رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إكسبو دبى 2020 «5-5»

أمضيت فى مدينة دبى ستة أيام، أتاحت لى زيارة إكسبو دبى ٢٠٢٠، وهو جهد يقدر لمدينة دبى أن تستضيف المعرض العالمى الضخم الذى يعد الحدث الثالث عالميًا بعد الأوليمبياد وبطولة كأس العالم لكرة القدم، حيث تشارك فى فعالياته ١٩٢ دولة، ومن المتوقع أن يزوره ٢٥ مليون سائح.

يأتى إكسبو، الأوروبى الأصل الأمريكى الهوى، للشرق الأوسط وإفريقيا للمرة الأولى، وتكون مدينة دبى هى محطته بعد منافسات مع مدن كبيرة. وقد بذلت حكومة دبى جهودًا كبيرة لكى تكسب المنافسة وتستضيف الحدث العريق الذى يقترب عمره من ١٧٠ عامًا.

من اللافت فى هذا المعرض سيطرة الصورة والعروض البصرية لكل دول العالم، والتنافس بين الأجنحة على تقديم منجزاتها الحضارية والعلمية من خلال العروض البصرية، وقد تحولت أجنحة الدول إلى شاشات عرض كبيرة، تختلف مساحاتها، وأشكالها، ومدى مشاركة الجمهور فيما يقدم من خلال استخدام المؤثرات التى تتجاوز الأبعاد المعروفة.. فى جناح مصر استمتعت بتجربة آلة الزمن، فانتقلت بالصورة والصوت والحركة إلى الماضى والمستقبل، وشعرت بأننى جزء من عالم افتراضى يقدم ما كان وما سيكون عبر شاشات عرض دائرية عملاقة.

فى الجناح الروسى تم تقديم جولة مشابهة فى مدينة موسكو العاصمة الروسية فى استعراض مبهر وإمكانات تصوير ضخمة، كما تم بناء نموذج ضوئى لمخ الإنسان لتوضيح إمكانات العقل البشرى، فى جناح دبى يتم عرض تطور المدينة وانتقالها من التصحر إلى عصر الرقمنة على الكثبان الرملية التى تنتشر فى الجزء الأول من الجناح المصمم على شكل صقر مفرود الجناحين.

فى الجناح الفرنسى يتم عرض تجارب حية لظاهرة التشبع الضوئى وقدرتها على تغيير رؤية الإنسان للألوان، فى الجناح الكورى استمتعت بالاسترخاء، بل والنوم على الظهر، فوق كراسى هوائية لمشاهدة سينما المستقبل، حيث تمتد شاشة العرض من الحائط المواجه لك حتى السقف فوق رأسك، فى الجناح الفلسطينى يمكنك من خلال الضغط على قارورة تحمل اسم أهم النباتات والأشجار أن تشم الرائحة المنطلقة من القارورة مثل روائح: الورد، البرتقال، الزيتون، الزعتر. 

وقد استخدمت بعض الدول حيلًا لطيفة لجذب الجمهور إلى جناحها، مثل الجناح السويسرى الذى فرش ساحته الأمامية باللون الأحمر، التى تعكس صورة الزائر بمجرد اقترابه من باب الدخول على واجهة الجناح، ويعطون للزائر على سبيل الإعارة شمسية حمراء ليتصور بها، ثم يستردونها عند دخوله الجناح الذى استخدم تقنية معينة لنشر الضباب وبخار الماء، حيث لا تستطيع الرؤية، وتحولت الجدران إلى شاشات عملاقة تصور جبال الألب السويسرية. وسط هذا البياض الشاهق الذى يخطف البصر، تتلمس طريقك من خلال إضاءة تمتد على جانبى الممر الحلزونى المتصاعد إلى قمة الجبال، فى مغامرة مثيرة، يكتنفها الغموض والمجهول. 

فى مدخل الجناح السعودى تواجدت نافورة معلقة فى السقف دائرية الشكل فتسقط منها المياه بشكل محيط دائرى، تعمل أجزاء من قطر الدائرة وتتوقف فجأة، ويمكن العبور من خلالها، فإما أن تنجو من الماء أو يسقط على رأسك أو يصيب ذراعك وملابسك وهى تجربة مليئة بالحماس والضحك. 

وحرصت إدارة المعرض على جذب الزوار لبعض المناطق من خلال فرق للفنون الشعبية وفرق لألعاب الأكروبات من مختلف الدول، وقد استمتعت بفرقة مصرية للفنون الشعبية، جذبنى صوت مزمارها، فأخذت أتتبع مصدر الصوت حتى وجدتها، بين جناحى عرض، خمسة أفراد يملأون المكان بروحهم وملابسهم الصعيدية السوداء والعمة البيضاء، وقدمت الفرقة عددًا كبيرًا من الألحان المصرية المبهجة والشجية وكانت نقطة جذب كبيرة بالمعرض، وقد تعرفت على بعض أعضائها بعد انتهاء العرض، وهم شباب مصريون يشكلون هذه الفرقة ويعملون فى دبى منذ سنوات.

اتسم المعرض بتقسيمه إلى ثلاث مناطق رئيسية وهى مناطق: الاستدامة، الفرص، التنقل، وتربط بين الثلاث ساحة الوصل، وهى ساحة تغطيها قبة كبيرة تقدم عروضًا ضوئية على جدرانها تحكى عن الحكايات الشعبية الإماراتية، وعن تطور العديد من الصناعات مثل صناعة الأنسجة، والساحة تقام بها العروض الفنية الكبيرة وحفلا الافتتاح والختام. 

وفى منطقة الاستدامة تنتشر أشجار معدنية إلكترونية، تحتوى كل شجرة على ١٢٠ لوحة شمسية دوارة وتتبع الشمس من شروق الشمس إلى غروبها، تتيح هذه تشغيل جناح الاستدامة المصمم على شكل قرص بالكامل بالطاقة الشمسية.

كل ما فى إكسبو دبى ٢٠٢٠ يدعو للتقدير والتحية، لفكرة المعرض الدولى وتجمع البشر من أجل رفاهية وخير الإنسان، وللجهود التى بذلتها مدينة دبى لاستضافة المعرض وإنجاح فعالياته، ولكل شاب وشابة من الإماراتيين المتطوعين فى المعرض، الذين كان حضورهم اللطيف وتعاونهم الصادق مصدر راحة بالنسبة لى. 

وفى انتظار غدٍ قريب لإكسبو القاهرة ٢٠٣٥.