رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرة واحد أيرلندى!

العيد القومى لجمهورية أيرلندا، أو عيد القديس باترك، St. Patrick›s Day، حلّ، أمس الأول. وبهذه المناسبة، أرسل الرئيس عبدالفتاح السيسى برقية تهنئة إلى نظيره الأيرلندى مايكل د.هيجنز. كما أوفد الرئيس، أحمد محمد رضا، الأمين برئاسة الجمهورية إلى سفارة أيرلندا بالقاهرة للتهنئة بهذه المناسبة. فى حين قام الرئيس الأمريكى جو بايدن، بخفة دمه، أو عقله، بإهانة الشعب الأيرلندى!.

على هامش حفل غداء أصدقاء أيرلندا السنوى فى مبنى الكابيتول، استهل الرئيس الأمريكى، الذى اقترب من الثمانين وينحدر من أصول أيرلندية، خطابه بقوله: «حسنًا، أريدكم أن تعرفوا، أننى ربما أكون أيرلنديًا، لكننى لست غبيًا». فى إشارة إلى النكات السخيفة التى يطلقها الإنجليز على الأيرلنديين، ويتهمونهم فيها بالغباء لأنهم رفضوا الاندماج فى المملكة المتحدة كما فعل الأسكتلنديون الذين يصفونهم بالحكماء. وربما أيضًا بسبب غيرتهم من كون الأيرلنديين أقوياء، جدعان، أكثر اجتماعية، ويعيشون حياتهم بعفوية.

ليست تلك هى المرة الأولى، فهناك مقطع فيديو، ظهر فى نوفمبر ٢٠٢٠، قبيل إعلان نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية، يظهر فيه مراسل محطة «بى بى سى» وهو يصيح «سيد بايدن.. سيد بايدن، كلمة سريعة لبى بى سى». وبعد أن رسم ابتسامة بلهاء عريضة على وجهه، أجاب بايدن: «أنا أيرلندى»!.

قدمت أيرلندا للعالم برنارد شو، أوسكار وايلد، جورج باركلى، و... و... وعشرات الكُتاب العظام. وعلى عكس ما تزعمه النكات البريطانية، يعتمد الاقتصاد الأيرلندى، بدرجة كبيرة على التعليم، حيث تنتشر العديد من المعاهد والكليات والجامعات فى مختلف المدن التى تقدم دورات لتعليم اللغة الإنجليزية للأجانب وإدارة الأعمال والمحاسبة والفندقة و.... النظام التعليمى هناك شبيه بالأنظمة الأوروبية، وبها عدد من الجامعات الشهيرة مثل كلية ترينتى، بجامعة مدينة دبلن، معهد دبلن للتكنولوجيا، جامعة أيرلندا الوطنية، جامعة دبلن وجامعة ليميريك، جامعة كورك، جامعة جالواى، وكلية التقنية فى مدينة تريلى «ITT» والكلية الملكية للجراحين «RCSI»، والأخيرة لها فروع عبر المحيط أبرزها فى البحرين وماليزيا. ويمكنك أن تضيف إلى ذلك أن صناعة البرمجيات جعلت من أيرلندا أكبر مصدر للبرامج والخدمات المتعلقة بالـ«Software» فى العالم.

تأسست الدولة الأيرلندية الحرة، سنة ١٩٢٢ عقب المعاهدة الإنجليزية الأيرلندية. وسنة ١٩٣٧، صار لها دستور ينص على أنها جمهورية لها رئيس منتخب غير تنفيذى. غير أن تلك الجمهورية لم يتم إعلانها رسميًا إلا سنة ١٩٤٩، بالتزامن مع خروجها من اتحاد الكومنولث، وانضمامها إلى «مجلس أوروبا». وفى ديسمبر ١٩٥٥ انضمت إلى الأمم المتحدة، ثم إلى المجموعة الأوروبية، إى سى، سنة ١٩٧٣، التى أصبحت لاحقًا هى الاتحاد الأوروبى. لكن لم تربطها أى علاقات بأيرلندا الشمالية، إلا فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، حين عملت مع الحكومة البريطانية وأحزاب أيرلندا الشمالية على حل بعض المشاكل. وبموجب اتفاقية «الجمعة العظيمة» التى تم توقيعها، سنة ١٩٩٨، تعاونت الحكومة الأيرلندية والسلطة التنفيذية لأيرلندا الشمالية فى عدد من المجالات، ضمن إطار المجلس الوزارى الشمالى الجنوبى الذى أنشأته تلك الاتفاقية.

تنكيت الشعوب على الشعوب أمر شائع فى أوروبا. إذ يستهدف النمساويون بنكاتهم الألمان، والفرنسيون يستهدفون البلجيكيون. بينما يقوم البلجيكيون بالتنكيت على بخل الهولنديين وغطرسة الفرنسيين. أما نكات الإنجليز التى تستهدف الأيرلنديين، فباردة، كطباعهم، ومنها مثلًا أن زوجة أيرلندية ذهبت إلى شركة تأمين، لتؤمن على زوجها، الذى يمشى على ساقين خشبيتين، فسألها الموظف هل تريدين تأمينًا على الحياة أم ضد الحريق أم ضد السرقة؟. وفى المقابل، يرد الأيرلنديون بالمثل، ومن بين تلك الردود أن مدرسًا إنجليزيًا ذهب للعمل فى جامعة أيرلندية، وفى محاضرته الأولى طلب من الطلاب الذين يظنون أنفسهم أغبياء الوقوف، فلم يقف غير واحد، وحين سأله لماذا ترى نفسك غبيًا، أجاب: لست كذلك، لكننى لم أحب أن تقف وحدك!.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الأيرلنديين لا وجود لهم فى واحدة من أكثر النكات الأوروبية انتشارًا، التى تقول إن الجنة سيكون بها الطباخ الفرنسى والميكانيكى الألمانى والعاشق الإيطالى والمصرفى السويسرى.. بينما سيكون فى الجحيم الطباخ الإنجليزى والميكانيكى الفرنسى والعاشق السويسرى والمصرفى الإيطالى.

ماجد حبته