رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السعودية والإخوان.. علاقات متأرجحة ما بين التحالف والعداء

السعودية والإخوان
السعودية والإخوان

حملت المملكة العربية السعودية، سلاحها ضد جماعة الإخوان الإرهابية، وذلك على أيدي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها لمجلة "تايم" الأمريكية، قائلًا: "تعدّ شبكة الإخوان جزءًا من هذه الحركة.. فلو نظرت إلى أسامة بن لادن فستجد أنه كان من الإخوان، ولو نظرت للبغدادي في تنظيم داعش فستجد أنه أيضًا كان من الإخوان المسلمين، في الواقع لو نظرت إلى أي إرهابي فستجد أنه كان من الإخوان".

وأضاف: "الإخوان خطر ليس في منطقة الشرق الأوسط، لأنهم يعلمون أن المنطقة تتبع استراتيجية جيدة ضدهم في السعودية ومصر والإمارات والأردن والعديد من الدول الأخرى، بل خطرها يصل لأوروبا بأكملها لأن هدفهم الرئيسي يتمثل في جعل المجتمعات الإسلامية في أوروبا متطرفة.

وتابع: "هم يأملون فى أن تصبح أوروبا قارةً إخوانية بعد 30 عامًا، ويريدون أن يتحكموا بالمسلمين في أوروبا، من خلال استخدام جماعة الإخوان، وهذا سيشكل خطرًا أكبر بكثير من الحرب الباردة ومن تنظيم داعش، ومن القاعدة ومن أي أمر شهدناه خلال آخر مائة عام من التاريخ.يحمل ولي عهد السعودية الجديد، محمد بن سلمان، سيف المملكة لاستكمال الحرب على "جماعة الإخوان المسلمين"، التي يفوق عمرها 3 أضعاف عمر الأمير الشاب، ورغم ضخامة عدد المعتقدين بأفكارها".



حرب استعرت في السنوات الأخيرة مع صعود نجم التيار الإسلامي سياسيًا، وتحديدًا عقب الثورة المصرية في 2011، زادت حدّتها مع سلسلة تغيرات يشهدها الوطن العربي، والتي تزامنت مع وصول بن سلمان إلى ولاية عهد السعودية.

آخر ضربات الأمير الشاب للجماعة التي تأسست سنة 1928، كانت في إعلان تعهّده "بالقضاء الكامل على ما تبقى من فكر عناصر الإخوان الذي غزا المدارس السعودية"، وذلك خلال مقابلة تليفزيونية مع شبكة "سي بي إس" الأمريكية.

لكن الهجوم الحديث القديم، كانت له أبعاد أخرى بعد ارتفاعه في هذه الأيام، وتأسست جماعة الإخوان في مارس 1928 بمدينة الإسماعيلية المصرية، على يد حسن البنا بعد 4 أعوام من سقوط الخلافة العثمانية، وسرعان ما انتقلت إلى العاصمة القاهرة، وجميع أنحاء الوطن العربي لاحقًا.

العلاقات بين المملكة والجماعة شهدت تذبذبًا على مدار 90 عامًا منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وتدرّجت بدءًا من التحالف معها، وصولًا إلى القطيعة خلال السنوات الماضية، ولذلك فهي من أعقد العلاقات بين الحكومات والحركات السياسية والأيديولوجية.

حميمية العلاقة بين السعودية والإخوان استمرت لتاريخ طويل، حينما بدأت عقب لقاء تاريخي جمع الملك عبد العزيز آل سعود، ومؤسس الجماعة حسن البنا سنة 1936 واستمرت تنمو بهدوء واطراد، قبل أن تتحول إلى بغضاء.



وفي الوقت الذي لجأت فيه الجماعة إلى حضن السعودية هربًا من الناصرية (حركة قومية في عهد الراحل جمال عبد الناصر) التي حاربت ظهورهم، وجدت المملكة في الإخوان حليفًا قويًا لمواجهة المد القومي الذي انتشر في مختلف الأقطار العربية.

السعودية الحديثة التي تأسست على يد الملك عبد العزيز آل سعود (1932)، كانت تحتاج إلى أيديولوجية إسلامية سُنيّة تساعد قيامها في ظل تغيرات المنطقة العربية آنذاك، وهو ما وجدته قلبًا وقالبًا في جماعة الإخوان.

