رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: محمد على أراد تحقيق التوازن من خلال البقاء على الثقافة السائدة والشريعة الإسلامية

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، لقد أراد محمد علي أن يحقق التوازي عبر البقاء على الثقافة السائدة، وعلى الشريعة الإسلامية التي هي المكون الأساسي لجمهور الشعب في مصر، فأنشأ تعليما موازيا للأزهر الشريف، ولكنه سحب السلطة من المماليك بتراثهم المعروف، ومن رجال الدين أيضا، حيث كان لرجال الدين سلطة في اتخاذ القرار، ولم يعد للأزهر سلطة في اتخاذ القرار السياسي، ولكن ظلت له سلطة علمية أدبية، وليست تنفيذية، والفرق بينهما كبير على قدر اتصاله بالرأي العام، واتصاله بـ وجدان الأمة، وعلى قدر الثقة فيه الناشئة من تاريخه أولا، ومن منهجه العلمي الوسطي ثانيا، ومن شموليته ثالثا، ومن احترام علمائه لأنفسهم ولأمتهم وتراثهم رابعا، وهكذا.

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلًا: ولكننا نؤكد أن السلطة والمسئولية وجهان لعملة واحدة، وما دام أن السلطة الزمنية قد رفعها محمد علي باشا من علماء الدين، فإن لا مسئولية زمنية عليهم، وما دام الشعب والرأي العام قد أولى الأزهر سلطة أدبية، فإنه يكون مسئولاً أدبيا أيضا أمام الرأي العام على قدر ما أولاه من سلطة من هذا النوع.

في عصر إسماعيل باشا أراد أن يكمل ما بدأه جده محمد علي باشا في بناء الدولة الحديثة، فأنشأ البرلمان، ودعا إلى الفصل بين السلطات الثلاث، وأقر نظام الانتخاب، وبنى الهياكل الأساسية الحديثة، واستمر في عمليات الاستقلال، وسعى إلى وضع نظام التقنين المصري.

وأشار "جمعة" قائلًا: ولأنه كان حريصا على البعد عن الدولة العثمانية التي قننت الشريعة الإسلامية في صورة المجلة العدلية، الصادرة سنة 1290هـ، فقد فكر في عدة احتمالات، وكلها لا يريد أن يخرج عن الشرع الإسلامي، بل يريد أن يوجد صيغة جديدة يستطيع فيها المسلم أن يضع قدمه في نطاق العالم الحديث.

فكر أن يترجم كود نابليون أول، وكود نابليون ثاني، وأمر رفاعة رافع الطهطاوي أن يفعل ذلك نقلا عن الفرنسية إلى العربية، ولقد تم ذلك، وطبع هذا العمل في مجلدين في المطبعة الأميرية في أواخر القرن التاسع عشر لكنه لم يطبق كقانون في مصر.

وأوضح "جمعة" قائلا : وكان حريصًا على إيجاد علاقة بين القانون الفرنسي المأخوذ أساسًا من تشريعات لويس، والتي قيل إنها تأثرت بالفقه المالكي عبر الأندلس، فأمر الشيخ مخلوف المنياوي مفتي الصعيد أن يراجع ما ترجمة رفاعة -رحم الله الجميع- فكتب تقريرا واسعا استفاض فيه حتى صار كتابًا طبع الآن في مجلدين بمصر، تحت عنوان (المقارنات التشريعية) قارن فيه بين القانون الفرنسي، وما يعرفه من الشريعة الإسلامية، ووجد مقاربة بينه وبين الفقه المالكي على وجه الخصوص، ووجد مخالفات قليلة، إلا أن هذا العمل لم يلتفت إليه، وظل حبيسًا بدار الكتب المصرية إلى أن نشره الأستاذ الدكتور محمد سراج عبدالهادي، وشاركه على استحياء كاتب هذا المقال.