رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمير «عازف الأنفاق» يداوي آلام إصابته البدنية بصداقة «الجيتار»

عازف الانفاق
عازف الانفاق

تعلو نغمات الأوتار الموسيقية تارة وتهبط أوقات أخرى، وبين ضجيجها وهدوئها تتحرك أنامل الفنان أمير فؤاد «عازف الأنفاق» على جيتاره أو صديقه الأقرب الذي  يقبض أوتاره بين كف يديه، وكأنه يطمئن نفسه بأنه وجد عكاز رحلته التي تتقاطع محطاتها مع آلته الموسيقية الأقرب.

مسرح كبير، فرقة موسيقية، آلات مختلفة التوزيع الموسيقي، مشهد مثالي لحفلة كاملة، ولكن هنا العازف ليس له مكان في تلك الحفلة الموسيقية ليبدل موقعه بداخل أحد أنفاق عروس البحر المتوسط، ويقرر أن يحول الحوائط الصماء ذات السقف المقوس إلى مسرح موسيقي يرى بريق أضواءه في عينيه هو فقط، وأن يحول المارة بين كلا الجانبين من الطريق إلى جمهور لحفلته دون دفع ثمن تذكرة باهظة الثمن، ولكن كل ما عليهم أن يبطئوا من خطوات أقدامهم ليقفوا برهة من الوقت ويتركوا أسماعهم تنصت لعزف “أمير” عازف الأنفاق.

قبل اليوم بـ 15 عاما، قررت موهبة أمير أن تُكتشف في عزفه الموسيقي، لكنه حينها لم يكن يعلم أن موهبته تلك ستكون داعمه النفسي الأساسي، ورفيقته التي تطبطب عليه بنغماتها العذبة، ليتحول مسار حياته في عام 2011 عندما يمتحن الله صبره بإصابته بمرض يمس بالنخاع الشوكي، ويحول بينه وبين أي جهد يقرر بدنه أن يبذله.

وليغير المرض مسار حياة أمير  المشهور بـ“سناكس” والذي أطلق عليه من أصدقاءه نتيجة لحركته الزائدة، إلى شخص باحث عن ذاته معتز بموهبته وبلقبه الذي طبعه على رفيقه الموسيقي “الجيتار”، دون الاتكال على الآخرين.

صوت أمير الغنائي بتقييم المتخصصين في الفن الموسيقي لم يكن على مستوى تقيماتهم بالكفاءة المطلوبة، ولكن ذلك الصوت لدى عازف الأنفاق هو ما تسبب في بقاء ابتسامته ترتسم على وجهه، فبدون خجل أو كسوف يترجم صوت أمير ما يشعر به “أنا موجود” نعم فهو موجود بإرادته وبحبه للحياه، فإن كان بدنه أبى الحركة، ورفض بذل المزيد منها، فما زال لعازف الأنفاق صوت يعبر عن نفسه ليتخذ نفسا عميقا وكأنه تذكر السنوات الخمسة عشر الماضية وبصوت هادىء يقول: “المزيكا عملت اللي معملتوش أي بشر- نستنى أني مريض”.

لم يكن مقره داخل أنفاق الإسكندرية هو الاختيار الأول لأمير، لكنه بحث كثيرا عن مقهى أو غيره ليسمحوا له بالتواجد بينهم ولكن لن يقابله سوى الرفض، ليتغير صوت عازف الأنفاق، ويغلف أحباله الصوتية الحزن قائلا “أنا مش متسول أنا بعمل الحاجة اللي مبعرفش أعمل غيرها” لتكن تلك الأنفاق الصماء رحيمة عليه، متسعة لاحتوائه وبعض من القوالب الحجرية التي مُهدت للاستناد عليها.

“أنا أحسن من غيري” فالرضا واليقين بقدر الله هو مايترجمه عازف الأنفاق بعبارة الحمد لله التي دائما ما يرددها، لتستمر أصابع يديه في العزف على أوتار حياته التي رفضت الاستسلام ليأس مريض وابدلتها لطاقة تشدو أجمل الألحان.

عازف الانفاق
عازف الانفاق