رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«7 فى مهمة طبية».. رحلة فريق مصرى لإنقاذ مريضة بكوت ديفوار

الجانب المصرى فى
الجانب المصرى فى كوت ديفوار

الأيام القليلة في عمر عام 2021 حملت أمنيات الشعوب وتخطيط الحكومات لمستقبل أفضل في عام 2022، الأمر كان مختلفًا بعض الشيء في دولة ساحل العاج "كوت ديفوار" الإفريقية، حيث حملت الأيام الأخيرة في العام المنقضي دعوات الشعب الإيفواري وترقب الحكومة هناك لتنفيذ أهم حدث طبي في تاريخ دولتهم، وهو إجراء جراحة زرع كبد لأول مرة، تلك العملية الجراحية التي تمت بنجاح أواخر أيام شهر ديسمبر الماضي ونهاية عام 2021.

 بهذه الجراحة أصبحت كوت ديفوار هي الدولة الثالثة في إفريقيا التي أجرت زراعة الكبد بعد مصر وجنوب إفريقيا، واستغرقت أكثر من 12 ساعة متواصلة قام بها فريق طبي مصري، وكانت خلف تلك الجراحة رواية طويلة دارت فصولها في فترة زمنية استمرت أكثر من ثلاث سنوات كاملة، للتعرف على تفاصيل أول زراعة كبد في ساحل العاج وما سبقها من سنوات الإعداد لها، التقت اللجنة الإعلامية بنقابة الأطباء مع قائد الفريق الطبي المصري الذي قام بإجراء العملية الجراحية في كوت ديفوار، الدكتور عمرو عبدالعال، أستاذ جراحة الكبد والقنوات المرارية والبنكرياس وزراعة الكبد بكلية طب عين شمس ومدير برنامج زراعة الكبد في معهد ناصر للبحوث العلاجية والمستشفى الجوي التخصصي.

تدريب الإيفواريين فى أمريكا 

عن البداية ومحاولات ساحل العاج لزراعة الكبد، يقول الدكتور عمرو عبدالعال: "في عام 2006 كلفت الحكومة الإيفوارية الدكتور كيلي إيلي، رئيس قسم الجراحة في جامعة ريجفيل بمدينة أبيدجان، لتشكيل فريق طبي وتدريبه على زراعة الكبد، وتوجهت الأنظار إلى الشهرة في مجال زراعة الكبد، وبالفعل قرروا أن يتم تدريب الفريق الإيفواري في جامعة بيتسبرج بأمريكا، وهي الجامعة التي كان يعمل بها د.توماس ستارزل، أول طبيب أجرى جراحة زراعة الكبد في العالم".

502b7d6b-1837-4bca-a86a-353c7ccfd270

 وأضاف عبدالعال: "استمرت ساحل العاج في إرسال بعثات طبية من عام 2006 للتدريب وتعلم زراعة الكبد، وكان ذلك على مدار عدة سنوات تكبدوا فيها مبالغ طائلة، إلا أنهم لم يستفيدوا لعدة أسباب منها اللغة وعدم اهتمام الجامعة الأمريكية بتعليمهم".

 تواصل كوت ديفوار مع مصر

“في عام 2018 تواصل الدكتور كيلي إيلي، رئيس قسم الجراحة في جامعة ريجفيل، وكذلك وزارة الصحة في ساحل العاج معنا في مصر، كما تواصلت معنا منظمة الصحة العالمية لتدريب الفريق الطبي الإيفواري على زراعة الكبد”.

ويكمل الدكتور عمرو عبدالعال: «بدأ الفريق الطبي المصري لزراعة الكبد منذ عام 2018 بعمل كورسات تدريبية في مصر للفريق الطبي الإيفواري، والذي يتكون من أطباء تخدير وأشعة تداخلية ورعاية مركزة وجراحين وأطباء الباطنة والكبد وطاقم التمريض، وفي نهاية عام 2019 قمنا نحن الفريق الطبي المصري بزيارة أبيدجان لمعاينة المركز الطبي هناك، وقمنا بإعداد قائمة بالتجهيزات المطلوبة لإنشاء وحدة لزراعة الكبد، وتم تجهيز الوحدة بالفعل والانتهاء منها خلال عامي 2020 و2021".

