رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر والسنغال.. قبل المباراة

 

أنظار مواطنى القارة السمراء وجماهير كرة القدم فى باقى القارات، توجهت فى التاسعة من مساء أمس الأحد، إلى ملعب «باول بيا ستاديوم» بالعاصمة الكاميرونية ياوندى، لمتابعة مباراة مصر والسنغال فى نهائى كأس الأمم الإفريقية، التى لا ينبغى أن تؤثر نتيجتها على العلاقات الطيبة بين الشعبين الإفريقيين الشقيقين. كما لا ينبغى، ولا يليق، أن يتعامل معها المصريون أو السنغاليون، العرب أو الأفارقة، على أنها معركة بين فريق عربى وآخر إفريقى.

نكتب قبل ساعات من هذا الحدث الكروى المهم، ما يعنى أن مصر والسنغال، الآن، قبل المباراة، زمنيًا. لكن ما يعنينا، أو ما نتمناه، هو أن يكون البلدان قبلها، أيضًا، من حيث القيمة والأهمية، ولعلّك تعرف أن «قبل»، غير كونها ظرف زمان أو مكان تدل على تقدم شىء على آخر فى الوقت أو الموقع، فإنها تدل، كذلك، على التقدم فى القيمة أو الأهمية، كأن يُقال «الرأى قبل شجاعة الشجعان»، أو كما يُوصف أحدهم بأنه يضع مصلحته قبل كل شىء.

بين البلدين روابط تاريخية وثيقة وممتدة، وبين رئيسيهما علاقة أخوة وصداقة توطدت منذ زيارة الرئيس السيسى لداكار فى أبريل ٢٠١٩. كما حل الرئيس السنغالى ماكى سال ضيفًا عزيزًا على القاهرة منذ أيام، تحديدًا فى ٢٩ يناير الماضى. وفى ختام المباحثات، شهد الرئيسان مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون بين البلدين الشقيقين فى مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، والثقافة، والرياضة، وغيرها، بعد أن تناول الرئيسان سبل تعزيز التعاون بين البلدين، وآخر التطورات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة قضية السد الإثيوبى، حيث تم التوافق على تعزيز التنسيق والتشاور الحثيث المشترك، لمتابعة تطورات هذه القضية، فى ضوء قرب تسلم السنغال رئاسة الاتحاد الإفريقى للعام الجارى.

الرئيس السنغالى، الذى تسلم، أمس الأول السبت، الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقى خلال فعاليات القمة الإفريقية الخامسة والثلاثين، سبق أن أكد، فى ١٠ يوليو الماضى، على دعم بلاده الكامل حقوق الشعب المصرى الأزلية فى مياه نهر النيل، وسعيها للتأكيد على هذا الأمر فى كل المحافل الإقليمية والدولية. وشدد على أنها، خلال رئاستها الاتحاد، ستضع على رأس أولوياتها إيجاد حل جذرى لهذه الأزمة، للحفاظ على حقوق مصر التاريخية، مؤكدًا أن هذا هو التوجه الصحيح، الذى يجب على كل الأطراف الالتزام به. ووقتها، أشاد الرئيس السنغالى بالدور المحورى الذى لعبته مصر، خلال رئاستها الاتحاد الإفريقى، فى الدفاع عن القضايا الإفريقية على الساحة الدولية، وبجهودها المتواصلة لتحقيق التنمية لكل شعوب القارة. 

كلام شبيه، قاله الرئيس السنغالى، خلال زيارته القاهرة، وأبدى حرصه على الاستفادة من الجهود والتجربة والرؤية المصرية فى قيادة دفة الاتحاد، كما أعرب عن تقدير بلاده للعلاقات التاريخية المتميزة مع مصر، متمنيًا تطوير تلك العلاقات فى مختلف المجالات، ومشيدًا بنشاط الشركات المصرية فى بلاده، ومتطلعًا إلى تعظيم الدعم الفنى الذى تقدمه مصر لأبناء السنغال فى مجالات بناء القدرات، فى ضوء الطفرة التنموية الهائلة التى تشهدها مصر حاليًا، والمشروعات القومية الكبرى الجارية والمخطط لإنشائها.

السنغال، قبل كل شىء وبعده، إحدى الدول المحورية فى غرب إفريقيا، وكان من المقرر أن تستضيف عاصمتها داكار، فى مارس الماضى، المنتدى العالمى التاسع للمياه، إلا أن وباء «كورونا المستجد» أرجأ انعقاد المؤتمر إلى مارس المقبل. واستعدادًا لهذا الحدث، أقيمت فعاليات الدورة الثالثة من أسبوع القاهرة للمياه، فى أكتوبر الماضى، تحت شعار «الأمن المائى من أجل السلام والتنمية فى المناطق القاحلة- الطريق إلى داكار». ويمكنك أن تضيف إلى ذلك أن العاصمة السنغالية كانت أولى محطات سلسلة بعثات «مبادرة روابط الأعمال» بين مصر ودول وسط وغرب إفريقيا، التى تم إطلاقها بالقاهرة، فى يونيو الماضى، لاستكشاف وتعزيز فرص التعاون بين مجتمع الأعمال المصرى ودوائر الأعمال الإفريقية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن منتخبنا الوطنى تأهل لنهائى كأس الأمم الإفريقية، بعد إطاحته بمنتخب الكاميرون، صاحب الأرض. وكان مؤسفًا أن يرانا البعض فى تلك المباراة، وفى غيرها، عربًا فقط، ويتجاهل انتماءنا، الجغرافى والتاريخى والحضارى، للقارة السمراء.