رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف عرف الإسلام الظلم؟... الدكتور على جمعة يجيب

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، نهانا ربنا عز وجل عن الظلم، والظلم، هو وضع الشيء في غير موضعه، ومجاوزة الحد والميل عن العدل،والظلم في الشرع: عبارة عن التعدي عن الحق إلى الباطل، فالتصرف في ملك الغير ظلم، ومطالبة الإنسان بأكثر مما عليه من واجبات ظلم، وإنقاص حق الإنسان ظلم، والاعتداء على أمن الناس بالضرب أو التخويف أو اللعن ظلم، والاعتداء على أموال الناس بالسرقة والغصب ظلم، وأعظم ظلم في حق الإنسان هو "القتل"، قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّى القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} [الإسراء:33].


وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا : أعظم ظلم على الإطلاق "عصيان الله" فقد سماه الله الظلم العظيم ، لأن العاصي يعرض نفسه للعذاب، وهذا إذا عرض الإنسان نفسه للعذاب الخالد في النار، فكما قال الله حكاية عن لقمان في كتابه العزيز : ( لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)،ويكون الظلم للنفس في الدنيا، وهذا إذا حمل الإنسان نفسه ما لا طاقة لها به، من الأعمال، أو من المواقف التي لا تقوى على تحملها، فالإنسان مطالب بالعدل مع نفسه وذلك بحملها على المصالح ، وكفها عن القبائح ، ثم بالوقوف في أحوالها على أعدل الأمرين من تجاوز أو تقصير، فإن التجاوز فيها جور ، والتقصير فيها ظلم . ومن ظلم نفسه فهو لغيره أظلم ، ومن جار عليها فهو على غيره أجور . وقد قال بعض الحكماء : من توانى في نفسه ضاع. 


وأشار : من الظلم منع المؤمنين من عبادة الله في المساجد وتخريبها، قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِى خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.


وأوضح : يحذرنا رسول الله ﷺ من الظلم في أكثر من حديث ، فقد روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال : «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» [رواه البخاري ومسلم]، والمسلم قد يقع في الظلم في حق نفسه ؛ وذلك إذا فعل المعاصي والذنوب فيعرضها لعذاب الله، وقد يقع في الظلم في حق والديه، أو أقاربه، أو أصدقائه، أو جيرانه، أو حتى أعدائه وذلك بأن يمنع أحدهم حقًا من حقوقه، أو يحمله فوق طاقته.


وأضاف : أوضح ﷺ أن منع الظالم عن ظلمه نصر، جاء عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : (انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما. أفرأيت إن كان ظالما كيف أنصره ؟ قال تحجزه أو تمنعه عن الظلم فإن ذلك نصره) [البخاري]. وقد ورد في الحديث القدسي فيما يرويه نبينا ﷺ عن رب العزة بأنه قال سبحانه : (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعله بينكم محرما) [مسلم]. وقد سئل النبي ﷺ: (ما العصبية فقال : أن تعين قومك على الظلم) [أبو داود].


وأشار : من مظاهر تمام العدل وإقامة الله حجته على خلقه، ما يدور بين العبد وربه يوم القيامة، فقد قال أنس رضي الله عنه : (كنا عند رسول الله ﷺ فضحك، فقال : تدرون مم أضحك ؟ قال : قلنا الله ورسوله أعلم. قال : من مخاطبة العبد ربه. يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ قال : يقول : بلى. قال : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني. قال : فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، وبالكرام الكاتبين شهودا. قال فيختم على فيه. فيقال لأركانه : انطقي. قال : فتنطق بأعماله. قال : ثم يخلى بينه وبين الكلام. قال : فيقول : بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل ) [مسلم ]. وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال : (بئس الزاد إلى المعاد ، العدوان على العباد).وقال ﷺ : (ثلاث منجيات ، وثلاث مهلكات، فأما المنجيات : فالعدل في الغضب والرضا ، وخشية الله في السر والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر، وأما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه). هذا قليل من كثير ورد في السنة المشرفة.