رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما بين الصهيونية والإخوان.. كيف يصبح شكل الدولة؟

جريدة الدستور

فى العلوم السياسيه تعرف الدولة بأركانها حيث وجود الشعب والإقليم والسلطة والحدود وأيضا الاعتراف الدولى، وأصبح الحديث مؤخرا عن الدولة المدنية الحديثة، ولكن اختلف مفهوم الدولة عند بعض الكيانات التى تسعى إلى اقامة دولتها على أساس دينى، ويسعى مفكري هذه الكيانات إلى ترسيخ هذه الفكرة، والمحاولة الدائمة لاضفاء الشرعية على هذه الدول.

- الدولة فى الفكر الصهيونى
أقام اليهود دولتهم قبل الميلاد واطلقوا عليه دولة إسرائيل، ثم أعادو ذلك واقاموا كيانا اطلقوا عليه "اسرائيل" نسبة إلى يعقوب بن اسحق بن ابراهيم الذى سماه التوراة باسرائيل، ام تسمية اليهود فتعود إلى يهوذا وهو الولد الرابع ليعقوب واطبقت هذه التمسية على أولئك الذين رضوا بان يكونوا تحت لواء يهوذا.

ارتكز مشروع الدولة اليهودية منذ نشأته إلى القومية اليهودية حيث أنها خصوصية دينية توراتية وتاريخية، وتحولت الأيدلوجية القومية فى القرن العشرين إلى مشروع صهيونى استيطانى وظهر كاستجابة لزعم توراتى يقوم على مبدأ الإسترجاعية (اى العودة إلى أرض الميعاد فلسطين) نظرا لما للعوامل الدينية التى تربطهم بها.

بدأت الدولة اليهودية فى الظهور فى مطلع النصف الثانى من القرن 19، والسبب فى ظهور هذه الفكرة التطورات النوعية التى شهدتها الرأسمالية الأوربية سواء على مستوى صعودها التراكمى من ناحية أو على مستوى التحولات الفكرية والأيديولوجية ؛ لذلك شهد مفهوم "الدولة اليهودية" تتطور على أيدى عناصر نخبوية يهودية أوربية عاصرت التحولات الهامة التى عرفتها أوروبا فى الاقتصاد وفى العلاقات الدولية.

تعتبر الحركة الصهيونية النواة الفكرية التى انطلقت منها نظرية الدولة اليهودية التى تجمع شمل اليهود من الشتات، وارتكز مشروعها إلى محوريين أساسين الاول هو دينى ايدلوجى من خلال العودة إلى مقولات توراتية ثقافية تدعو اليهود إلى العودة إلى أرض الميعاد من خلال وصفهم بانهم الجماعة البشرية المختارة إلهيا من أجل سلام العالم، ثانيهم يتمثل فى الجانب التاريخى حيث استحضار صهيون فى الذاكرة التاريخية اليهودية.

من المفكرين اليهود الذين رسخوا لفكرة الدولة اليهودية، موسى هيس وكان يهدف فى كتابته إلى تقوية الروابط الدينية بين اليهود المنشرين فى كل بلاد العالم ويظهر ذلك جليا فى كتابه "روما والقدس"، وكان هيس يسعى دائما إلى إقامة نظام اجتماعى لليهود فى فلسطين.

وكما رسخ "هرتزل" وأوضح فى كتابه الدولة اليهوديه أن هذه الفكرة لك تكن بفكرة جديدة ولكنها فكرة منذ القدم ويحاول بذل إضفاء الطابع التاريخى على هذه الدولة.

حاول هرتزل الربط بين ثلاثة أبعاد لإقامة الدولة اليهودية وهما البعد الأول يتمثل فى التوجه الاجتماعى، الثانى يتمثل فى الجانب التوراتى الدينى وذلك استحضارا لمقولتى أرض الميعاد وشعب الله المختار وإظهار أن استعادة إحياء الدولة الدينية هى مسألة تكليف إلهى، ثالثا البعد القومى بمعنى ان على الرغم شتات اليهود إلا انهم شعب واحد.

ترتكز الدولة فى فكر هرتزل إلى السيادة اليهودية، النخبة السياسية، الشركة اليهودية وتتمثل فى الجانب الاقتصادى لاقامة الدولة.

- الدولة عند جماعة الإخوان
لدى جماعة الإخوان قناعة بأن الإسلام دين ودولة فهى تسعى دائما إلى مزاج الدين بالسياسية، وتعتقد أن الاسلام (وافقا لمفهوم الجماعة) يمد الأمة الناهضة بما تحتاج إليه من نظم حياتية ويسطيع أن ينظم معاملاتهم اليومية فهو من رسخ الأصول والقواعد اللأزمة لتسير حياة المواطنين.

ينظر حسن البنا مؤسس الجماعة، إلى الخلافة الإسلامية حسبما جاءت في رسائله، على أنها "شعيرة إسلامية يجب على كل المسلمين التفكير فى إعادتها وقبل عودة الخلافة لابد أن تسبقها عدة أشياء وهى بناء الفرد المسلم، فيتكون المجتمع السليم وتأتى الدولة السليمة ثم الخلافة الإسلامية فتصبح الجماعة أستاذية العالم".

مع تزايد الرفض الشعبى لفكرة الدولة الدينية حاولت جماعة الإخوان التلاعب والمرواغة واستخدام ألفاظ مطاطة لتعبير عن دولتها فأصبحت تردد مفهوم الدولة المدنية الحديثه ذات المرجعية الدينية، والدولة المدينة فى فكر جماعة الإخوان هى عكس الدولة العسكرية فهى لم تعنى الدولة المدنية بمعناها فى العلوم السياسية.

يعتبر البنا وسيد قطب من أهم منظرى الجماعة فى الحديث عن الدولة وعن نظم الحكم التى يجب أن تسود ويحكم بها العالم.

نجد أن الدولة عند جماعة الإخوان ارتكزت على عدة مرتكزات وافقا لأراء حسن البنا ومن أهمها:
- العدل واعتبرتها أساس تبنى عليه الحضارات، وترى الجماعة أن العدل لايتحقق إلا بضمان الحريات وكفالة المساواة.
- الحرية حيث ترى الجماعة أن الله قد خلق الانسان حر الإرادة ولذلك فان التعدى على حرية الفرد تحدى لإدارة الخالق.
- الجهاد وبدأ الجهاد عند الجماعه بشكل سملى انطلاقا من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ثم أصبح جهاد مسلح.

فى النهاية يمكننا القول: أن كلا من الدولة فى الفكر الصهيونى وفكر الجماعة تقوم على أساس دينى، حسب مفهوم كل منهم للدين.