أم و ابنها ومصريون.. أبطال أول زراعة كبد في ساحل العاج

يقول الدكتور عمرو عبدالعال، أستاذ جراحة الكبد وقائد الفريق الطبي المصري الذي أجرى أول زراعة كبد في ساحل العاج: "بدأنا منذ عدة شهور في تحضير وتجهيز المرضى المحتاجين لزراعة الكبد في كوت ديفوار وكذلك المتبرعين لهم، ومنذ ثلاثة أسابيع تقريبًا تم الانتهاء من إجراء الفحوصات والتجهيزات اللازمة لأول حالة مرضية تحتاج لزراعة كبد، وقام الجانب الإيفواري بمخاطبتنا رسميًا، وبالفعل سافر الفريق الطبي المصري إلى أبيدجان وأجرى أول جراحة زراعة كبد في ساحل العاج في الأيام الأخريات من عام 2021، والعملية الجراحية استغرقت حوالي 13 ساعة وكانت لمريضة تبرع لها ابنها بجزء من كبده، وتمت العملية الحمد لله بنجاح، وقمنا بمتابعة المريضة وابنها المتبرع بعد العملية وهما الآن بصحة جيدة".

7 مصريون.. وتكريم لم يسعوا له

"الفريق الطبي المصري الذي أجرى أول زراعة كبد في ساحل العاج نهاية ديسمبر الماضي تكون من 7 أعضاء، أربعة جراحين هم الأطباء مصطفى عبده، محمود طلعت، محمد كمال سمري، إضافة إلى عمرو عبدالعال، وأحمد مختار، أستاذ التخدير والعناية المركزة بطب قصر العيني، كما ضم الفريق الطبي المصري كلًا من الأستاذ كرم والأستاذ مصطفى البرشومي فنيي غرف العمليات والتجهيزات الطبية".

720614fd-412d-4a6c-8c54-9627c7dd8656

 ويكمل عبدالعال حديثه: "منذ أن بدأنا التعاون مع كوت ديفوار وتدريب فريقهم الطبي في 2018 إلى أن قمنا بإجراء أول عملية زراعة كبد هناك منذ أيام، لم يكن في حساباتنا أو حتى توقعاتنا أي نوع من التكريم على أي مستوى، ولكننا فوجئنا بوزير الصحة الإيفواري (بيار أنغو ديمبا) يقابلنا بعد انتهاء العملية ويوجه لنا الشكر وينقل لنا رغبة وحرص رئيس الوزراء على مقابلة الفريق الطبي المصري"، ويضيف الدكتور عمرو: "بالفعل بعد لقاء وزير الصحة بيوم، اجتمع بنا رئيس وزراء كوت ديفوار (باتريك إتشي)، وكرّم الفريق الطبي المصري في مؤتمر مصور، وأبدى رئيس الوزراء تقديره وامتنانه لمجهود الأطباء المصريين في تأسيس أول وحدة لزراعة الكبد في كوت ديفوار وإجراء أول جراحة بالوحدة".

 ويكمل: "اكتشفنا خلال لقاء رئيس الوزراء الإيفواري معرفته الكاملة بتاريخ الفريق الطبي الإيفواري وتدريبه الناجح في مصر، وكذلك معرفة رئيس الوزراء بمحاولات الأطباء الإيفواريين غير الناجحة للتدريب في أمريكا، وقد أسعدنا جدًا كمصريين الشكر والامتنان لمصر، وكذلك أسعدنا اهتمام مسئولين سياسيين من خارج الوسط الطبي بتكريم الأطباء، وعن استمرار التواصل بين الفريق الطبي المصري ونظيره الإيفواري، نحن مستمرون في التعاون والاشتراك مع الفريق الإيفواري وتدريبه على جراحات زراعة الكبد، لأن الاعتماد الكلي على الفريق الإيفواري في إجراء تلك الجراحات سيستغرق بعض الوقت".

احتفاء شعبي وعالمي بالأطباء المصريين

يقول عبدالعال: "تم تنظيم تشريفة رسمية من الحكومة الإيفوارية لنا طول الطريق من محل إقامتنا إلى المطار، وفوجئنا بالمواطنين الإيفواريين يحملون الجرائد التي نشرت صورنا ويأتون إلينا يوجهون الشكر لنا، أيضًا عرضت قناة BBC تقريرًا ذكرت فيه أن الفراعنة في نهاية عام 2021 تكبدوا عناء 15 ساعة سفر إلى أبيدجان لإنقاذ حياة مريضة، كما قامت قناة RIT الفرنسية بتقديم تقرير عن العملية الجراحية التي قمنا بها وعرضت فيديو عن التعاون الذي تم بين مصر وكوت ديفوار في مجال زراعة الكبد، وذلك إضافة إلى منظمة الصحة العالمية التي نشرت تقريرًا موسعًا على موقعها الرسمي".

