رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جدل بالجامعة الأمريكية بسبب منع التدخين.. والإدارة تدعم قرارها بـ«الفتاوى»

جريدة الدستور

اتخذت الجامعة الأمريكية بالقاهرة مؤخرا قرارا بمنع التدخين وأعلنت مبادرة بعنوان "حرم جامعى خالى من التدخين" لحظره ومنع استخدام التبغ داخل الحرم وأروقة الدراسة الجامعية.

أثار قرار الجامعة الجدل داخل صفوف الطلاب، مما اعتبره بعضهم تقييدًا لحرية سلوكياتهم، خاصة أن هناك من يري أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة تميل للتحرر أكثر من الجامعات العربية والمصرية الأخري.

يرجع القرار إلى 27 فبراير 2018، حيث أطلقت الجامعة المبادرة المذكورة، والذي سيكون ساريًا بمرحلته النهائية مع احتفال الجامعة بعيدها المئوى فى فبراير 2019، ليمنع التدخين نهائيا داخل أسوار الحرم الجامعى.

تقول إحصائية حديثة أشار إليها مكتب المساعدة الطبية بالجامعة، إن نسبة الطلاب المدخنين في الجامعة تعدت الـ60% والغريب ان نسبة التدخين مرتفعة أيضًا عند الطالبات مما يعطي مؤشرًا بأن النسبة الكلية داخل أروقة الجامعة مرتفعة للغاية، بينما نسبة المدخنين من أعضاء هيئة التدريس لم تتجاوز 20% ومن بينهم العاملون سواء في الخدمات أو الأمن أو الإدارة.

انقسام وتحدي للقرار
أنقسم الطلاب في الأروقة الجامعية إلي قسمين قسم يري أنها حرية شخصية وأنه يجب أن نترك ونسمح للمدخنين بممارسة هذه العادة، وأغلب هذا الفريق من المدخنين بل ومعظمهم من فئة البنات في الجامعة والتي لا تجد أي غضاضة من أن تسير أو يسير معها أي مدخن وتعتبرها حرية شخصية.

والقسم الثاني يصر علي أن حرية الأخرين من المدخنين تتوقف عند حرية غير المدخن، وينقسم هذا القسم إلي فريقين، فريق يستند إلي الدين والفتاوى التي تحرم التدخين ويعتبر التدخين عادة محرمة وبها نص من فتاوى علماء الأزهر والأوقاف والتي تري أنها عادة سيئة تدفع الإنسان لارتكاب أكثر من محرم، الأول هو التضييق علي الغير برائحة السجائر الكريهة، والثانية ضياع صحة الإنسان والضرر بالبيئة، بالإضافة إلي دفع المدخن في الغالب لارتكاب معاصي أكبر قد تصل إلي الحشيش وبعض المكيفات الضارة.

الفريق الثاني الذي يرفض التدخين يستند إلي الصحة العامة فعادة السجائر وتدخينها تضر بالصحة العامة كما أخرجت منظمة الصحة العالمية أكثر من مرة تحذيرًا يؤكد أن التدخين يؤدي إلي الموت، بل والموت المحقق بفعل أمراض صدرية كثيرة سواء للإنسان المدخن أوغير المدخن.

لجأت إدارة الجامعة للتدرج في اتخاذ مبادرة "حرم جامعي خالي من التدخين" لحظر التدخين واستخدام التبغ في الحرم الجامعي، بدأت أولى المراحل التدريجية من المبادرة هذا الشهر بالسماح بالتدخين فقط في عدة مناطق مخصصة في الحرم الجامعي، وستكون المرحلة الثانية في سبتمبر القادم حيث سيتم السماح بالتدخين فقط خارج بوابات المشاة بالجامعة، إلي ان تصل إدارة الجامعة في احتفالها المئوي في فبراير 2019 لمنع التدخين نهائيًا داخل أسوار الحرم الجامعي.

التثقيف والوعي المعركة القادمة
وفي هذا الصدد تقول الدكتورة علياء عبدالغفار، رئيسة مجلس آباء الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن مجلس الآباء يسعى جاهدا لزيادة الوعي وتشجيع الطلاب على زيارة عيادة مكافحة التدخين في الحرم الجامعي، مما سيساعد مجتمع الجامعة على الإقلاع عن التدخين من خلال المساعدة النفسية والطرق المتعددة الأخري.

واعتبرت عبدالغفار أن التدرج في منع وتحريم التدخين عامل نفسي مهم لأن إنزال العقوبات بدون تحذير عمل يخالف القانون والشرع والتقاليد الجامعية، بالإضافة إلى أن التطبيق التدريجي للسياسة الجديدة سيجعل الجامعة توفر خدمة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين عبر مكتب الخدمات الطبية والتثقيفية طوال أيام الأسبوع.

