رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«دار الإفتاء» في مرمى حملة ممنهجة للإساءة.. وخبراء: «هزة في قيم المجتمع والقانون هو الحل»

الإفتاء
الإفتاء

حملة إساءة ممنهجة شهدتها عدد من صفحات بعض المؤسسات الدينية على مواقع التواصل الاجتماعي، كان في مقدمتها صفحة "دار الإفتاء" على موقع “فيس بوك”.

وتتيح دار الإفتاء عبر صفحتها على “فيس بوك”، التواصل مع أكثر من 11 مليونًا من متابعيها حول العالم وترد على تساؤلاتهم واستفساراتهم في بث مباشر تطلقه بشكل دوري، وكذلك أكثر من 26 منشور يوميًا لمناقشة قضايا الدين التي تشغل المسلمين حول العالم.

محاولات الإساءة للمؤسسة الدينية الأعرق في مصر، ظهرت على مدار الأيام القليلة الماضية من خلال التعليقات المسيئة على منشورات دار الإفتاء، وهو ما تناولته «الدستور» بالتحليل والدراسة خلال السطور التالية..

فرويز: "البعض يتخيل أن السوشيال ميديا مباح بها كل شيء"

أكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، أن حملة الإساءة الممنهجة التي تشهدها المؤسسات الدينية  يؤكد على غياب معنى الهيبة والوقار، ومحاولات التقليل من مؤسسة بحجم ومكانة دار الإفتاء وعلماؤها بالعالم أجمع وليس بالعالم الإسلامي فقط، فاستحل البعض كتابة بعض الجمل والعبارات الساخرة على الصفحة الرسمية الخاصة بها، وهو ما يعتبر تجاوزًا كبيراً".

وأكد "فرويز" في تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن ما يحدث غريب على الشعب المصري، المعروف عنه احترامه وتقديره لرجال الدين والعلماء، في ظل غياب الرقابة وتصور البعض أن السوشيال ميديا مباح بها كل شئ".

وتابع:"تلك التعليقات والعبارات الساخرة إنما تعكس ما وصل إليه الكثير من فئات الشعب المصري مما يسمى بالمسح الثقافي، وهو ما يعني عدم إدراك ما يتنافى قوله مع تعاليم الدين الإسلامي وما لا يتنافى معه".

وأضاف أن "هذا الأمر لا ينطبق على دار الافتاء فقط، بل نجد العديد من تلك التعليقات الجارحة والمُسيئة والتي تتنافى مع أبسط تعاليم الدين الإسلامي والثقافة موجودة على مختلف الصفحات، فعبارة (الشعب المصري متدينًا بطبعه) تغيرت خلال السنوات الأخيرة، ليقتصر مفهوم التدين على الأمور الشكلية فقط، وليس المُعاملات والأفعال".

وعن العلاج والحل، قال استشاري الصحة النفسية إنه يتمثل في عودة نشر الثقافة الدينية الحقيقية وتوعية المواطنين بأمور دينهم.

أستاذ علم اجتماع: "التعليقات المسيئة نتيجة لما وصلت إليه الأخلاق"

وأكدت الدكتورة جيهان النمرسي، أستاذ علم الاجتماع، أن الظاهرة ليست جديدة على المؤسسات الدينية مثل “الأزهر ودار الإفتاء” ولا تقلل منها، إلا أن إطلاق مثل هذه التعليقات ليس مفاجئًا ويعبر عن حالة التغير في ثقافة المواطن خاصة مع دخول مواقع التواصل الاجتماعي في كل شي بحياتنا وتأثيرها على نشأة وتكوين الأجيال الجديدة متلاعبًة بالثوابت الدينية والثقافية.

وتابعت أنه في ظل غياب التوعية يزداد التطرف الذي يقضي على جميع القيم الدينية السمحة وأولها حسن المعاملة وعدم الإساءة للغير، لذا أكدت جيهان أن الحل يكمن في الرجوع إلى الاهتمام بالتربية السليمة والتنشئة الاجتماعية الصالحة إذ أن نقصانها حسبما أوضحت هو الجوهر الرئيسي وراء معظم مشكلات هذا العصر.

