رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطَّريق إلى العظمة الحقيقيَّة

يسعى البشر في كلِّ مكان وزمان إلى حياة العظمة، فيشترون أفخم الملابس، ويذهبون إلى أكبر مراكز التَّجميل، وينفقون كل  مالديهم لاقتناء أحدث السيَّارات والفيلاَّت، ويجتهدون للحصول على أعلى الشَّهادات والوصول إلى أرقى المناصب. ويجمعون حولهم المؤيِّدين والمُصفِّقين، ليزداد إحساسهم بالعظمة والتفوُّق.. فهل هذا هو سِرُّ سعيك الدَّائم وراء كل ما سبق ذكره؟ هل هذا هو مفهومك للعظمة؟ أمْ للعظمة مفهوم آخَر؟ 
العظمة الحقيقيَّة ليست خارجك بل داخلك، ليست في جمال جسدك بل جمال روحك، وليست في جمال كلماتك بل في صدقها. ليست أقوالاً جميلة فقط بل أفعالاً جميلة، فكلماتك الجميلة والبليغة لا تغني عن أفعالك مهما كانت قليلة وبسيطة.
العظمة الحقيقيَّة هي في ما يتبقَّى لك بعد زوال كل ما هو أرضي وفانٍ. لذلك، اعملوا دائمًا لما هو باقٍ ودائمٍ، هكذا قال السيد المسيح في موعظته على الجبل: "اكنزوا لكم كنوزًا في السَّماء لا على الأرض".
العظمة الحقيقيَّة ليست في كَمْ تستهلِك، بل في كَمْ تُنتِج؟ ليست في كَمْ تأخُذ من غيرك، بل في كَمْ تُعطي وتُنفِق. فكلَّما كانت صادراتك في الحياة أكثر من وارداتك، كنت عظيمًا بحقٍّ، وعشتَ سعيدًا فرحًا.
العظمة الحقيقيَّة ليست في  فقط في الحصول على أعلى الشَهادات، والألقاب بل في التَّطبيق العملي لما تعلَّمته، والتَّغيير الحقيقي الذي أحدثه  ذلك العلم في سلوكك مع أهل بيتك وجيرانك وزملائك. ليست العظمة في كَمْ نعلَم، بل في كَمْ نعمَل بما نعلَم، وطوبى لكلِّ من يَعلَم ويعمَل. 
العظمة الحقيقيَّة ليست في المناصب والألقاب، بل في الخدمة والبذل والعطاء. ليست في الشُّهرة والصِّيت الذَّائع، لأنْ ليس كلّ مشهور عظيم، فكم من مشهورين بسبب شرِّهم وجهلهم، وكم من عُلماء عظماء أجلاَّء مغمورون.
العظمة الحقيقيَّة ليست أن تُسخِّر أكبر عدد من الناس لخدمتك، بل أن تسخِّر نفسك لخدمة أكبر عدد من الناس، بحسب ما أعطاك المولى من مواهب وقدرات. فإن كنت في منصب، فذلك ليس لتتسلَّط على الناس أو تؤذيهم أو تستغلّهم، بل لتخدمهم وتسهِّل مصالحهم. تأكَّد أنَّك في منصبك هذا لخدمة الإنسانيَّة بلا تفرقة أو مُحاباة، ليكن شعارك دومًا في الحياة "أنا هنا لخدمتكم"، ذلك هو الطَّريق الصَّحيح للعظمة وتخليد اسمك ونقشه بحروف من نور على صفحات القلوب والعقول.