رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الحوت الأزرق» ليست أولاها.. فتاوى «متضاربة» بين الأزهر والإفتاء

جريدة الدستور

لا يزال مسلسل تضارب الفتاوى، بين دار الإفتاء ومشيخة الأزهر، مستمرا، فالخميس الماضي، أصدرت دار الإفتاء، فتوى بتحريم المشاركة في لعبة تعرف بـ«الحوت الأزرق» التي تطلب ممن يشاركون فيها اتباع بعض الأوامر والتحديات التي تنتهي بهم إلى الانتحار، وهو ما وقع فيه الكثير من المراهقين مؤخرا في عدد من دول العالم.

وطالبت دار الإفتاء، في فتواها، من استدرج للمشاركة في اللعبة بأن يسارِع بالخروج منها، مناشدة الآباء مراقبة سلوك أبنائهم، وتوعيتهم بخطورة هذه الألعاب القاتلة.

وأهابت بالجهات المعنية تجريم هذه اللعبة، ومنعها بكل الوسائل الممكنة، لما تمثله من خطورة على الأطفال والمراهقين، مؤكدة أنه يتضح أن هذه اللعبة تشتمل على عدة أفعالٍ، كل واحد منها كفيلٌ بتحريمها شرعًا وتجريمها قانونًا.

في المقابل، قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في بيان أصدره، إنه تابع عن كثب ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من ألعاب تخطف عقولَ الأطفال، وتجعلهم يعيشون عالمًا افتراضيًّا يعزلهم عن الواقع، وتدفعهم بعد ذلك إلى ما لا تُحمد عاقبته، ومن ذلك ما انتشر مؤخرًا من لُعبة تُدعى «الحوت الأزرق» وما يماثلها، وتستهدف هذه اللعبة- بالأخص- أبناءنا وبناتنا من سن 12 إلى 16 عامًا تقريبًا، وهذه اللعبة تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنها للأسف تستخدِم أساليبَ نفسيةً معقَّدةً تحرض على إزهاق الروح من خلال الانتحار، والذي سُجِّلت أعلى حالاته في بلد المنشأ لهذه اللعبة، وهى روسيا، حيث تم تسجيل 130 حالة انتحار، وانتشرت اللعبة حتى وصلت إلى العالم العربي والإسلاميِّ.

وتابع المركز فى بيان له: «وقد نهانا الله سبحانه عن ارتكاب أي شىء يهدد حياتنا وسلامة أجسامنا فقال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ولخطورة الموقف».

ولم يصدر مركز الأزهر بيانًا يؤكد فيه تحريم اللعبة، واكتفى بعدة توصيات، منها: «متابعة الطفل بصفة مستمرة وعلى مدار الساعة، ومراقبة تطبيقات الهاتف بالنسبة للأبناء، وعدم ترك الهواتف بين أيديهم لفترات طويلة، وشغل أوقات فراغ الأطفال بما ينفعهم من تحصيل العلوم النافعة والأنشطة الرياضية المختلفة، والتأكيد على أهمية الوقت بالنسبة للطفل، ومشاركة الطفل فى جميع جوانب حياته، مع توجيه النصح وتقديم القدوة الصالحة له، وتنمية مهارات الطفل، وتوظيف هذه المهارات فيما ينفعه والاستفادة من إبداعاته، والتشجيع الدائم للطفل على ما يقدمه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطة من وجهة نظر الآباء».

وأثارت الفتوى جدلاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأن الأزهر لم يقضِ بتحرميها، واكتفى بالتحذير منها فقط، ويرصد هذا التقرير أبرز الفتاوى التي شهدت تضاربا بين الأزهر والإفتاء.


إفطار اللاعبين

لا توجد فتوى واحدة متفق عليها بشأن إفطار اللاعبين فى نهار رمضان، وإذا ما كان الأمر حلالا أم حراما،  وفي 2009، أفتت دار الإفتاء المصرية بجواز إفطار لاعبي كرة القدم أثناء المباريات الرسمية التي لا يمكن اعتذار اللاعبين عنها، معتبرة أن اللاعب المرتبط بعقد مع ناديه مثله مثل الأجير الملزم بأداء عمل معين، وفي حالة تأثر العمل بالصوم فإن له رخصة للإفطار، بينما رفضت إجازة الإفطار بسبب التدريبات.

وهى الفتوى التي قوبلت بعاصفة من الانتقادات الحادة من قبل الأزهر الشريف، وشنت جبهة علماء الأزهر حملة ضارية وقتها على دار الإفتاء، ورأت جبهة علماء الأزهر، أن لعب كرة القدم ليس من ضرورات الحياة التي يرخص لها الفطر، وأنه ليس من الأمور التي وردت من تكاليف هذا الدين، معتبرة أنه من حق الجميع اللعب على أن يكون ذلك ترفيها لا امتهانا ولا وظيفة.


أزمة التمويل العقاري

ورد لمجمع البحوث الإسلامية سؤال بشأن التمويل العقاري، من حيث إذا كان حلالا أم حراما، فكان رد المجمع بأن هذه المعاملات إنما تنطوي على ربا، كونها تُحصل على مبالغ إضافية أو فائدة، أكثر من المبلغ المقترض، واستشهد المجمع بفتوى قديمة عام 1990، صادرة عن فتوى مجمع الفقه الإسلامي في جدة بالمملكة العربية السعودية.

أما رأي دار الإفتاء المصرية في القروض، فوضحها بأنه يجب التنبيه على أن الأموال التي تُعطَى من البنوك وغيرها من الهيئات العامة هي عبارة عن ثلاثة أنواع:

الأول: ما يتم صرفه مالًا في مقابلة مالٍ، مِن غير نظرٍ إلى توسطِ سلعةٍ أو استثمارٍ، بل غاية المعاملة أن يأخذ العميل مالًا ليرده بأزيد مما أخذه، وهذا النوع حرامٌ.

الثاني: ما يكون البنك فيه وسيطًا في شراء سلعةٍ أو عقارٍ ما؛ بحيث يشتريها هو بثمنٍ ويبيعها للعميل مقسطةً بثمنٍ أكبر، أو يُمَوِّل شراءها، وهذا نوعٌ من البيع بالتقسيط، وهو جائزٌ شرعًا؛ للقاعدة المقررة: «إذا توسطت السلعة فلا ربا»، 

الثالث: عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك والهيئات العامة من جانب، والأفراد والمؤسسات من جانب آخر، والتي يتقرر الصرف فيها بناءً على دراسات الجدوى للمشاريع والاستثمارات المختلفة، وهذه في الحقيقة عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، والذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداث عقودٍ جديدةٍ مِن غير المسمَّاة في الفقه الموروث، ما دامت خاليةً من الغرر والضرر، محققةً مصالح أطرافها، كما رجحه ابن تيمية وغيره.