعون أن هدفهم حراسة الدين والدنيا، ولكن الواقع يكذب ذلك، بتحولهم لمجموعات من اللصوص هدفها جمع الأموال.