رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمال شقرة: بطرس غالي صانع للتاريخ.. وواجهته العديد من التحديات

جانب من الندوة
جانب من الندوة

قال الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، خلال محور مئويات وشخصيات، والتي خصصت اليوم للاحتفال بالدكتور بطرس غالي، الأمين العام الأسبق لمنظمة الأمم المتحدة: يمثل الدكتور بطرس غالي مشكلة لدى باحثي ودارسي التاريخ، فأي نظرية يمكن أن تفسر دوره في الفكر السياسي المصري، وإن كنت أميل إلى أنه صانع للتاريخ بنظرية التحدي والاستجابة.

وأوضح "شقرة": «تعرض الدكتور بطرس غالي للعديد من التحديات والضغوط التي صنعت شخصيته وجعلت منه بطرس غالي، ووصفها هو بنفسه في مذكراته بأنها كانت تمثل له ثلاث "عقد" شخصية، فهو أولا مسيحي في بلد ذات أغلبية مسلمة وما يمثله هذا من ظروف سياسية متوترة. وثانيا تحدي أسرته المتهمة بالخيانة سواء فيما يخص "حادثة دنشواي"، أو مد امتياز قناة السويس، والثالثة الخاصة بزواجه من زوجة يهودية، وما يمثله من تحدٍ في دولة بينها وبين إسرائيل عداء تاريخي.  

272248792_1801855530023420_6350186934868538909_n

وأردف "شقرة": تتسم الشخصية المصرية وهويتها بأكثر من 14 سمة شخصية تتصف بها، ومن بين هذه السمات القدرة علي التحدي، سواء علي المستوي الفردي، أو علي مستوى الدولة، أو على المستوى المجتمعي، ونجد أن بطرس غالي استطاع أن يتحدي العقد الثلاث التي تحدث عنها، ويذكر في مذكراته كيف أن محمد حسنين هيكل عندما اقترح اسمه أمام الرئيس جمال عبد الناصر، لتقلد إحدى الوزارات، ذكر "هيكل" لعبد الناصر التحديات التي تواجه بطرس غالي، وحدد له الثلاث عقد، فقال عبد الناصر له، فيما يخص  تاريخ خيانة أسرته فأنا غير مقتنع بها، أما أنه مسيحي فهذه مسألة لا تهمني، إنما مسألة زواجه من يهودية هي التي وقف عندها خاصة عندما عرف أن لهذه الزوجة أقارب من الدرجة الثانية يعيشون في إسرائيل، مما يمثل خطرا علي الأمن القومي المصري.

ولفت الدكتور "جمال شقرة" إلى أنه من سمات شخصية الدكتور بطرس غالي أيضا، قدرته على التكيف والموائمة، فقد استطاع أن يعيش ويتواجد في في المجال السياسي والفكري المصري، عبر ثلاث عصور لثلاث رؤساء، وهم الرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس السادات، والرئيس حسني مبارك.

272282024_1075354163264390_5723101859800894281_n

وعرج "شقرة" إلى الحديث عن إنجازات الدكتور بطرس غالي لافتا إلى لا أؤمن بالمصادفة في التاريخ، ورغم أن الدكتور بطرس غالي كان يقول إن الوزارة في عهد الرئيس السادات أسندت إليه بالمصادفة، عندما اعتذر الدكتور مجدي وهبة، وهذا كلام غير دقيق، لأن بطرس غالي كان يتمتع بكل الصفات التي تؤهله لهذا المنصب، وإنجازاته تشهد له وتؤهله للمنصب الوزاري الذي أسند إليه.

وهو ما ينطبق على تقلده منصب الأمين العام للأمم المتحدة، فقد كان معروفا بين الدول العربية والأفريقية، ويملك من المؤهلات ما يرشحه لهذا المنصب.

وشدد "شقرة" على أن: تمثل كتب ومؤلفات الدكتور بطرس غالي في السياسة والاقتصاد والفكر، مصادر تاريخية نشتغل عليها كباحثين ودارسين للتاريخ، ومنها مذكراته التي تمثل مصدرا مهما في دراسة فترة تاريخية مهمة مع الرئيس السادات، وأيضًا كتابه "خمس سنوات في بيت من زجاج، لا يمكن تجاهله في دراسة تجربته في الأمم المتحدة.

من جهتها قالت الدكتورة انتصار محمد: اتسمت شخصية الدكتور بطرس غالي بمجموعة من المتناقضات، سواء ما بين فكرة والالتزامات التي يفرضها عليه عمله كموظف عام في الدولة، والتناقضات ما بين الميراث الاجتماعي والتاريخي لأسرته وما وصمت به من خيانة، وبين وضعه المتغير الذي مر به في عهد الرئيس السادات.

تناقض ثالث تمثل في كونه رجل عربي ينتمي ويعيش في العالم الثالث، وبين فكره الثقافي المنتمي بأكمله إلي الغرب، إلا أنه استطاع بهذا القدر من المتناقضات أن تتفاعل وتكون شخصيته، ويصبح شخص واحد الذي نعرفه باسم الدكتور بطرس غالي وهو ما يتضح في كتاباته ومقالاته.