 الأطباء المصريون قدموا خبراتهم دون مقابل

وأضاف عبدالعال: "منظمة الصحة العالمية دعمت بشكل كبير دولة ساحل العاج وساهمت بنسبة كبيرة في تجهيز وحدة زراعة الكبد في أبيدجان، وكذلك تحملت المنظمة تكاليف انتقالات وإقامات الفريق الطبي الإيفواري في مصر للتدريب، كما تحملت منظمة الصحة العالمية انتقالات وإقامات الفريق الطبي المصري في أبيدجان، لكن الفريق الطبي المصري لم يتقاض أي مقابل عن تدريب الأطباء الإيفواريين أو إجراء العملية الجراحية هناك، وما كنا نسعى إليه هو نقل الخبرات المصرية في المجال الطبي إلى دول إفريقيا".

العامل البشري هو الأهم في زراعة الكبد

يقول عبدالعال: "زراعة الكبد من العمليات المعقدة جدًا والتي تستلزم وجود فريق طبي طبي متكامل مدرب على أعلى مستوى وسبق له اكتساب الخبرات العلمية والعملية،  لذا فليس مهمًا التوسع في إنشاء وحدات زراعة الكبد، ولكن الأهم هو نقل خبرات الفريق الطبي المؤهل إلى فريق آخر، وقد اكتسبنا نحن الفريق الطبي المصري الخبرات في زراعة الكبد من الفريق الطبي الفرنسي، ونسعى لنقل تلك الخبرات إلى دول إفريقيا بشكل مباشر وغير مباشر، فمثلًا دولة غانا أرسلت فريقًا طبيًا كاملًا حضر عملية زراعة الكبد التي قمنا بها في أبيدجان، فيمكن أن تكون وحدة زراعة الكبد في كوت ديفوار مركزًا لتقديم الخدمة في الدول المحيطة بها والتي تقدر بـ15 دولة إفريقية وأيضًا يتم نقل خبرات الأطباء المصريين إليهم من خلال هذا المركز".

16c11e5c-88b4-40a8-a315-a9c522390cc1

 رئيس الجمهورية يقرر تنظيم "المنتدى الصحي الإفريقي"

وتابع الطبيب: "إحنا بعدنا كثيرًا عن إفريقيا، والطب إحدى الطرق الهامة لعودة مصر لموقعها القيادي في إفريقيا سواء عن طريق تقديم الخدمات العلاجية أو بنقل خبرات الأطباء المصريين إلى الدول الإفريقية، وفي هذا أيضًا انعكاس إيجابي على داخل مصر، حيث ستكون مصر قبلة للطب والعلاج لدول إفريقيا، ما يعني ازدهار السياحة العلاجية في مصر، بدلًا من توجه شعوب إفريقيا إلى الدول الأوروبية ذات التكلفة الباهظة، لإيمان الرئيس عبدالفتاح السيسي بأهمية الدور الطبي في تعميق العلاقة بين مصر ودول إفريقيا، فقد كلف سيادته الحكومة بتنظيم (المنتدى الصحي الإفريقي) تحت رعايته ومقرر إقامته في شهر يونيو المقبل، وستتم دعوة جميع الدول الإفريقية لحضور هذا المنتدى بتمثيل حوالي خمسة آلاف شخصية، وسيتم من خلال هذا المنتدى عرض الخبرات الطبية المصرية في العديد من التخصصات منها زراعة الكبد".

الأطباء سفراء لمصر ويجب الاهتمام بهم

من جهته، أكد الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء ومقرر اللجنة الإعلامية، أن النقابة تفخر بأطبائها داخل مصر وخارجها.

 وأضاف حسين، أن الأطباء ينقذون حياة الشعوب، كما أن الأدباء والفنانين يساهمون في تشكيل وعي الشعوب، والأطباء من سفراء مصر الذين ينحتون بحروف من نور اسم مصر في جميع دول العالم.

وطالب حسين وسائل الإعلام والجهات التنفيذية والتشريعية بالاهتمام بالأطباء والفريق الطبي وتحسين أوضاعهم وبيئة العمل داخل مصر، وكذلك الاهتمام بتدريب الأطباء وبالبحث العلمي.