وفي نفس السياق يقول ديفيد فولسوم، عضو لجنة منع التدخين في الجامعة الأمريكية، والذي يعمل في مكتب نائب المدير الأكاديمي التنفيذي: "يتكون فريقنا المتنوع من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين ويضم الفريق مدخنين وغير مدخنين على حد سواء لضمان الحصول على مجموعة متنوعة من وجهات النظر حول الموضوع، نحن نعتقد أن الخطوات التي تمت مناقشتها وإقرارها في نهاية المطاف هي خطوات عادلة ومتسقة مع أفضل الممارسات في الجامعات التي تحولت لحرم جامعي خالي من التدخين في الولايات المتحدة الأمريكية".

مع بداية هذا العام، يوجد أكثر من 2000 حرم جامعي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتجمع الخامس سيكون خاليًا تماما من التدخين.

بينما تقول هايمي مندوزا، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، وهو أيضًا عضو باللجنة، أنه يتعاطف مع الطلاب المدخنين الذين سيضطرون إلى تغيير عاداتهم الاجتماعية والشخصية كل صباح لكن الهدف الأهم هو أن نصبح جميعًا أكثر صحة.

ويضيف فولسوم: "إن الحرم الجامعي الخالي من التدخين سيساهم في تنقية الهواء للعدد الأكبر من غير المدخنين الذين يعملون ويدرسون بالجامعة بالإضافة إلى تشجيع المدخنين لأخذ خطوة نحو الحد من اعتمادهم على التبغ، هناك الكثير من الآثار السلبية الموثقة جيدًا للتدخين غير المباشر أو السلبي، ومن ثم ستكون هناك فوائد واضحة على الصحة العامة من خلال التحول إلى حرم جامعي خالٍ من التدخين في المستقبل".

احتجاجات وفتاوى تحريم 
وعن تدعيات هذا القرار اعتصم طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة الجديدة الأسبوع الماضي اعتراضا علي هذا القرار والذي يهدف إلي منع التدخين نهائيا في يناير القادم، وأنشأ الطلاب بالجامعة صفحة علي الفيسبوك تدعو للقيام بوقفة احتجاجية لكي تسترد حقوق الطلاب الممنوعة والمستلبة علي حد وصفهم ضد قرار الجامعة.

وبحسب المدير التنفيذي للسلامة والأمن بالجامعة الأمريكية محمد عيد قال: "إن عدد الطلاب الذين شاركوا في الوقفة الاحتجاجية وصل لستين طالبا من مختلف الكليات".

وكان من ضمن فعاليات الاعتصام أن أشعل بعض الطلاب السجائر والتبغ، وصل عددهم لنصف المحتجين تقريبا لإظهار رفضهم للقرار رافعين لفتات ضد القرار وتعتبره ضد حرية الطلاب ويهدف للتضييق علي سلوكيتهم في الأساس.

حاولت "أمان" استطلاع آراء الطلاب بعد انتهاء الفعالية فالتقت ببعضهم بشكل فردي مثل إسلام السيد عيسي الطالب بكلية الاقتصاد والذي أعرب عن رفضه القرار بعتبار أن هذه خصوصية للطلاب وأنه لم تقم إدارة الجامعة باستشارتهم في شأن خاص بهم مثل منع التدخين، خاصة أن من يدخن سوف يسير فترة كبيرة حتي يذهب للأماكن المخصصة لهم فيضر ذلك بوقتهم ومن ثم صحتهم أيضا.

في حين قال الطالب ديفيد مارك الطالب بالفرقة الرابعة بكلية العلوم السياسية إن هناك مشاكل أكبر بكثير من مشكلة قرار التدخين ومنعه، فهناك مشكلة المصروفات ومشكلة اختيار المواد والتسجيل فيها.

بينما يري الطالب جاسر مؤمن الطالب بكلية الهندسة أن هذا القرار صحيح ويستحق التطبيق والإشادة لأنه سيحد بالطبع من انتشارهذه العادة السئية في الجامعة معربا عن أمله أن ينفذ هذا القرار في جميع الأماكن العامة والمواصلات الخاصة.

وحول استخدام الدين والفتاوي في تحريم التدخين يقول الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جماعة الأزهر الأسبق إن: "الإسلام يحل الطيبات ويحرم الخبائث ويدعو المؤمنين أن يكونوا أقوياء لا أن يضروا قوتهم بالتدخين وغيره من العادات الضارة التي تضعف الصحة والعقل، وتورث الفتور والإدمان". 

ويستكمل د. هاشم "خطورة التدخين لا تكمن في كونه مسكرًا فهو غير مسكر، ولا في غلاء سعره عند البعض، ولا في الأضرار الصحية الواضحة فيه فحسب، وإنما تكون خطورته في سرعة الإدمان بالنسبة للمدخنين، وفي سرعة انتشارها وإمكانية تعاطي الدخان في كل وقت، وإذا اتضح لنا هذا فإن الإسلام يقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وقال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم)، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (لا ضرر ولا ضرار)، وهذه النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حين تواجه بالأضرار السابقة لا شك أن مقدماتها تنتج لنا نتيجة واحدة وهي أن التدخين حرام".