رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تأملات فى يوم المرأة المصرية وعيد الأم

يحل غدًا علينا يوم من أهم الأيام للمرأة المصرية، لأنه يوم المرأة المصرية الذى نتذكر فيه أول مظاهرة شاركت فيها نساء وشابات مصر، فقمن بدور وطنى بطولى مع الرجال للمطالبة بتحرير الوطن من الاحتلال البريطانى، وذلك فى ١٦ مارس ١٩١٩ بقيادة رائدة تحرير المرأة المصرية المناضلة العظيمة هدى شعراوى، وفيها سقطت ٤ شهيدات مصريات برصاص الاحتلال البريطانى. 

وفى ٢١ مارس يحل علينا يوم أعتبره درة الأعياد، لأنه عيد الأم الذى نقدم فيه أسمى آيات الحب والوفاء والعرفان بدورها الذى قامت به من أجلنا. 

إن كلا العيدين لهما قيمة عظيمة، لأنهما عيدان مصريان خاصان بدور المرأة المصرية فى حياتنا، وكلاهما له دور فى حياة كل امرأة وفتاة فى بلدنا.. فعيد المرأة المصرية يعكس الدور التاريخى الذى قامت به بطلات وطنيات، لولا دورهن ما استطاعت المرأة المصرية أن تتحرر من أغلال القهر الذى كانت تعانى منه فى صمت داخل أسوار بيتها.. ولظل وضعها يقتصر على دورها فى البيت دون أى حقوق شخصية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، ولولا هذا الدور الوطنى فى ثورة ١٩ وشجاعة نساء وشابات مصر، اللاتى خرجن للمطالبة بحرية الوطن، ولولا نضال رائدة تحرير المرأة المصرية العظيمة هدى شعراوى والرائدات معها لما تمكنت المصريات من كسر قيود الظلم الذى كن يعانين منه قبل ١٩١٩.. ولما استطعن الوصول إلى ما وصلت إليه حاليًا المرأة المصرية من مكتسبات متتالية وتمكين فى مختلف المجالات، وما زلنا نطالب ونأمل فى المزيد من الحقوق التى تمكن المرأة من المساواة التامة مع الرجل فى كل المجالات، وهو مطلب أتمنى تحقيقه مع اقتراب إعلان الجمهورية الجديدة، فمن أهم المطالب التى أتمنى تحقيقها هذا العام الانتهاء من إصدار قانون الأحوال الشخصية الجديد بما يسد الثغرات فى القانون الحالى الذى صدر فى عام ٢٠٠٠، بما يضمن نفقة الزوجة والأبناء فى حالة الطلاق.. كما أتمنى تحريك إصدار تشريع بمادة تحقق مفهوم «الكد والسعاية»، الذى طالب به بعض النساء المصريات، وفى مقدمتهن د. إنجى فايد، وكنت قد كتبت عنه مقالًا من قبل.. وأصدر به فضيلة شيخ الأزهر فتوى جديدة مؤخرًا.. بما يمكِّن الزوجة فى حالة الطلاق من أن تحصل على نصف دخل أو ثروة الزوج، وأنا أقترح أن يكون ذلك بعد مرور عدد من السنوات، مثل ١٥ أو عشرين عامًا.. وهذا التشريع موجود ومطبق فى العديد من الدول المتقدمة.. حتى لا تجد الزوجة وأم الأولاد نفسها فجأة بلا مصدر للإعاشة هى وأبناؤها، وهذا يحدث كثيرًا فى بلدنا فى حالة الطلاق.. خاصة حينما تصل الحياة الزوجية إلى «حارة سد»، وخلاف يصل إلى الطلاق، أو أن يتزوج الزوج زوجة أخرى، فيطلق الزوجة ويتركها بلا أى حقوق بعد أن تكون قد خدمته وربت أبناءه، وهذا يحدث فى بلدنا وبين كل الفئات.. وتحدث مآس لأم الأولاد وللأولاد أيضًا.

كما أطالب أيضًا بأن يتم القضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة، وذلك بتغليظ التشريعات، ورفع درجة الوعى المجتمعى باحترام وتقدير مكانة المرأة، من خلال حملات إعلامية مكثفة.. ويقوم المجلس القومى للمرأة بقيادة مايا مرسى بجهود فى مختلف المجالات لصالح المرأة.. إلا أن الثقافة الذكورية لا تزال تسيطر على فئات كثيرة، كما أن تيارات التشدد والتطرف فى مجتمعنا تواصل البخس بقيمة المرأة والتحقير من شأنها.. ولهذا فإن دورًا مهمًا لأصحاب الفكر والمثقفين والإعلاميين وكل جمعيات ومؤسسات المرأة لا يزال فى انتظارهم، وهو أن يواصلوا التصدى لتيارات الظلام التى تحقر من شأن المرأة والبنت، وتعزلها بنقاب وبمظهر وهابى، وذلك بهدف نشر الفكر الوهابى المتشدد فى ربوع مصر، وإحداث ردة فى أوضاع المرأة ومكتسباتها.. ومن الضرورى أن نواصل نشر الفكر المستنير والتقدم فى اتجاه المستقبل، لبناء دولة حديثة مستنيرة وديمقراطية، تحصل فيها المرأة على العدالة والمساواة والحرية.. ويجىء تشريف وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، الداعم الأول للمرأة المصرية، حدثًا مشرفًا، ننتظره كل عام فى عيد المرأة المصرية، ويحرص فيه على تكريم الرائدات وأمهات الشهداء وزوجاتهم، وفى كل احتفال يضيف إليها مكتسبات جديدة.. وننتظر هذا العام المزيد من المكتسبات من الرئيس فى مجال التمكين والدعم والحقوق. 

وفى عيد الأم، وهو أنبل الأعياد، أطالب بحملة واسعة النطاق فى بلدنا فى الإعلام والدعوة لاحترام الأم وتبجيل دورها، خاصة بين الشباب والشابات، وأن يقوم كل ابن وابنة بإهداء الأم أسمى آيات العرفان والحب والاعتراف بالجميل، وذلك فى مواجهة صور مرفوضة من القسوة على الأمهات، والتى تحدث فى مجتمعنا من البعض.. وأنا فى هذا اليوم، وفى كل يوم، أتذكر أمى رجاء حجاج، إحدى أهم رائدات العمل الاجتماعى والخيرى، وكانت رئيسة جمعية هدى شعراوى منذ عام ١٩٩٢ حتى ٢٠٠٧، ثم رئيسة شرفية حتى وفاتها فى ٧ يوليو ٢٠٢٠، وظللت أحرص على احترامها ورعايتها والتعبير عن حبى لها والعرفان بدورها، خاصة عندما أصيبت بجلطة فى المخ نتج عنها شلل نصفى فى ١٩٩٩، وظلت تواصل عملها ودورها كأم، وفى تطوير الجمعية؛ لتصبح أكبر جمعية للعمل الاجتماعى والخيرى فى مصر، ومنبرًا ثقافيًا وتوعويًا لتقدم المرأة.. هى من عظيمات مصر، اللاتى تركن بصمة واضحة، كرائدة فى العمل الاجتماعى والخيرى فى بلدنا.. فكل عام وأمى فى أفضل مكان.. وكل عام وكل أم مصرية بخير وقوية وقادرة على مواصلة حياتها وعملها بكرامة وأمان وسلام.