رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القراء الجدد.. حين يقرأ الشعراء الشعر والروائيون الرواية

صورة من معرض الكتاب
صورة من معرض الكتاب

تراجع إقبال الشباب على الشعر كأحد الفنون الثقافية بعد أن ظل لأعوام  بل وقرون متصدرًا للمشهد، لتحل الرواية محله وتلقى رواجًا كبيرًا ليس فقط داخليًا بل أيضًا على مستوى العالم.

معرض القاهرة للكتاب كان شاهذًا على ذلك التغير الكبير في الذوق الفني، وهو ما نرصده خلال السطور التالية..

نصرة الشعراء للشعر

المسابقات هي التي كانت تغري بعض الدور لنشر الشعر أملا في حصد الجوائز كما هو الحال في جائزة أحمد فؤاد نجم ومؤخرًا جائزة عبد الرحمن الأبنودي، التي يفوز فيها 10 دواوين شعرية وهو ما يعني الفوز بطريقة أو باخرى لهذه الدور، كما أن لجنة الجائزة تشتري 150 نسخة من ديوان الفائز وتقوم بتوزيعها على الحاضرين.

هذا بخلاف دور النشر الحكومية مثل الهيئة العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة، والتي تحرص على نشر الكثير من الشعر وتطرحه بثمن أقل بكثير مما تطرحه دور النشر الخاصة.

إقبال متزايد على اقتناء الرواية

معرض الكتاب بكان شاهدًا على ضعف الإقبال على اقتناء الدواوين الشعرية مقارنة بالرواية والكتاب الفكري والتاريخي والمجموعات القصصية ايضًا، لذلك وبالانتماء للنوع راح الشعراء يشترون دواوين الشعراء كأنهم يعلنون انتمائهم الأصل وضد اختفاء هذا النوع الأدبي بالكلية، بخلاف محبوا الشاعر وأصدقائه، ومن يريد أن يكون شاعرا مسقبليا.

الروائيون

على الجانب الآخر فإن كثرة الروايات المطروحة جعلت القارئ أكثر حرصًا في الاقتناء، ولا يثق في أحد من الذين يقفون في أجنحة دور معرض الكتاب، ويبحث بنفسه وغالبا ما ينتهي به الأمر بشراء روايات لكتاب قرأ لهم من قبل ويضمن من خلالهم أنه سيحصل على متعة ما، ولكن دون أن يضع نفسه في مرمى التجربة.

حرب خفية 

قديمًا وفي فترة الثمانينيات والتسعينيات كان القارئ غير محدد النوع ولا ينتمي إلى جنس أدبي معين، حتى الكتاب كانوا يستفيدون من الشعر والرواية والقصة، وكلها تصب في وعي القارئ، ولأن الرواية والشعر والقصص تطرح بسعر واحد وكانت الكتب تخضع لفحص ولجان نشر ولا تمر إلا من خلال هذه اللجان، حتى أن الوسيلة الناجعة لنجاح رواية كان عبر اختراقها لواحد من التابوهات "الدين والجنس والسياسة"، أو لتناولها موضوعا مغايرا عن السائد، كما حدث مع عدد من الروايات في أزمة الروايات الثلاث و"أن تكون عباس العبد" وغيرها، ومن هنا وبعد مقال يكتب تنتشر الرواية لكنها لا تحقق عدد من الطبعات لأن ما تطرحه هذه الهيئات كان عددا معينا ونادرا ما تكون هناك طبعات أخرى، وفي منتصف وأواخر التسعينيات راحت دور نشر تعلن عن نفسها مثل دار شرقيات، ومن بعدها ميريت واكتب وغيرها، وراح الأمر يتحول بعض الشئ لصالح الرواية نظرا لاختلاف السعر أولا، وثانيا لأنها وحدة متكاملة وليس عبارة عن قصائد تفتقر أحيانا لوحدة الموضوع، سوى أن هناك العديد من الشعراء الذي كان لهم صيت وضجة لبعض القصائد أو الدواوين كما فعل عبد الناصر علام وهشام الجخ ومن الجيل الجديد محمد إبراهيم ومصطفى إبراهيم وعمرو حسن.

ومن بعدهم راح الشعر ينزاح تدريجيا حتى أن شراء الدواوين في معارض الكتاب السابقة أصبح من باب الانتصار للنوع، وراح الروائيون يشترون الروايات من باب الانتصار لأصحابهم الكتاب، بعيدا عن القارئ القديم والذي أصبح له وعيا مختلفا ويعرف أين يضع قدمه بالضبط ولمن يقرأ.