رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القليل الأفضل

أسهمت الثورة الصناعية في إنتاج المزيد من الأشياء، وصاحب ذلك  ثورة تكنولوجية للإعلان عن تلك  الأشياء، علاوة على فكرة التسوق الإلكتروني، مما أيقظ وأشعل فينا، بطريق مباشر أو غير مباشر، الرغبة في تملك تلك المُنتجات، سواء يلزمنا أو لا يلزمنا، يناسبنا أو لا يناسبنا، ولقد تحولت تلك الرغبة في بعض الأحيان لدى البعض إلى طمع لامتلاك المزيد من كل شىء وبأية طريقة، وأصبح امتلاكنا القليل من تلك المنتجات يغضبنا، ويحزن قلوبنا ويكسرها، ويملؤنا بالتذمر والحسد، والغيرة المرة، وعدم الرضا، والشعور بالدونية وأننا أقل من غيرنا.

إن كانت هناك زيادة تحزن وتضايق، لكن هناك قليل يفرح ويبهج، وهذا ما يُعلمنا إياه الحكيم سليمان في كتاب الأمثال، في الكتاب المقدس، فالقليل من المال مع مخافة الله خير من الكثير مع ظلم وهمٍّ، والقليل من الكلام الحسن الصادق الهادف، أفضل من الكثير بمبالغة وكذب وغضب، وحِدة مهينة للآخرين، كما أن القليل من الأكل مع المحبة والسلام أفضل من ذبائح كثيرة مع بغضة وخصام.

ليس معنى كلامي أنها دعوة للفقر أو الجوع أو الكسل، لكنها دعوة للرضا الداخلي والقناعة بما قسم الله لنا، وليس كلامي هذا ضد الطموح، بل  تحذير من الطموح الجامح الذي لا يقود إلا  إلى الطمع المدمر.

أعنّا يا الله حتى نطمح دون طمع، ونرضى ونقنع بالقليل دون كسل أو تراخٍ، أعنا لنقدر القليل الذي لدينا فنفرح به، ونشكرك عليه، احمنا  من التذمر، واشتهاء ما لدى الآخرين، أو مقارنة أنفسنا بهم وبما لديهم، فقيمتنا ليست في الأشياء أو الممتلكات الزائلة، بل في كوننا بشرًا مخلوقين على صورتك أيها الإله القدوس المحب السلام.

  • راعي الكنيسة الإنجيلية في العباسية