عقوبات صارمة 

ويعاقب قانون العقوبات المصري السب والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي بالحبس مدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد عن 3 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 جنيه، ولا تزيد عن 20 ألف جنيه، أو الحبس الوجوبي مدة لا تزيد عن 3 سنوات وغرامة تصل إلى 200 ألف لكل من سب أو استخدم ألفاظا خارجة بغرض التشهير.

كما يقر قانون العقوبات المصري بتعويض مادي يصل إلى مليون جنيه يستحقها المجني عليه في قضايا التشهير.

النحاس: "الرغبة في التريند وراء تلك التعليقات"

ومن الناحية التكنولوجية، قال الدكتور حسام النحاس أستاذ علوم الاتصال جامعة بنها، إن تلك التعليقات قد تحمل في ثناياها العديد من الأغراض، محاولات البعض لتصدر “التريند”، مشيرًا إلى أنه في أغلب تلك الحالات يتم التقاط منشور الصفحة مرفقًا بهذا التعليق الساخر ثم نشره بالعديد من "الجروبات"، للحصول على المزيد من المشاهدات والتفاعلات. 

وتابع أنه من المؤسف أن أغلب هذه التعليقات السخيفة تأتي من شباب صغار السن، وهو ما يعكس عدم التنشئة السليمة والوعي الديني لديهم. 

وأضاف أنه يجب في حال نُشرت تلك التعليقات الساذجة تدخل القائمين على الصفحة لإزالتها على الفور، بالإضافة إلى ضرورة ردع أصحاب تلك التصرفات غير المقبولة والتي تصل أحيانًا إلى السب والقذف من خلال استخدام قانون مكافحة تقنية جرائم المعلومات.

شوقي: "يقف خلفها أعداء الوطن"

في الوقت نفسه قال  الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إنَّ دار الإفتاء المصرية حرصت في استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي على حفظ استقرار المجتمعات والدولة الوطنية، والدعوة إلى قبول الآخر والتناغم معه في سبيل تشييد البناء الحضاري للإنسان والتعاون المشترك، مستفيدة بذلك من الجوانب الإيجابية للفضاء الإلكتروني.

وأشار في أحدى لقاءاته التليفزيونية، إلى آليات استخدام دار الإفتاء المصرية لوسائل التواصل الاجتماعي مؤكدًا قيام وحدات مختصة داخل الدار بتحليل ودراسة التفاعلات المختلفة من الجمهور والمتابعين على ما تكتبه الدار على وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهناك تأييد من جمهور عريض بلا شك.

وأوضح أن وجود بعض التعليقات والتفاعلات المسيئة يقف خلفها أعداء الوطن من أصحاب الفكر الإخواني المتطرف وغيرهم، وقد أوضحنا كافة شبهاتهم في كثير من الفتاوى والإصدارات كالتأسلم السياسي والدليل المرجعي، والأهم من ذلك كله وجود صنف ثالث من التفاعلات وهو صاحب النصيب الأكبر من الاهتمام والعناية، وهم أصحاب النقد البناء، فنحن نقدِّر ونثمِّن أي مقترحات أو نقد بنَّاء قائم على المنهجية والموضوعية يوجَّه للدار.

وشدَّد على أن الشرع الكريم قد أرشدنا إلى اللجوء إلى أهل الاختصاص كلٍّ في تخصصه؛ وسؤال أهل الذِّكْر إذا خَفِي علينا شيء؛ فقال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ ، والمراد بأهل الذكر: هم أهل التخصص والعلم والخبرة في كل فنٍّ وعلمٍ، ولذا وجب احترام التخصص، وخاصة عند تداخله مع الفتوى، فالفتوى واقعة معيَّنة تراعي أحوال المستفتي.