رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أمان» يكشف العلاقات السعودية بالصوفية على الأراضي السودانية

سفير السعودية بالسودان
سفير السعودية بالسودان مع مشايخ الصوفية بالسودان


أظهرت اللقاءات الدائمة، والزيارات المتكررة التى قام بها السفير السعودى فى دولة السودان على بن حسن بن جعفر، للطرق والزوايا الصوفية، إضافة إلى زيارة ضريح ومسجد الشيخ الياقوتى فى الخرطوم، خلال الأيام والأسابيع الماضية، عن التوجه الجديد للمملكة العربية السعودية، تجاه "أهل المدد" فى جميع الأقطار الإسلامية، ويأتى ذلك بعد إعلان المملكة العربية السعودية على لسان ولى العهد محمد بن سلمان محاربة الفكر المتشدد والتيارات المتطرفة، والعودة للإسلام الوسطى الذى أرجعه البعض إلى المنهج الصوفي.

وكشفت مصادر صوفية سودانية لـ"أمان"، حقيقة العلاقة التى تجمع بين التيار الصوفى السودانى، والمملكة العربية السعودية، بقولها: إنه بعد وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز لسدة الحكم، حدثت العديد من التحولات فى سياسة السعودية، تجاه القوى والتيارات الصوفية حول العالم سواء فى السودان أو المغرب أو إندونيسيا أو اليمن، حيث حدث تقارب كبير، نتيجة للأفكار التى جاء بها ولى العهد السعودى الذى ينظر للصوفية على أن منهجهم أفضل بكثير من المنهج السلفى المتشدد، ولذلك أصبح يتحدث دائما فى وسائل الإعلام أن المملكة ستعود للمنهج الإسلامى الوسطى وتترك التشدد الذى عانت منه كثيرًا.

وقال الدكتور صلاح عوض، الباحث فى الشئون الصوفية السودانية، إن هذه الزيارات المتكررة التى يقوم بها، السفير السعودى فى السودان، للزوايا والطرق الصوفية، جاءت بعد الربيع العربي وتحولات حدثت داخلية وإقليمية ودولية على الصعيد العقدي والفكري والاقتصادي والسياسي؛ ومن لم يراجع أصوله الفكرية وأساليبه ووسائله يتخلف وتتخطاه الأحداث.

وأضاف "عوض"، في تصريحاته، أن المملكة العربية السعودية نجحت في قراءة المشهد، ومنذ زمن بعيد عندما أسست مركز الملك عبد العزيز للحوار وطرحت قضايا مثل الموقف من المرأة ونحن ونحن- أي مفهوم المواطنة -وأهل السنة والجماعة، ونحن والآخر، وقد أحدث هذا الحوار تحولا وتبدلا في مفاهيم كانت تعد عند السلفية من ثوابت الدين؛ ولعل ما يجري الآن من زيارات للطرق الصوفية يقع في دائرة هذه المراجعات.

وتابع عوض، أن "يقيني إن هذا التحول في الفكر السلفي السعودى سوف ينجح لأن الجامعات السعودية التي فتحت بابها لكل أساتذة العالم الإسلامي، ليدرسوا فيها تحصد الْيَوْمَ الثمرة الحلوة لهذا العمل؛ وقد تخرج في جامعاتها علماء سعوديون لهم فكر مستنير يصطدم ويتقاطع مع بعض مفاهيم وفتاوى مشايخ اللجنة الدائمة، والدليل على ذلك فتوى اللجنة الدائمة (التي تحرم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتمنع حتى تبادل الحلوى والهداية فيها، والمحاضرات والذكر، وتراها من البدع المضلة التي يجب اجتنابها)٢ ٢٥٧-٢٥٨؛ ومع هذا حضر السفير السعودي ومعه علماء من المملكة والمركز العام، ليلة النصف من شعبان مع شيوخ وعلماء الصوفية، في مسجد الكباشي حيث استقبلهم منشدو الصوفية، بالطبول والنوبات، لا يصدهم عن ذلك القباب ولا الأضرحة ؛ إنه تحول جذري يبرره بيان أنصار السنة فى السوان، بأن ذلك يحقق وحدة أهل القبلة ويقطع الطريق أمام التمزق والرافضة.

وأشار عوض إلى أنه ظل البعض من التيارات السلفية يقاوم هذا الإصلاح مما ينذر بالانشقاقات داخل بعض التيارات السلفية؛ فمثلا الشيخ الدكتور الهواري رئيس المجلس العلمي في المركز العام يرى أن زيارة الغامدي - وبالطبع كل الزيارات، سوف تؤدي إلى تقسيم وتفتيت الصف السلفي والصوفي على حد سواء، والمكان الذي تتم فيه هذه الزيارات غير محايد وفيه شرك يتمثل في القباب والأضرحة، وتعظيم المشايخ؛ ولعل هذا ما جعل بعض أعضاء وفد السلفية يجلس في الصالون بزعمه أنه بعيد عن القباب والأضرحة؛ وفِي رأينا هذا ضعف في الفهم فالقباب والأضرحة تقع -في كتب الفقه - في أبواب الفقه وليس العقائد.

من جانبه، أكد زين العابدين الخاتم حجاز عضو المجلس الأعلى للذكر والذاكرين الصوفية بالسودان، أن بعض التيارات السلفية المتشددة فى السودان وخارجه، تربط بين هذه الزيارات وبين زيارات قام بها من قبل السفير الأمريكي(جوزيف استنافورد) لمعظم السجدات الكبرى، والصحيح أن المملكة العربية السعودية التي تأسست فيها السلفية، تقوم بمراجعات عميقة من خلفها علماء، فهل خريجو الجامعات السعودية من السودان على استعداد لقيادة هذه التحولات مع المركز العام والسفارة السعودية، أم أنهم سيقفون حجر عثرة خاصة كلية جبرة العلمية التي تنص في أهداف مفردات مادة العقيدة أنها تسعى لمحاربة التصوف.

وتابع " زين العابدين" قائلًا: إن من عوامل نجاح هذا التحول ما قامت به الدولة من جهود تمثلت في حفظ التوازن بين السلفية والصوفية، ومراجعات للمناهج على مستوى الأساس نجحت في حذف بعض المفردات التي تؤدي إلى البلبلة الفكرية؛ وكذلك تمسكها بجعل المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات؛ وليتها تواصل هذه المراجعات لبعض الجامعات والكليات الخاصة حتى ينعم الجميع بثمرة هذه التحولات.
وأشار" زين العابدين" أن المملكة العربية السعودية أصبحت تراجع مواقفها، تجاه التيارات المتشددة، وأصبحت تجلس مع شيوخ الصوفية وتحاورهم وتستفيد من تجاربهم وأفكارهم فى كافة المجالات الدينية سواء الفقه أو العقيدة أو غير ذلك من الأمور الدينية، وحتى صوفية المملكة العربية السعودية أنفسهم، أصبحوا يمارسون طقوسهم واحتفالاتهم فى حرية تامة، وذلك لأنهم بعيدون كل البعد عن الفكر المتشدد الذى تعتنقه التيارات السلفية، مما جعل المملكة تقترب من المعسكر الصوفى لكى تعرف حقيقة الإسلام الوسطى الذى تحدث عنه ولى العهد السعودي.