رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الإنسان الإله.. تاريخ وجيز للمستقبل» يوضح كيف يمكن النجاة من أن نكون مستعمرات بياناتية

الإنسان الإله
الإنسان الإله

يبحث الكاتب والأكاديمي يوفال نوح هراري عبر كتاب "الإنسان الإله.. تاريخ وجيز للمستقبل"- الصادر عن مشروع كلمة للترجمة، يأتي في 413 صفحة من القطع المتوسط - في الاحتمالات التي يولدها تلاقح أساطيرنا القديمة كالأديان والأيديولوجيات مع الثورة التقنية الجديدة.

ويحاول الكاتب الإجابة عن أسئلة مثل كيف سيتعامل الإسلام مع الهندسة الوراثية؟ وكيف ستتصرف الاشتراكية مع حلول الروبوتات محل العمال؟ وكيف ستجابه الليبرالية ظهور الأخ الأكبر يتهادي على نهر من البيانات الضخمة؟ وهل سينتهي الأمر بوادي السليكون إلى إنتاج أديان جديدة عوضا عن أدوات فنية جديدة؟

يشير يوفال إلى أن “الذكاء الاصطناعي يتجاوز مسرعا في طريقة قدراتنا المعرفية، وقريبا ستفوقنا الحواسيب الآلية في قيادة المركبات وتشخيص الأمراض، وخوض الحروب، بل وحتى في فهم المشاعر البشرية إلى ماذا ستؤول دولة الرفاة عندما تطرد الحواسيب البشر من سوق العمل ، وتخلق بذلك طبقة جديدة لاحدود لها؟ ماذا سيحل بالحرية إذا تمكنت الحكومات والشركات اختراق البشر واستطاعت ان تعرفنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا؟”.

وقال يوفال: “إننا في خضم سباق عالمي للتسلح، في حقول الذكاء الاصطناعي وجنع البيانات والهندسة البيولوجية دول قليلة تتصدر هذا السباق، بينما أغلبية الدول  الأخرى تقبع في مؤخرته. وإذا  استمر الحال على ما هو عليه، فأن نتيجته المحتملة هي شكل جديد من الاستعمار البياناتي”.

وألمح إلى أن العالم العربي مر بتاريخ طويل ومؤلم من الاستعمار. على مدار قرون طويلة خضع  العرب لإمبراطوريات أجنبية كالمغول، والعثمانيين، والبريطانيين، والفرنسيين. وفي القرن الواحد والعشرين، قد يجد العرب أنفسهم خاضعين لأمبراطورية من نوع جديد، في الماضي، اضطر المغول والاتراك والبريطانيون والأمريكان إلى إرسال جنود مجندة لغزو بلدان مثل العراق، ولكن أمبراطوريات القرن الواحد والعرشين ، لن تدخل بجنودها ، وإنما ستكتفي باستخراج البيانات، ثلة صغيرة من الشركات والحكومات تحصد بيانات العالم وتجمعها، وستحول الباقي منه إلى مستعمرات بياناتية.

وأوضح يوفال أن التحول الى مستعمرة بيانية له عواقبه الاقتصادية والسياسية، ففي القرنين التاسع عشر والعشرين، كان دورك كمستعمرة لقوة صناعية مثل بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية يقتصر غالبا على توفير المواد الخام، بينما تبقى الصناعات المتقدمة ذات الأرباح الكبيرة في المركز الاستعماري. 

ولفت إلى في القرن التاسع عشر، تخلف العرب عن ركب الثورة الصناعية ، ودفعو ثمنا لذلك قرنين من الاستعمار الغربي ، وسيكون الثمن باهظا أكثر ، أن هم تخلفوا في القرن الحادي والعشرين ، عن اللحاق بثورة تقنية المعلومات والتقنية الحيوية .

وأكد يوفال أن الكتاب يسعى لمساعدتنا على إدراك جحيم التقنيات الجديدة وجنانها، وهي مهمة عاجلة ،إذ فشلنا في معرفة الجنة الجديدة، فستنجر بسهولة نحو عوالم مثالية ساذجة ، ولو فشلنا في استيعاب الجحيم ، فسنخلد فيه آبدين.