وعلى الفور، قامت جماعة الإخوان في عدة أقطار عربية في تلك الفترة قطار التحديث والبناء في عدة مؤسسات سعودية، خصوصًا في مجال التعليم الذي كان صاحب البصمة الإخوانية المتناغمة مع الأرض السلفية، بحسب ما تؤكد تقارير إعلامية.

استمر مسار التحالف بين الجماعة والمملكة، طوال فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (1956-1970) والرئيس الراحل محمد أنور السادات (1970-1981)، فالأولى كانت تحتاج المأوى والموطن، والثانية كانت تبحث عن العقول والكفاءات.

فيما بعد، بدأ الشقاق يدخل صلب علاقة الطرفين، وساعد في ذلك تغير توجهات الحكام بالمملكة، خصوصًا بعد وفاة الملك فيصل، إذ بدأ حكام المملكة ينظرون بعين الريبة إلى مخرجات المناهج التعليمية التي صاغها الإخوان.

ولعل ما عمّق أزمة العلاقات بين السعودية والإخوان، ظهور تنظيم القاعدة بقيادة السعودي أسامة بن لادن، وما تبع ذلك من أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وهي عوامل ساهمت في شرخ الروابط بين السعودية وتيارات الإسلام السياسي، وأولها الإخوان.

تسارعت الأحداث وصولًا إلى فترة ما قبل اندلاع الثورات، والتي شهدت بوادر صعود سياسي لقوى محسوبة على الإخوان في السودان وتركيا وفلسطين، وهو ما لم يكن يرق للسعودية، لكنه رأت الخراب الذي حل عليهم.

ويقول طارق البشبيشي القيادي الإخواني المنشق: "إن المملكة السعودية من أهم البلدان التي كان الإخوان يعتمدون عليها في الحفاظ على التنظيم عن طريق العلاقات الوثيقة التي كانت تربطهم بكثير من الأمراء السعوديين وأيضا عن طريق مشاريع استثمارية ضخمة يمتلكها الإخوان داخل المملكة كانت تمثل دعما ماديا مهما لأنشطتهم في مصر وغيرها من البلدان".

وأضاف البشبيشي في تصريحات لـ "أمان"، أن المملكة كانت أرضا خصبة لتغلغل الفكر الإخواني داخل منظومة التعليم السعودي، وكل هذا بدأ في خمسينيات وستينيات القرن الماضي أثناء صراع الجماعة مع الرئيس عبد الناصر.

وتابع: "بعد ما يعرف بالربيع العربي حدثت تحولات كبيرة نوعية في طبيعة العلاقة بين المملكة والإخوان، فرويدا رويدا حدث تقارب بين الإخوان وبين إيران الشيعية، وتعهدت إيران سرا بدعم صعود الإخوان للسلطة في بلدان الربيع العربي، وخاصة مصر عن طريق تكوين مليشيات إرهابية يطلقون عليها الحرس الثوري كما فعلت إيران بعد الثورة الخمينية".

وأشار إلى أن الإخوان هددوا السعودية بعلاقاتهم مع إيران، مما كان سببا في انقلاب السعودية على الجماعة واتخاذها إجراءات أمنية قوية لتحجيم التنظيم في السعودية، خاصة بعد وفاة الملك عبد الله وشماتة الإخوان في وفاته، الأمر الذي زاد أكثر وأكثر في عهد ولي العهد محمد بن سلمان الأمر، وهو ما أثار جنون الإخوان.

وعن العمليات التي تقودها المملكة الأن على الجماعة، أشاد موقع كلاريون بروجيكت المتخصص في مكافحة الإرهاب بجهود المملكة العربية السعودية، في الحرب على الإخوان وإنهاء فكر الجماعة في أراضيها.

وأكد الموقع الأمريكي أن المملكة العربية السعودية جادة جدا هذه المرة في الحرب على الجماعة بدليل قيامها مؤخرا بإلغاء أي ما يتعلق بالجماعة من مناهج التعليم، مشددًا على أن الموقع أنه في حال استمرار جهود المملكة للقضاء على فكر الجماعة في أراضيها، سينتهي هذا الفكر بالفعل وستوجه ضربة قوية لجماعة الإخوان الإرهابية.