عز الدين نجيب.. يولد من جديد في معرضه الاستعادي «الحرية المقاومة البعث»
في معرضه الاستعادي والذي جاء تحت عنوان “ستون عاما مع الفن بين المقاومة والبعث” للفنان والناقد والمبدع التشكيلي عز الدين نجيب، والمقام بجاليري ضي، ويستمر حتى 15 من الشهر المقبل.
وعز الدين نجيب الفنان والناقد، الكاتب القاص والروائي، والذي يمكننا وصفه بالموسوعي وأبو النقاد التشكيليين في مصر، وأحد أبرز الأسماء في المشهد الثقافي التشكيلي. تشير سيرته أنه من مواليد 30 أبريل 1940 في «مشتول السوق» محافظة الشرقية. لأسرة من الطبقة المتوسطة الصغيرة يعمل أغلب أبنائها بالتعليم والزراعة، وهو الابن الخامس لأحد رجال التعليم، و كان هذا الأب المعلم يقرض الشعر ويمارس كتابة الخط العربي.
بين المقاومة والبعث
يستعيد عز الدين نجيب الأعمال الأولى ورحلته مع الفن التشكيلي، ويجيب عن سؤال هو الأبرز في رحلته وهو هل استسلم يوما للشعور بالعجز، ليجيب “لا السجن ولا التشريد سنوات بلا مورد للعيش، أو العجز عن توفير مكان للرسم بعد تدمير مرسمي ولوحاتي بالمسافر خانة، أو حتى تدبير محل لإقامتي ،لا شيء من ذلك استطاع منعي ،وكذلك لم يمنعني الحريق الذي شب في بيتي والتهم لوحاتي وكتبي ومخطوطاتي، ولم يمنعني إضرابي عن الطعام في السجن حتى الإشراف على الموت، عن التحدي، وكانت الإرادة هي سلاح المقاومة، وبها تجاوزت ورسمت من جديد وأقمت معرضي بعد كل محنة، كطائر الفينق أو العنقاء يولد من الحريق كل مرة ويحلق من جديد”.
خبيئة منسية
يضم المعرض الاستعادي لعز الدين نجيب مراحله الفنية على مدار 60 عاما من عام 1962 حتى عام 2022، إلى جانب العديد من الأعمال الفنية التي قام بترميمها، فعلى حد تعبيره "وجدت أكثر من 300 تجربة فنية لم تكتمل، ومن ثم لم يسبق عرضها، بين لوحات زيتية كبيرة لوحات مائية صغيرة، أو بألوان الباستيل أو الجواش، أو الأحبار، كانت مثل خبيئة منسية، ربما حالت الظروف دون استكمالها، أو أنني قمت باستلامها في أعمال أخرى ثم نسيت أمرها، كان بعضها لوحات تعرضت للتدمير في مرسم المافرخانة 1976، وبعضها الآخر تعرض للحريق في منزلي ديسمبر 2010 واحتفظت بأشلائها جميعا، وهنا جاء التحدي الأعظم سأعيد إليها الحياة بترميمها.
ثلاثية الحرية المقاومة والبعث
يرى عز الدين نجيب أن الخيط الرفيع الذي يربط بين لوحاته جميعها، رغم اختلاف موضوعاتها وتعبيراتها، هو ثلاثية الحرية والمقاومة والبعث، وهذه المتلازمة هي الأصل في جوهر الطبيعة والوجود، تتجلى ملامح هذه المنظومة في أشكال متباينة، ولو في أطلال وبيوت مهجورة، لكنها تظل مسكونة بأنفاس أصحابها الراحلين، كانت تناديني لا أستعين كيانها النابض، ودفئها، بعد وحشة الهجران.
علق محمود بقشيش على منجز “نجيب” فنان كبير أكد في معرضه الذى أقامه بالمركز المصرى للتعاون الثقافى الدولى - أبريل ١٩٩٧ - والذى أطلق عليه عنوان "تجليات الشجرة " انتمائه إلى خيار فني مفاده أن الحداثة يمكن استنباتها من الموروث، وأنها لا تتخالف معه فى الجذر العميق، بحكم صلة الجينات الحضارية لجسد الأمة وتاريخها.
في مشروع عز الدين نجيب ثمة تجاور للفنون يصل أحيانا إلى حد التماهي فأنت لا تعرف هل يكتب قصة عبر اللوحة أم يرسم لوحاته عبر القصة، ثمة مزج بين العالمين، في ظني أن الناقد في أعماله يقف موقف المتفرج الذي لا يريد النص أن يكون جثة على طاولة التشريح النقدي، هو يتركه تماما دون انحيازات نقدية لمدارس فنية بعينها.
في مشواره الفني الطويل استحق عز الدين نجيب بجدارة أن يكون أبو الفنانين التشكيليين المصريين، وأحد حراس النقد التشكيلي الذي ظل مجاورا لمشواره الإبداعي فقد قدم العديد من الدراسات النقدية التشكيلية، والعديد من الفنانين المصريين بتتبع مساراتهم ومشاريعهم الإبداعية بالإشادة وصولا للتبني.
